هذه القيمة الإنسانية؛ التي تنمو وتزيد في قلب الإنسان بقدر محدد لجهة محددة!
هناك من ولاؤه للمال؛ فأينما وجد المال كان ولاؤه؛ إن جاءه أحد قال الولاء كله في ذاك الحيز وأصبح مواليا بشكل كبير لهذا المصدر.
وهناك من ولاؤه لرغبته.. لشهوته.. لنزواته.. يزلّ عنك بمجرد أن تبعدك الدهور.. وينساك مع آخر لحظة يراك.. لا يعرف للأخوة قيمة ولا للصداقة معنى ولا للزمن اعتبارا. العرب كانت تعطي لقمة العيش ولاء وتقول بينهم «عيش وملح» وهذا لا يسقي قلبه جغمة وفاء وولاء!
هناك من ولاؤه للحظته.. لزمانه.. ينسى الماضي ولا يعطيه أي قيمة.. يسلبه كل القيم والمعاني التي كانت فيه.. يتمنى أن يعيش اللحظة ولا يعرف لأي تاريخ ثمنا.
هناك من ولاؤه لذاته.. لجسده.. لكيانه: «إذا متُّ ظمآن فلا نزل القطر!
هناك من ولاؤه لشوقه.. لحبه.. للكيان الذي يعشقه أيا يكن هذا الكيان.. فريق أو معشوق أو وطن.
وهناك من يعرف لهذه القيمة حقها.. ويقدرها بقدرها.. فلا يبخس حقه بمقابل أن يعطي الناس ما له وما عليه.. ولا يجعل لقيمة الولاء اعتبارا فوق ما هي.. ولاؤه يذهب لما يستحق الولاء.. وقيمة ولائه بقدر ما يستحق.. فأهله وعشيرته.. ثم وطنه وأمته.. وقبل ذلك كله دينه وملته.. ولاؤه صنوف وأنواع.. وكلها تصب في مصلحة الكل دون بخس لمصلحته الخاصة.
أية قيمة للإنسان الذي لا يعطي ولاء لأحد؟ لا يوالي إلا من له عنده منفعة، فإذا أخذها نسف كل اللحظات والأزمنة. أزمته في كيف يشبع نزواته ومشكلته كيف يحقق المنفعة له فقط ولا لأحد سواه.
بعضهم! تكرمه جهة عمله فيعيش مع أبنائه بفضل دعمها أحسن معيشة.. ولا ولاء في قلبه لها! يريد مال قارون وملك فرعون وسلطة هامان حتى يرضى.. ولن يرضى!
وبعضهم، عشرة «بكسر العين» تجمعك به.. لا لقمة واحدة بل ربع جسديكما نما معا ومن مالكما معا.. دهور وأزمنة وسنون وأعوام مرت.. وبمجرد أن تزيحك الأيام وتبعدك الظروف .. ينسى ما كان ويدفنه في قبر لن يحفر إلى يوم الدين!
وبعضهم يسمع عن الولاء سمعا.. يعرفه فقط اسما ولا يتمثل به.. لا شكلا ولا معنى ولا طريقة.. ولا يمس جلدة قلبه ولا يحرك فيه شعرة واحدة.. كل الدنيا عنده «أنا».. وكل العالم يخدمه ويبحث عن مصالحه من خلاله!
تبا لدنيا تسلب القيم من القلب سلبا!
بقلم: محمد الصالح
وهنا تقرأ عن: النظارة السوداء والكتابة!
وهذا أيضًا مقال: قمة الشيخ وحدود الطفل.. أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة