الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، فبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى أله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهديه إلى يوم الدين ثم أما بعد:
فحديثنا في هذا المقال يدور حول فكرة تقويم الزوج لزوجته، وإصلاح ما اعوج من سلوكها وإكمال ما نقص من التزامها، وتأديبها وتعليمها، انطلاقا من ولايته عليها ومسئوليته عنها وحبه لها وحرصه على صلاح حالها في الدنيا والآخرة، وسوف نبين ضوابط ذلك التقويم بما يجعل الرجل قادرا على استيعابه وتفهم طرقه وحدوده، بلا جور أو تعسف.
تقويم الزوجة واجب على الزوج
لقد جعل الإسلام للزوج حق الولاية على زوجته، ومنحه الصلاحية لتقويمها وإصلاح اعوجاجها، وهذا نوع من التكليف اأكثر من كونه تشريف، وهذا من منطلق المسئولية التي القاها الغلام على كاهله تجاه زوجته، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ… إلى آخر الحديث).
ووالله لو طبق هذا الحديث وتحمل الزوج مسئولية تقويم زوجته، لما رأينا شوارعنا ممتلئة بالكاسيات العاريات، ولما رأينا تسلط النساء وسوء خلقهن الي يمتد ليلحق الضرر بالأباء الأمهات، ولما عانينا من القصور الرهيب في تربية الأبناء.
ويدخل ضمن التقويم الإصلاح أمر الزوجة بالصلاة ومن ذلك قوله تعالى: (أمر أهلك بالصلاة).
تقويم الزوجة حق لها
كل إنسان قد يضل عن الصاب وتزل قدمه،أو يصيبه اعجاج الخلق وانتكاس القيم فمن حقه متى حدث ذلك أن يجد من ينصحه، أمن حقه أن يجد من ينصحه ويقومه، ويدله على الطريق المستقيم، ومن أولى الناس بذلك من كان له صلاحية الأمر والنهي، لذا يقول الله آمرا كل راع ومسؤل عن زوجة أو أبنا: (يا أيها الذين آمنو).
طرق تقويم الزوجة
الغاية من التقيم هو التقيم في حد ذاته والإصلاح بما يستطيعه ولى أمر الزوجة وليس مجرد التسلط في استخدلم هذه الصلاحية بما يسيء للزوجة أو يضر بها أو يققل من كرامتها، من يفعل ذلك فإنما يسيء فهم الحكمة من وراء ذلك التشريع، ويختلط عليه المقصود منه.
ومن ثم فإن للتأديب طرقا وتدرجا يتأتى معه الإصلاح، يؤتي ثماره وطرقه واردة في الآية الكريمة: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
الخطوة الأولى: فأمر بالوعظ ابتداء، ويكون بالرفق ويبين لها الصاب من الخطأ، دون سب أو شتم أو تجريح، فإن استجابت للنصح وانصلح معه حالها فخيرا، فإن لم تستجب ولم يجدي معها فينتقل إلى الخطوة التي تلي الوعظ.
الخطوة الثانية: الهجر في المضاجع وله ضوابط وحدود، فمثلا يكون الهجر داخل البيت لا خارجه وأن لا يطول الهجر، وقد جعل الهجر في المضاجع من وسائل التأديب لأنه يزعج المرأة ويشعرها بعدم أهميتها، ويكسر بعض كبريائها، فإن زجرت بهذه الخطوة، واعترفت بخطئها فيكف عنه الرجل فورا، ولا يجوز في حقه أن يطيل مدة الهجر أو يبالغ في الخصومة ما دام المقصد قد تحقق، فإن لم ترتدع المرأة بتلك العقوبة فينتقل الزوج إلى العقوبة التي تليه.
الخطوة الثالثة: الضرب، ويجب أن يعرف كل زوج تسول له نفسه أن يستخدم هذا التصريح الرباني بالضرب في إيقاع الأذى بالزوجة أو التعسف معها أن الله لم يأمر بمنكر قط ، فقد شرع من الضرب ما كان خفيف غير مبرح، وإن الزجر العقاب في الضرب أصلا يأت من أثره النفسي والمعنوي وليس من قوته وإيذاء البدن الذي ينتج عنه.
وهكذا كان التدرج في وسائل التأديب لأن النساء مختلفات في طباعهن وما يناسب إحداهن قد لا يناسب الأخرى، ولكن يراعى في كل الأحوال أن الغاية هي التأديب والإصلاح ليس التشفي والانتقام، كما قد يفهم البعض.