ثورة 25 يناير هي ثورة شعب انتبه من ثباته بعد سنوات وسنوات من الظلم وفرض القيود والسيطرة عليه، سنوات من الدكتاتورية المقنعة كانت بداية النهاية لها يوم 25 يناير عام 2011، حيث قرر الشعب أن يملي إرادته الحرة على القادة والسياسين وكبار رجالات الدولة، وأن يختار لنفسه مستقبلا يكتب سطوره بيده لا بيد غيره.
لم يكن اختيار يوم عيد الشرطة لبدء اندلاع ثورة 25 يناير اختيارًا عبثيا أو عشوائيًا، ولم يكن من قبيل الصدفة، بل كان بمثابة تسليط للضوء على موضع من مواضع ألم هذا الشعب ومعاناته، فكانت الشرارة مقتل الشاب خالد سعيدعلى أيدي رجال الشرطة الذين من المفترض أنهم في خدمة الشعب بعد تعرضه للتعذيب والمعاملة الوحشية.
قامت الثورة على أكتاف عدة جهات من المعارضة، وعدة حركات شبابية ثورية متحمسة ومنهم حركة كفاية، وشباب الإخوان المسلمين، وحركة 6 ابريل، بالإضافة إلى المجموعات والحركات المؤثرة في إحداث الحراك الثوري عبر مواقع التواصل الإجتماعي فيس بوك وتويتر وغيرهم.
أهم أسباب الثورة
إن الأسباب التي دعت الشباب إلى الثورة والتمرد على الأوضاع السياسية والاجتماعية كثيرة ومتداخلة، ولعل على رأسها القيود الصارمة التي فرضتها الشرطة على المتظاهرين، وتقييد التعبير عن الرأي والممارسات القمعية التي تمثلت في قانون الطوارئ وما حصده تنفيذ هذا القانون من ضحايا من الشباب الحر الثائر، بالإضافة إلى الصلاحيات اللامحدودة التي منحها النظام والقانون للشرطة مما أغراهم بانتهاك كافة الحقوق الإنسانية في تعاملهم مع الحركات الشعبية والشبابية التي قررت أن تعبر عن اعتراضها وتعلن استيائها من الأوضاع البغيضة التي يعانيها العباد والبلاد، من إلقاء القبض والتفتيش والاعتداء اللفظي والبدني، و الهمجية وممارسة العنف بكل صوره.
ومن الأسباب الهامة أيضًا تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية إلى درجة كبيرة جدًا في ظل الفساد الذي بات يضرب بجذوره في كل الميادين والمجالات، والمصالح فقد عم الفساد وطغت الوساطة والمحسوبية والرشوة على كل شيء فأصبح تولي المناصب والسلطات مرهونا بالوساطة ومبنيا على المصالح الشخصة والأهواء الخاصة، بغض النظر تمامًا عن الكفاءة والإمكانيات والمهارات.
انتشار البطالة وعجز الشباب عن إيجاد فرص عمل مناسبة لطموحاتهم ودراساتهم، وانعكاس ذلك على مجرى حياتهم دفعهم للغضب والعصيان لكل شيء.
التزوير والغش في الانتخابات وسيطرة الحزب الحاكم على مقاعد مجلس الشعب، وما انطوت عليه من انتهاك لحقوق القضاء المصري، والذي بات واضحًا من التعارض الواضح بين نتائج الانتخابات وما يعج به الشارع المصري والأوساط الاجتماعة والشبابية من رفض وحنق على النظام الحاكم.
كما جاء إصرار الرئيس السابق محمد حسني مبارك على التمسك برئاسة مصر لفترة قاربت على الثلاثين عامًا، مع كل هذا التدهور الاقتصادي والظلم الاجتماعي وما تردد بعد ذلك عن نية توريث الرئاسة لجمال مبارك ليعزز رغبة الشعب المصري في الثورة، ويؤجج غضبه وتمرده.
هل آتت ثورة 25 يناير ثمارها؟
ويبقى هذا هو السؤال الأهم على الإطلاق، والذي يحار المتأمل في الإجابة عليه، وخاصة بعد مضي هذا العدد من السنوات على حدوث ثورة الخامس والعشرين من يناير، فبينما أفلحت الثورة في الإطاحة برأس النظام الدكتاتوري الغاشم، فقد عانت مصر (ولا زالت تعاني) ويلات الفوضي والخداع وغياب الديمقراطية الحقيقة عن الحياة السياسية، ولا زالت الصورة مشوشة ولا يستطيع المواطن العادي الإجابة عن هذا السؤال بثقة ووضوح وأريحية، وما زال الشعب حتى الآن محرومًا من الكثير من حقوقه وعاجزًا عن فهم حقيقة الأوضاع السياسية في مصر، ولا يزال ضحية للتناحر والاختلاف بين الأحزاب السياسية وبين الجهات الحاكمة والمعارضة.