لا شك أن قيمتي الصدق والمراقبة لله عز وجل في الأقوال والأفعال، قيمتان بالغتا الأهمية، فبهما يصلح حال الراعي والرعية وتنتهي نصف معاناتنا، لأن الكذب وعدم الخوف من الله هما أساس الرزيلة وجوهرها فلا تكاد تخلو معصية ولا ذنب من هذين الأمرين، فالكذب هو المخرج والمنجى من عقاب الناس وعدم الخوف من الله وعدم مراقبته إياه، يجعل الأنسان يمضي قدما في معصيته بلا رادع أو وازع.
لذا كان لزاما علينا أن نربي أبنائنا، وهم بناة الغد وصناع المستقبل على تعزيز وتقدير تلك القيم، حتى نحميهم من أنفسهم ونحمي المجتمع من أخطائهم، وهنا سوف نسوق بعض الطرق التربوية التي تساهم في غرس تلك القيم في أذهان وخواطر الأطفال.
بيان قبح الكذب وخطورته على الفرد والمجتمع
الكذب من أقبح المعاصي وأبشع الخصال التي متى التصقت بشخص، أصبح من الصعب التعامل معه أو الثقة في قوله أو أمانته، فقد ورد عن النبي أنه ما استقبح خلقا أشد من الكذب، وورد عنه –صل الله عيه وسلم- أنه قال: (إياكم والكذب فإنه مجانب الإيمان)، وربما تأتي بشاعة الكذب من كونه يجعل لصاحبه مخرجا من تحمل تبعات أخطائه، فمتى أنكر وكذب افلت من العقاب، وهذا يجعله يقبل على الخطأ بشعور من الأمان وعدم الخوف، كما أن الكذب يعتبر استهانة واحتقار للمخاطب، الذي يتلقى هذا الكلام.
المراقبة لله هي عماد الصلاح
تأتي المراقبة لله في الخلوات كمكمل لمعنى الصدق ومتمم لصوره، بمعنى أن المراقبة لله تنبع أصلا من الصدق مع الذات، والذي يورث الإخلاص ومفهومه الراقي، فحين يصبح الله عز وجل هو المقصود بأفعالنا وطاعتنا وهو الذي نخافه عند الزلات أو اقتراف الخطأ، يتحرر العبد من رغبته في ارضاء الناس أو خوفه من نقدهم أو عقابهم ومن ثم يسقط داع الكذب وتعلو عنده قيم الصدق.
كيف نعلم اولادنا تلك القيم
الأسرة هي المصدر الأول لمعظم القيم والسلوكيات التي يكتسبها الأطفال، حتى بعد خروج الطفل من دائرة الأسرة واحتكاكه بالمحيط الخارجي، بما في ذلك المدرسة والاصدقاء يظل العامل الأكبر في تشكيل نمط شخصيته هو الأب والأم، ومن ثم فهناك عدة طرق تساعد الوالدين على غرس الفضيلة والقيم الطيبة في نفوس الابناء ومنها:
القدوة الحسنة، أهم طريقة لإكساب الطفل سلوكا معينا أو غرس قيمة معينة لديه، حيث أن الطفل يحاكي الأبوين فيما يصدر عنهما من سلوكيات وأقوال ومعتقدات، فلا ينبغي اللجوء للكذب تحت أي ظرف أمام الأطفال، لأن هذا الأمر يحدث أثرا لا يسهل محوه.
الوفاء بالوعد يعزز عند الطفل قيمة الصدق، فيجب على أي من الأبوين كلما قطع على نفسه عهدا أوفى به والتزم بتنفيذه حتى لا يفقد الطفل الثقة فيه، ويتعلم التنصل من وعوده وبالتالي اختلاق الأعذار.
يجب أن يسير المعلم على نفس النهج ويكون حريصا فيما يصدر عنه من سلوكيات أمام تلاميذه.
توجيه الأطفال برفق نحو تلك القيم ولفت انظارهم إليها، مع ما يمر بهم من المواقف.
اعتماد طريقة القصص وضرب الأمثلة لتعريف الأطفال بأهمية الصدق وفضيلته، والتنفير من الكذب وبيان خطورته على الفرد والمجتمع، والقصص الواقعية أكثر من أن تُحصى في هذا الصدد.
تعليم الاطفال المفاهيم العقائدية الاساسية في ديننا ومنها بالتأكيد مفهوم المراقبة، وتوصيل فكرة أن الله موجود ومطلع على أفعالنا وأقوالنا وأن الله وحده الذي بيده الثواب والعقاب، ويكون التأكيد على تلك الأفكار والمفاهيم من خلال المواقف اليومية التي يمر بها الطفل، وتكرار تلك العبارات المتضمنة للمراقبة والإخلاص وغيرها، بما يتناسب مع النمو العقلي والقدرة الاستعابية للطفل.
لا يجب ان يترك الابوان أي خطأ يصدر عن الطفل، كان يكذب أو ياخذ شيئا بلا استئذان يمر دون تعقيب وتصحيح، لان ترك تلك المواقف والسكوت عليها يعتبر إقرار لها، وعندما يرغب الابوان في تصحيحها بعد ذلك يحدث لد الطفل ارتباك ويصعب ان يستجيب للنصح.
واخيرا ينبغي ان يكون لدى الاموالام من سعة الصدر ما يعينهما على تقبل اعترافت ابنائهم والإفصاح عن اخطائهم حتى ينمو لدى الاطفال شعورا بالأمان والطمأنينة، فيعتاد عل الوضوح والصراحة، ويتعلم كيف يبتغى وجه الله في كل تعاملاته متجردا من أي عوامل خارجية.