لأجل كل ذلك وأكثر ولأننا سوف نحتفل قريباً بعيد الأم فإننا يشرفنا ويزيدنا فخراً أن نكتب تعبير عن الأم في عيدها وأن نحاول أن نذكر أنفسنا وغيرنا بعظيم فضلها وكريم عطائها، وأن نعيد صياغة علاقتنا بها وبرنا بها، وإحساننا لها، فتابعو مقالنا، الذي نكتبه بمداد الحب والشكر والتقدير والاحترام.
تعبير عن الأم في عيدها
إن مكانة الأم جد غالية وعظيمة وعالية، ومقامها على الرأس وفي القلب، وفضلها علينا لا حد له ولا عد له، مهما قلنا فيها أو عنها فلن نوفيها حقها ولن نستطيع رد ولو جزء من جميلها، وطيب صنعها معنا، ولكنا سنحاول محاولة متواضعة أن نقترب من الأم ونلقي الضوء على بعض تضحياتها وما يجب علينا فعله تجاهها، وكيف يمكننا أن نجاهد لنيل رضاها ورد بعض معروفها.
ما رأيك أن تُلقي نظرة على: هدايا عيد الأم رخيصة
تضحيات الأم لا تُعد
حين تذكر التضحية تذكر فوراً الأم، وحين يذكر العطاء تنصرف العقول والقلوب فوراً إليها، فالتضحية طبع فيها وهي ديدنها، ودأبها، وهي جزء مما تنطوي عليه معاني الأمومة ومسؤوليتاها، ومن الجدير بالذكر أنه مهما اختلفت الأمهات ومهما اختلفت طباعهن أو شخصياتهن أو حتى ظروف الحياة التي يعشنها، فتظل التضحية قاسم مشترك بين الأمهات وسمة فيهن جميعاً، صحيح أنها تتفاوت وتختلف في درجاتها ولكنها لا تخلو منها أمومة أنثى، ولا مشوار تربيتها وعطائها، والتضحية تأخذ أشكالاً وصوراً متعددة بحسب ما تقتضيه طبيعة الحياة التي تعيشها الأم ولعل من أشهر وأبرز صورها ما يلي:
١. تضحية الأم بالوقت
رحلة التربية، بل من قبلها رحلتي الحمل والرضاعة تستغرق وقتاً طويلاً وتستنزف ساعات اليوم وتستغرق أيام السنة، فبمجرد أن ترزق الأم بالطفل تبدأ أولوياتها في التغير وتبدأ اهتماماتها في التراجع، فبعد أن كانت حرة ومخيرة في الطريقة التي تمضي بها وقتها بات جل وقتها يذهب مع طفلها في ارضاعه أو الاهتمام بنظافته أو رعاية صحته، بل حتى مداعبته وملاعبته تأخذ من وقتها، وبعد الفطام تبدأ مرحلة جديدة من التركيز والاهتمام به ورعايته ومراقبته خشية التعرض لأي خطورة أو حوادث أو إصابات، وتظل مراقبته شغلها الشاغل وهدفها الرئيس طوال يومها.
ومع بداية مراحل الدراسة تحرص الأم على الاهتمام بالطفل وتعليمه وتأسيسه في الدراسة بما يؤمن لها رحلة تعليمية موفقة وناجحة، فتقضي الساعات الطوال في تعلمه الكتابة والقراءة والحساب ومتابعته، وتشجيعه وتصحيح أخطائه.
حتى بعد أن يكبر الطفل ويصل إلى مراحل من العمر يستطيع معها الاعتماد على نفسه في الدراسة، تحرص الأم على متابعته ودعمه وتوفير كل وسائل الراحة التي تعينه على الدراسة والتركيز، ولا شك أن كل هذا يأخذ من وقتها وعمرها، ولعل أقسى لحظات استنزاف الوقت والعمر تلك اللحظات التي يحتلها القلق بشأن أبنائها فتجد عقلها وقلبها يتوقفان عن التفكير في نفسها أو أي شيء آخر حتى تطمئن على ابنها، وسلامته.
وهكذا عام بعد عام ومرحلة بعد مرحلة تجد الأم الشباب قد مضى والسنوات قد انقضت إكراماً لهذا الابن الغالي، ولا تبالي ولا تتحسر على ذلك ولا تندم أبداً، بل تقدم عمرها على طبق من ذهب.
٢. تضحية الأم براحتها
أما عن تضحية الأم براحتها وصحتها فحدث ولا حرج، فالأم منذ اللحظات الأولى من قدوم ابنها أو ابنتها تمضي عقد تنازل عن الراحة والاستقرار، وتقبل بحب وشغف على رحلة طويلة من التعب والمشقة وبذل الجهد الكبير في سبيل خدمة أبنائها ورعايتهم والاهتمام بهم وتحقيق أفضل درجة ممكنة من الرفاهية والراحة لهم، ولا تلتفت في ذلك إلى نفسها ولا تبالي بضعف جسدها، ووهن صحتها مع مرور الوقت.
وهنا: كلمة عن عيد الأم
فالأم هي التي تتولى خدمة الطفل والعناية التامة الكاملة به طوال أعوامه الثلاث أو الأربعة الأولى، ثم يعتمد على نفسه إلى حد ما في المشي والتعبير عن رغباته واحتياجاته، لتبدأ رحلة أخرى من الاعتماد عليها في تربيته وتعليمه السلوكيات والقيم، ومساعدته بصورة كبيرة جداً في دراسته، بالإضافة إلى استمرار بعض الواجبات الثابتة والتي لا تقبل النقاش تقريباً، وهي مهام الغسيل والكي وتنظيف البيت واعداد الطعام وما إلى ذلك من المهام اليومية التي تلقى كاملة على عاتقها، ونادراً ما يحل أحد ما محلها، فتُفتَقد مهارتها أو ربما حبها الذي يغلف كل شيء تقدمه، ويمنح كل طعام تعده مذاقاً خاصاً ومميزاً جداً.
ولعل من أبرز ملامح التضحية براحة البدن أن الأم حتى في لحظات تعبها أو مرضها تكابر وتنكر ذلك، وتقاوم رغبتها في الراحة، وتدعي طوال الوقت أنها قادرة على العمل وأن صحتها على ما يرام، وحين تعلن الأم تعبها فغالباً تكون قد استنزفت كل محاولات المقاومة وظهر عليها المرض بصورة لا تستطيع اخفائها، ووالله حتى في هذه اللحظات يثقل عليها ترك العمل لأجل أبنائها، ويعظم في نفسها عجزها عن مساعدتهم ومد يد العون لهم، فتدعو حين تدعو بالصحة والعافية لأجلهم، وحين تتمنى أن تعاود الوقوف على قدميها يكون الدافع الأول أبنائها وبيتها، فهكذا هي الأم شمعة تحترق لأجل غيرها.
كيف نرد جميل الأم وتضحياتها
لنتفق أننا مهما فعلنا للأم فلن يملك أحدنا أن يعيد لها شبابها أو أيام عمرها المنصرم، ولا يستطيع أحدنا أن يعوضها عن كل ساعة كانت تتوق فيها للراحة والسكينة فلا تجدها، كما نتفق أن كل كلمات الشكر عاجزة عن الوفاء بفضلها، لذا يجب علينا أن نفعل شيئين في غاية الأهمية:
- أولهما: أن نعبر لها دائما عن الامتنان والعرفان، ونظهر لها أننا مقدرون لتضحياتها الغالية، وعطائها الكريم، وأن نردد دائما عليها كلمات الشكر والمدح والثناء، وأن نتذكرها بهدايانا وعطائنا، ونتعهدها برعايتنا واهتمامنا كما كانت تفعل معنا.
- وثانيهما: أن نجبر خاطرها بأن نثبت لها طوال الوقت أننا نبت طيب ونشئ صالح، وأن جهودها في تربيتنا وتعليمنا، وسعيها الدؤوب لإصلاح أخلاقنا وتقويم اعوجاجنا أتى ثماره ولم يذهب سدى، فإن الأم تنسى كل متاعبها وتضحياتها بمجرد أن ترى أمامها ابنها ناجحاً وموفقاً وسعيداً في سائر جوانب حياته، فتلك هي المكافأة الكبرى لكل أم، فاحرصوا على أن لا تحرموها منها.
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي فيما يقوله عن الأم:
الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه
حرَمٌ، سماويُّ الجمالِ، مقدَّسُ
تتألّه الأفكارُ، وهْي جوارَه
وتعودُ طاهرة هناكَ الأنفُسُ
حَرَمُ الحياة بِطُهْرِها وَحَنَانِها
هل فوقَهُ حرَمٌ أجلُّ وأقدسُ؟
بوركتَ يا حرَمَ الأمومة والصِّبا
كم فيك تكتمل الحياة وتقدُسُ
وبالفعل كما يعبر الشاعر إن حرم الأمومة مقدس، وسرها عظيم، ومكانتها عالية المقام، لا تضاهيها مكانة مخلوق أو محب مهما كان، فلا الابن ولا الأخ ولا حتى الزوجة أو الحبيبة أو الصاحب الوفي يمكنه أن يزعم أنه يحمل لنا ما يحمله قلب الأم من الحب الدائم، والوفاء المطلق الذي لا يغيره الزمان ولا المكان ولا الظروف.
وإليك: معلومات عن عيد الأم
وفي الختام: كان هذا “تعبير عن الأم في عيدها” تكلمنا فيه عن جانب واحد من جوانب الأمومة وملامحها، وذكرنا أمثلة محدودة من تضحياتها، وفضائلها علينا لنتذكر واجبنا نحوها وما ينبغي أن نفعله تجاهها من صور الشكر والامتنان والعرفان بالجميل، والله الموفق والمستعان.