الكثير من الأحداث التي نمر بها على مدار اليوم نفكر بها في العقل الباطن، لذلك عندما ننام قد نرى بعضاً من هذه المشاهد أو الأحداث على شكل منومات أو كوابيس، وقد نرى العديد من الرموز والصور المتداخلة والغير مفهومة التي تدل على أشياء نفكر بها ولم تخطر على بالنا أبداً.
“إن الأحلام والكوابيس هي أعراض نفسية وعصبية نمر بها فتظهر في نومنا” مقولة نسمعها كثيراً، لكل هل هي حقيقة أم لا؟
تفسير الأحلام والكوابيس عند الإنسان
اجتهد علماء الطب النفسي في تحليل الأحلام والكوابيس، فكانت الأحلام في تفسيراتهم هي نوع من النشاط العقلي الذي يحدث داخل المخ خلال اليوم، ويتفاوت محتوى الحلم من أفكار وصور بسيطة إلى قصص مطولة يصعب التفريق بينها وبين الحقيقة، وقد تتضمن الكثير من النشاط الجسدي، وغالباً ما تكون تنفيساً عن رغبات الشخص المكبوتة.
إن الاختلاف الوحيد بين الأحلام والكوابيس هو أن الكوابيس تكون مصاحبة بشعور قوي من الخوف والقلق، كما أوضح خبراء الطبي النفسي أنها تنتشر بشكل أكبر بين الأطفال، ويقل حدوثها كلما كبر الطفل، وعادةً ما تكون السيدات أكثر عُرضةً من الرجال.
كيف تحدث الأحلام والكوابيس؟
تقول الدكتورة لما الصفدي “أخصائية نفسية واجتماعية” أن الأحلام هي بمثابة صور وخيالات يكون الدماغ مسئول عنها في فترة ما يُسمى بالنوم العميق، وهي الفترة التي تكون تقريباً بعد مرور ٩٠ دقيقة من النوم أو مرحلة العين السريعة، لذلك فإن الشخص حين يحلم نلاحظ حركة سريعة في بؤبؤ عينه، كما أن الدماغ في هذه المرحلة يكون مسئولاً عن تجميع صور من الأحداث التي مرت معنا خلال فترة النهار، ومن ثم يقوم ببرمجة هذه الأحداث على شكل صور ورموز معينة أو على شكل أشخاص وخيالات.
وفي كثير من الأحيان لا نتذكر هذه الأحلام لأن مناطق عدة في الدماغ لا تشترك في تكوين هذه الأحلام، وأحياناً تكون صور هذه الأحلام غير مكتملة، ومن ثم فإن عالم الأحلام حتى الآن هو عالم كبير ومجهول تفسره كل الجهات بشكل مختلف عن الآخر.
الفرق بين الحلم والكابوس
هناك بعض الفروقات بين الأحلام والكوابيس من بينها:
إن الأحلام كما سبق الذكر هي بمثابة صور قد تكون موجودة في اللاوعي، كأحداث مرت علينا من قبل، أو تجارب لنا سابقة، ومن ثم حين نحلم فإن الدماغ يقوم باستحضار أشياء معينة كانت موجودة في هذه الأحداث.
أما الكوابيس، فهي عالم مختلف لأن لها أسباب عدة أغلبها جسدي مثل:
- تناول الطعام الحار.
- تناول أطعمة دسمة في العشاء.
- الحالة النفسية الصعبة والضيق والتوتر.
- المكان الغير مريح للنوم.
لذلك، فإن اللاوعي يقوم بتجميع كافة هذه الأحداث السلبية التي مضت عليه من قبل، وتبدأ هذه الأحداث بالظهور ليلاً إما على شكل أحلام جميلة أو كوابيس مزعجة.
تفسير تداخل الأحلام وعدم القدرة على فهمها
من الصعب تفسير الأحلام وفهمها لأنه ليست كل أجزاء الدماغ مشتركة في إنتاج الحلم، حيث أن بعض الأحلام تنتجها الجبهة الأمامية في الدماغ، ومناطق أخرى في الدماغ مسئولة عن حفظ الصورة قد لا تشترك في إنتاج الحلم وتفسير الصورة واللغة والكلام والمنظر والألوان الموجودة في الحلم، ولكن حين تشترك كل مناطق الدماغ في الحلم فمن السهل أن يتم تفسير الحلم أو تذكره سريعاً عند الاستيقاظ.
على الرغم من ذلك، يرى الكثير من أطباء علم النفس أن الأحلام والكوابيس قد تكون متنفس واضح للإنسان وللأمور التي أزعجته طوال اليوم.
تابعت “الصفدي”: أما عن الكوابيس المتتابعة أو المتكررة فإنها تأتي نتيجة لأن اللاوعي يعطينا إشارة بوجود موقف ما لم يتم معالجته بصورة صحيحة، وهذا الموقف من الممكن أن يكون قد تم في عمر الخمس سنوات أو الست سنوات، ولكن العقل لم يقم بالتخلص منه أو إيجاد تفسير منطقي له، أو على النقيض قام العقل بإنكاره أو الخوف منه، لذلك فإننا نلاحظ أن الكوابيس عادةً ما تلازم الأشخاص الذين تعرضوا في طفولتهم للتحرش أو الاعتداء أو لمواقف صادمة كالخسارة أو الطلاق، فضلاً عن أن الكوابيس قد تدل على وجود مرض معين كمرض باركنسون الذي يُعد بمثابة رعشة شديدة يعاني منها الإنسان، كما يشعر دوماً بوجود شيء يقوم بمهاجمته.
إلى جانب ذلك، هناك بعض الأدوية كمضادات الاكتئاب والهلوسة والصرع وبعض المضادات الحيوية التي تساهم في ظهور الكوابيس المزعجة عند الإنسان.
تفسير تحقق الحلم بعدها مباشرةً
لا يوجد هنالك تفسير علمي ومنطقي لتحقق الحلم بعدما يحلم به الإنسان مباشرةً لأن الحلم حينئذ هو في عالم الغيبيات أو عالم اللاوعي.
على الرغم من ذلك، قد يُفسر ذلك على أن هذه الأحلام هي في الأصل عبارة عن صور ورموز وأحداث مررنا بها من قبل، ومن الطبيعي أن تتكرر هذه الأحلام أو تلك الأحداث في حياتنا الواقعية مرة أخرى، ولكن حتى الآن لا تفسير منطقي لهذه الأحلام وتحققها.
أما عن تكرار الكوابيس عند الأطفال فيمكننا القول أنه على الأهل أن ينتبهوا إلى الكوابيس التي يعاني منها أطفالهم لأنها عبارة عن مؤشر للحالة النفسية السيئة التي يمرون بها.
أما عن تفسير ذلك فيأتي نتيجة لأن الطفل ليس لديه تفسير لكل ما يرى، ومن ثم فإن دماغ الطفل قد يخزن صورة أو حدث معين بطريقة غير صحيحة تجعله يرى هذا الحدث مرة أخرى على صورة كابوس صادم في منامه نتيجة خبرته الضئيلة في الحياة، لذلك فإن تكرار كوابيس الأطفال هو في المقام الأول نتيجة التفسير الخاطئ للأحداث من جانب دماغ الطفل، ومن ثم فإننا عادةً ما نرى الطفل يحلم بالوحوش والحشرات والأشياء المخيفة التي ليس لها أي تفسير منطقي من جانب عقل الطفل الصغير.
على الجانب الآخر، يمثل الطفل الأحداث الصادمة والاعتداءات التي يمر بها في صورة أحلام وكوابيس من الضروري أن يستشير الأهل مختص نفسي وطبي لمعرفة سببها.
تفسير ربط الأحلام بالشياطين والسحر
هناك ثقافات عديدة قد تربط أحداث معينة في كابوس ما أو حلم ما بالسحر أو بسكون الشيطان نفس الشخص.
أما من الناحية العلمية، فإن العلم لا يستطيع الاقتناع بأن هذه الأشياء يمكن أن تحدث، وذلك لأن الدماغ يقوم فقط بتفسير ما يحدث لها دون أن يكون للسحر أو للأعمال الشيطانية دور في هذه الكوابيس التي غالباً ما تكون نتيجة الصراعات الداخلية التي يعيش فيها الإنسان.
فضلاً عن ذلك، قد تتحقق الكثير من الأحلام والكوابيس وذلك لاقتناع البعض بأن ما يحلم به في منامه سيحدث ويتحقق له في حياته لا محالة، لذلك فإن طريقة تعاملنا مع الأفكار التي تأتينا هي ما تحدد الأشياء التي سنحلم بها، ومن ثم فإننا نلاحظ أن الأطفال الذين يعيشون في بيئة هادئة عادةً ما تأتي أحلامهم هادئة كذلك.
وختاماً، فيما يخص علاج الكوابيس، فيمكننا القول بأن علاج الكوابيس قد يشتمل على:
- الأذكار.
- قراءة القرآن الكريم المريح للنفس والذي يجعل الإنسان ينام في حالة هدوء وطمأنينة.
- الاهتمام بعدم تناول الطعام ثم النوم بعده مباشرةً.
- انتقاء نوعية الأطعمة التي تجنبنا الكوابيس المزعجة.
- النوم بطريقة مريحة وفي مكان هادئ.
- الامتناع عن استعمال الموبايل قبل النوم بساعتين على الأقل، لأن كل ما نقرأه من أمور سلبية سيُسجل بالدماغ ويأتينا في الحلم أو الكابوس.