“الشكوى من آلام الظهر مسألة شائعة جدًا، ويعتبر ألم الظهر السبب الأكثر إنتشارًا للتوجه للعلاج الطبي وللتغيب أحيانًا عن العمل، فمتى تكون أوجاع الظهر هي مجرد عارض صحي، ومتى يجب التنبه لخطورتها؟!”.
هل يمكن تصنيف وتقسيم آلام الظهر؟
قال “د. خضر حيدر” أخصائي جراحة العظام. يمكن تصنيف آلام الظهر إلى:
آلام الظهر العابرة: وهي التي تدوم لثلاثة أيام أو أسبوع، أو التي تظهر فجأة بعد ممارسة مجهود بدني أو حمل أثقال أو الإنتقال من أماكن باردة إلى مناطق ساخنة والعكس. فكل هذه الحالات يحدث معها تشنجات عضلية مما يؤدي إلى ظهور الألم.
آلام الظهر الحادة: وهي التي تدوم لأقل من ثلاثة أشهر.
آلام الظهر المزمنة: وهي التي تدوم لأكثر من ثلاثة أشهر.
وبالنسبة لآلام الظهر الحادة أو المزمنة فلها أسباب عدة يمكن إختصارها تحت قسمين رئيسيين هما: أسباب عضوية، وأسباب نفسية.
ومع الفحص السريري يبدأ الطبيب في التعرف على الأعراض المرضية الأخرى المصاحبة لآلام الظهر عند المريض، فوجود آلام في المسالك البولية مع آلام الظهر يشير إلى أن المشكلة المرضية في الكليتين وليس الظهر، كذلك فإن العمود الفقري محاط من اليمين واليسار والأمام بعدة أعضاء كالكبد والطحال والرحم، وعند وجود آلام في هذه الأعضاء قد تنتشر بالضرورة لتبلغ الظهر كله. وعليه يجب تحديد السبب المباشر في آلام الظهر، لتحديد طريقة العلاج الأنسب.
أما إذا تأكد لدى الطبيب أن مصدر الألم هو الظهر ولا شيء غيره، يبدأ في تحديد محدودية الحركة عند المريض أثناء سيره على رؤوس أصابع أقدامه أو على الكعبين، وكذلك مع تحريك ظهره إلى الأمام وإلى الخلف واليمين واليسار.
وبيان القدرة على الحركة هنا يعد خطوة إستكشافية لتحديد مكان الألم وحدته.
ويمكن كذلك إستخدام المطرقة، كأداة تشخيصية لتحديد قوة الأعصاب وحجم الألم وأماكن إنتشاره في الجسم.
وأشد آلام الظهر خطورة تلك الناتجة عن ضغط غضاريف العمود الفقري على الأعصاب بعد خروجها من مكانها بفعل الإنزلاق الغضروفي، حيث أن ضغط المادة الهلامية على الأعصاب القريبة من مكان خروجها يؤدي إلى ظهور الألم والتنميل والإخدرار بالطرف السفلي الخاص بالعصب المضغوط، وفي بعض الأحيان قد يتطور الأمر إلى حدوث الشلل وعدم القدرة على تحريكه.
والأمر شبيه أيضًا حال الإصابة بديسك الرقبة، إلا أنه يؤثر على الأطرف العلوية عند ضغط المادة الهلامية على الأعصاب القريبة من فقرات الرقبة.
آلام الظهر من الأسباب الأكثر شيوعًا التي تدفع بالمرضى إلى إستشارة الطبيب، فبحسب دراسات من جامعة هارفارد الأمريكية 80% من سكان العالم يعانون من آلام في الظهر مرة على الأقل في حياتهم، فهي حالة شائعة ولكنها قد تكون خداعة.
فألم الظهر لا يعني بالضرورة مشاكل في العمود الفقري، فبعض هذه الآلام قد تشير إلى أمراض باطنية كإلتهابات المثانة التي قد تسبب آلام مزمنة في الظهر. كما أن أوجاع أحد جانبي أسفل العمود الفقري المصحوبة بإرتفاع درجة الحرارة هي أحد عوارض إلتهاب الكُلى، ولا يكون للعلاج عادةً أي علاقة بالظهر بل يتم من خلال مضادات للإلتهاب.
أما الألم في أحد جانبي نصف الظهر فقد يدل على وجود حصى في الكُلى، وذلك يستدعي شرب كمية كبيرة من السوائل لتخفيف الألم.
أما آلام الظهر التي تصاحبها آلام في المعدة، فقد تدل على الإصابة بإلتهاب في البنكرياس، فالدراسات توكد أن 30% من مرضى إلتهاب البنكرياس يشكون آلامًا في الظهر.
أما الأخطر فهو أن بعض آلام الظهر قد تدل على وجود بعض الأورام، وهذا لا يجب التهاون فيه أبدًا. لذا يجب على كل شخص أن يزور الطبيب متى ما شعر بأن آلام ظهره.
كيف تُشخص آلام الظهر؟
أشار “د. خضر” إلى أنه يأخذ تشخيص آلام الظهر وتحديد أسبابها مجموعة من الخطوات، هي:
يبدأ التشخيص عادةً بالفحص السريري للمريض بهدف جمع المعلومات والتعرف على مدى إرتباط آلام الظهر التي يعاني منها المريض بأنشطته الحياتية اليومية، مثل الذين تفرض عليهم طبيعة أعمالهم حمل أوزان ثقيلة أو الجلوس في نفس الوضعية لساعات طويلة. ويتم خلال المعاينة السريرية أيضًا فحص الأعصاب والعضلات وحركات العمود الفقري.
قد يستعين الطبيب ببعض الفحوصات المخبرية مثل فحوصات الدم المحددة لنسب كريات الدم الحمراء والبيضاء، والدالة على وظائف الكُلى. إلى آخر هذه الفحوصات التي تساعد في إستبعاد مسببات آلام الظهر بالتتابع بدءًا من الأمراض البسيطة وحتى الأورام السرطانية في الأعضاء المحيطة بالعمود الفقري.
كذلك قد يستعين الطبيب بالصور الشعاعية والرنين المغناطيسي والتصوير النووي.
يتأخذ الطبيب خطوات إجرائية للتعرف على تزامن آلام الظهر مع زيادة الوزن أم مع نقصه لأن تشخيص الألم يختلف تمامًا باختلاف الحالتين.
ومع التقدم في البرنامج العلاجي قد يلجأ الطبيب إلى إستخدام خطوات تشخيصية متخصصة تبعًا لإستجابة المريض للعلاج وإحراز النتائج من عدمه، وتبعًا لظهور وتطور أعراض أخرى خلال مرحلة العلاج أم لا.
متى يمكن اعتبار آلام الظهر مشكلة صحية متفاقمة؟
شدد “د. خضر” على أنه إذا استمر الألم لمدة 15 يوم متواصلة على نفس شدته، حتى مع تناول الأدوية ولكن بدون إحراز نتائج في تخفيف الآلام، استدعت الحالة هنا إعادة إستشارة طبيب العظام أو طبيب الأعصاب لإعادة التشخيص واللجوء لأساليب تشخيصية أخرى.
وبشكل عام يمكن تقسيم آلام إعتلال الديسك (وهو أكثر الأمراض الظهرية المسببة لآلام الظهر) من حيث الشدة إلى خفيفة ومتوسطة وشديدة.
وتعتبر آلام الديسك الشديدة أحد مشكلات آلام الظهر المتفاقمة لأنها قد تؤدي إلى الإصابة بالشلل، لذلك هو من الحالات التي تحتاج إلى التدخل الطبي الفوري، والتي قد تحتاج إلى تدخل جراحي طاريء، خصوصًا مع الضغط المتزايد للديسك على العصب. أما مع حالات الديسك الخفيفة والمتوسطة يمكن أن يكون العلاج الدوائي هو الحل الأمثل المبدئي للشفاء من المرض، وبالتبعية التخلص من الألم.
ونشير هنا إلى أن إستعمال المستحضرات الموضعية والمراهم مع آلام الظهر المحدودة قد يفيد علاجيًا نوعًا ما، خاصةً مع الآلام والأوجاع السطحية، إلا أنه من المعروف طبيًا أن الأدوية الموضعية لا يصل منها إلى أماكن الألم الداخلية العميقة سوى 2% فقط، الأمر الذي يلزمه بالضرورة إستشارة الطبيب المختص لتحديد الأدوية العلاجية المناسبة بعد التحديد الدقيق لمكان الألم.
ما أهم علاجات آلام الظهر؟
تشتمل الأدوية المعالجة لآلام الظهر على مجموعة من الأدوية ذات التأثير الطبي المختلف، فمنها:
الأدوية المهدئة والمسكنة للألم، والأدوية المخدرة مع بعض الحالات.
الأدوية التي تُرخي عضلات الظهر.
الأدوية المضادة للإلتهابات، والمضادات الحيوية إذا كان الإلتهاب أحد أنواع الإلتهابات الجرثومية.
مع بعض الحالات قد يتضمن البرنامج الدوائي مجموعة من أدوية الفيتامينات ومغذيات الأعصاب.
ولا يفوتنا القول بأن بعض حالات آلام الظهر تتطور للدرجة التي تستدعي التدخل الجراحي، كما في حالات تطور الإلتهاب الجرثومي إلى تكون وتجمع الخُراجات في الظهر، وعليه يكون التدخل الجراحي هو الوسيلة المُثلى لإستئصالها.
ما أخطر المضاعفات الصحية لمرض إعتلال الديسك؟
أخطر الأعراض الصحية التي يمكن أن يسببها إعتلال الديسك هي الوصول لمراحل من الشلل في الأطراف، وعادةً ما يكون ذلك مع الدرجات الخطيرة منه، كما أنه الباعث الأساسي في اللجوء إلى العمليات الجراحية كعلاج.
ونشير هنا إلى أن التدخلات الجراحية يمكن اللجوء إليها أيضًا حال إصابة الظهر بأورام سرطانية خبيثة، خاصة عند الإصابة بسرطان الظهر الثنائي، أي يكون الورم السرطاني في عضو من الأعضاء كالبروستاتا أو بالثدي عند المرأة ثم انتشر حتى وصل إلى العمود الفقري.
كيف نتفادى الإصابة بآلام الظهر؟
للوقاية من آلام الظهر والأمراض المسببة له علينا إتباع بعض العادات الصحية الهامة عند ممارستنا لأنشطة الحياة اليومية، ونذكر منها على سبيل المثال:
التعود على وضعية الجلوس التي يكون فيها العمود الفقري مستقيمًا، مع توازي الركبتين مع الحوض.
القيام من وضعية الجلوس وتحريك كامل الجسم كل ساعة تقريبًا.
التنبه إلى عدم إنحناء العمود الفقري إلى الأمام عند القيام بإلتقاط شيء من على الأرض، وخاصة إذا كان هذا الشيء ذو وزن ثقيل.
تعتبر ممارسة تمارين المشي والسباحة من أكثر العوامل الواقية من الإصابة بأوجاع الظهر.
ضرورة الإهتمام بالتخلص من الوزن الزائد والبدانة بإتباع الحميات والنظم الغذائية الصحية، لأن زيادة الوزن تؤدي إلى زيادة الضغط على الديسك، ومن ثَم إتلافه وخروج المادة الهلامية منه وضغطها على الأعصاب.
التعود على تدريب وتقوية عضلات الجسم بممارسة الرياضة.
هل تتسبب حقن الإبيدورال المستعملة عند الولادة لتخفيف الألم في مضاعفات صحية على الظهر مستقبلًا؟
قديمًا كانت تسبب هذه الأنواع من الحقن مضاعفات صحية مستقبلية، خاصةً مع عدم إعتياد وخبرة أطباء التخدير على الطرق الصحية السليمة في الإستعمال، أما الآن أصبحت نسبة تسببها في مضاعفات على الظهر نادرة جدًا ولا تتعدى 2 في 1000.
ما هي طرق علاج إلتواء العمود الفقري وآلامه؟
تختلف طرق علاج إلتواء العمود الفقري تبعًا لدرجته والفئة العمرية للمريض أي أنه حدث خلال مراحل النمو أم مع التقدم في العمر، وينقسم إلتواء العمود الفقري إلى إلتواء بسيط ومتوسط وخطير، والتدخل الجراحي هو العلاج الوحيد للإلتواء في درجته الخطيرة، والدرجات الأخرى يمكن أن يكفيها الدواء وتمارين العلاج الطبيعي.