سيكون هُنا الحديثُ الجَلل في موضوع تعبير عن الصدقة وفضلها. وسيكون المقال مُدعّمًا بالعناصر، وكذلك الآيات والأحاديث التي تُبيّن فضلها. فالصّدقة من أسرع الأخلاقيات التي تُكفِّر الذنب، فإذا كُنت مُذنبًا، وهو حالنا جميعًا مِصداقًا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم “كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون”، فسارع بالاستغفار والتّوبة ومعهما الصّدقة.
موضوع تعبير عن الصدقة
النبي عليه الصلاة والسلام قال لمعاذ -وهو صحابي جليل من صغار الصحابة- قال والله إني أحبك، -ومعلوم أن النبي ﷺ لا يحتاج إلى أن يُقسم، لكن حتى يبقى للحديث مقام في قلب معاذ- إلى أن قال له “ألا أدلك على أبواب الخير؟”. أي أن الخير لا يمكن أن يكون محصورًا في شيء واحد، لأنه إن محظور محصورًا في الصدقة لضاع الفقراء، ولو قلنا أنه محصورًا في الصيام لضاع المرضى. لكن الله -عز وجل- جعله منفتحًا.
وأكمل -صلى الله عليه وسلم- “الصوم جُنّة، والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار“. وفي حديث آخر “الصدقة تطفئ غضب الرب“.
فما أحوجنا، كُلنا ذو خطأ، فعندما يكون الإنسان متصدقًا فعلى الأقل بهذه الصّدقة يدفع غضب الله عنه في الدنيا حتى لا يُبادر بالعذاب.
الصدقة تبارك في المال
كما يُبارك الله -عزّ وجل- في المال، ولهذا، فقد جاء في الحديث “ما نقص مال من صدقة“. إذًا فبالصدقة الإنسان يتقي الذنوب التي على كاهله، وكذلك يبارك الله له في ماله. وقد دلت على ذلك آيات وأحاديث كثُر.
ولما قيل لأبي الدرداء -وهو أحد حكماء وكبار الصحابة- قيل له فضل الصوم؟ قال الصوم ذو فضل لكن ليس بذات -يعني لا يصل إلى المحل الأرقى- فلما سُئِل تلى قول الله عز وجل “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ”.
فضل الصدقة في القبر
وفي القبر تأتي الصدقة، قال ﷺ «إن الصدقة لتُطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظلُّ المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته» ~ صححه الألباني. فقد كتاب الله -جل وعلا- أن هذه القبور مملوءة ظُلمة وحَرّ على أهلها -هذا في الأصل- فتأتي الأعمال الصالحة، والنبي عليه الصلاة والسلام لما صلى على قبر امرأة لم يدرك تشييع جنازتها قال “إنَّ هذِه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً علَى أَهْلِهَا، وإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهَا لهمْ بصَلَاتي عليهم”. صلوات الله وسلامه عليه.
فدُعاءه صلى الله عليه وسلم وصلاته ليست كصلاة ودعاء غيره، كذلك أعمال صالحة نَصّ هو عليها وهو الصادق المصدوق “إن الصدقة لتُطفئ عن أهلها حر القبور“.
وعندما تأتي ساعة الموت وتأتي الأعمال الصالحة وتكون بين عيني الملك قبل أن يقبض الروح. فعلى قدر العمل الصالح يكون نزع الروح، فتأتي الصّدقات التي هي من أعظم القربات عند الله -عز وجل- وكذلك الصلاة وأمور الدين تجعل الملك يرفِق بهذه الروح وهو ينزعها.
فلا تحرِم نفسك أيها المؤمن من ثواب عظيم في الآخرة، وفي قبرك. وكذلك نماء مالك وزيادة البركة فيه بتلك الصدقات المباركات.
إن الله يجزي المتصدقين
واعلم أن الإله العظيم جل جلاله يُسترضى بالصدقة، فأنت اذا اخطات بحق الإله العظيم واستغفرت وتبت قَبِل التوبة. وقد سُمّيت صدقة لأنها تؤكِّد صدق الإنسان.
فحينما تأتيك أجور أعمالك في الدنيا ويبارك الله لك، وحينما ترى عملك الصالح صار فرحًا، فأنت ترسِم بسمة على وجوه الصغار وأهل بيتك. حيثُ أنّ العمل الصالح له آثار لا يعلمها إلا الله -تبارك وتعالى-.
ولا توجد طريقة تؤكِّد بها محبتك لله -تعالى- إلا إذا خالفت طباعك، فالطبع أخذ المال، والصدقة دفع المال. الطبع أن تملأ عينك من محاسن النساء، والتكليف أن تغُضّ البصر. الطبع أن تخوض في فضائح الناس والتكليف أن تصمت.
فلأن الطبع يتناقض مع التكليف كان تناقض الطبع مع التكليف ثمن الجنّة. يقول -تعالى- “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى”.
والله -تعالى- يكافئ بعض المحسنين تشجيعًا للباقين، ويعاقب بعض المسيئين ردعًا للباقين. وما تلف في بر أو في بحر إلا بحبس الزكاة، فالمال الذي تزكي عنه لا يمكن أن يتلف. إنما هو محفوظ ويتم تطهيره بزكاتك وصدقاتك.
فلا تبخل أن تُخرج صدقات سيتنفك في الدنيا والآخرة.