يُعد مرض الشلل الدماغي ناقوس خطر كبير يهدد الأطفال وحياتهم فيما بعد، ومن ثم يجب على الأهل ضرورة اكتشاف المرض ومحاولة تشخيصه في عمر مبكر قد يكون عمر الشهرين أو الثلاثة أشهر من عمر الطفل من خلال ملاحظة عدم قدرة الطفل على الحركة أو التحكم في توازن جسمه.
فضلاً عن ذلك، هناك بعض التحديات التي تواجه العديد من أطفال الشلل الدماغي من أهمها العامل البشري المدرب على التعامل مع هؤلاء الأطفال، وهنا وجب علينا التنويه إلى أهمية وجود هذا العامل المدرب ليكتمل البرنامج العلاجي لهؤلاء الأطفال بشكل صحيح.
كيف ترى واقع الخدمات الصحية والطبية المقدمة لأطفال الشلل الدماغي؟
يرى الدكتور عبد المهدي غريلات ” دكتوراه في الإعاقة الحركية والصحية ” أن الواقع الصحيح للخدمات الصحية والتربوية المقدمة لأطفال الشلل الدماغي هي دون المستوى المطلوب لأن المراكز والخدمات التي تقدم هذه الخدمات لفئة الشلل الدماغي مختصرة فقط على برنامج تقوية العضلات عن طريق تمارين العلاج الطبيعي، بينما لا يُعقل أن تعتمد فئة أطفال الشلل الدماغي على هذه الخدمات الطبية الممثلة في العلاج الطبيعي فحسب، على الرغم من أن برنامج العلاج الطبيعي يساعد هذه الفئة في تقوية العضلات، دون النظر إلى الصحة النفسية والاجتماعية والعلاجية والتربوية لهذه الفئة، فضلاً عن الخدمات التعليمية والتثقيفية والإرشادية العلاجية للأطفال، ومازالت هذه الفئة تفتقد إلى البرنامج التعليمي الغير موجود في العديد من مراكزنا باستثناء بعض الجمعيات ومراكز الشلل الدماغي التي تقدم خدمة مقبولة نوعاً ما لأطفال الشلل الدماغي فيما يخص الخدمة التربوية والعلاجية بشكل خاص، لكن بعض المراكز الموجودة في المحافظات لا توجد بها هذه الخدمات بشكل مميز خاصةً الخدمات الحركية والتعليمية.
كيف يمكن تشخيص مرض الشلل الدماغي وكيف يمكننا التعامل معه؟
يصيب مرض الشلل الدماغي ما يقرب من طفلين من كل ألف طفل، ومع الأسف بعد ظهور الشلل الدماغي عند الطفل فإن أهله الغير مقتدرين مادياً قد لا يمكنهم علاج الطفل بشكل صحيح خاصةً وأن علاج هذا المرض في المراكز والعيادات المختصة مكلف جداً، ومن ثم فإن هذه الفئة من الأطفال لا تُقدم لها أي خدمة تخص هذا المرض، بينما الأغنياء أو المقتدرين مادياً يمكنهم العمل على علاج ابنهم بشكل يسير.
مضيفاً: لا تُعد مدارسنا التعليمية الآن مهيأة لاستقبال مثل هذه النوعية من الأطفال الذين يعانون من هذا المرض ولا يمكنهم الاندماج في المدرسة لأن أغلب الحالات هي حالات تصلبية تيبسية.
يحتاج أطفال الشلل الدماغي إلى:
- أخصائي العلاج الطبيعي ويُفضل أن يُقدم للمريض دبلوم علاج طبيعي على الأقل دون الاعتماد على إعطائه دورة لمدة شهر أو شهرين فحسب.
- أخصائي العلاج الوظيفي.
- أخصائي أعصاب الأطفال.
- طبيب أطفال.
- إرشاد وتثقيف أسري لأن أسرة الطفل الذي يعاني من مرض الشلل الدماغي هم بحاجة أيضاً إلى الإرشاد والتثقيف في كيفية التعامل مع هذا الطفل المريض، لأن الطفل ذو عمر السنة أو أكثر لا يمكنه الحركة تحت أي ظرف، كما يشعر بالكسل الدائم طوال الوقت نتيجة عدم اكتمال نموه بعد، ومن ثم تزداد صعوبة تعامل أمه معه داخل البيت لأنها لم تُقدِم على معالجته على عمر الثلاثة أشهر حين تبدأ ظهور أعراض المرض.
ما هي أعراض مرض الشلل الدماغي؟
عادةً ما يتم ملاحظة الطفل الذي يعاني من مرض الشلل الدماغي في حالة كسل دائم ونمو وحركة غير طبيعية، مع إمكانية تعرضه لارتفاع في درجة الحرارة وقساوة الرقبة إلخ إلخ.
يمكن أن تظهر أعراض مرض الشلل الدماغي في أول شهرين من ولادة الطفل حيث يمكن ملاحظة عدم قدرة الطفل على الحركة بشكل طبيعي، ولا يستطيع كذلك التحكم في حركة رقبته مع عدم وجود توازن في حركة الجسم بشكل عام، مع ملاحظة ارتخاء عضلات الطفل المصاب بمرض الشلل الدماغي.
أما عن الملاحظة الثانية لطفل الشلل الدماغي فتظهر على عمر الخمسة أشهر حين يتم ملاحظة عدم قدرة الطفل على الجلوس بطريقة سليمة.
أما في الحالات التي يتأخر فيها الأهل في اكتشاف مشكلة الشلل الدماغي على عمر السنة أو السنتين للطفل فيجب حينئذ ضرورة التوجه إلى طبيب استشاري أعصاب الأطفال على الفور، ثم بعد ذلك يمكننا البدء في برنامج تأهيل بالعلاج الطبيعي والوظيفي الكامل.
من هم الأشخاص المؤهلين للتعامل مع طفل الشلل الدماغي؟
لقد قمت بنشر بحث عن الفئة العاملة في هذا المجال مع أطفال مرض الشلل الدماغي، وكان هؤلاء الأشخاص ذو مستوى متدني لسببين أساسيين هما:
- الراتب المتدني.
- معاملة الأهل السيئة للمعالجين.
يواجه العاملين مع هذه الفئة من الأطفال معاملة صعبة من جانب الأطفال المرضى، وفي نفس الوقت يواجه العاملين في هذا المجال صعوبة بالغة في التعامل مع أهالي هؤلاء الأطفال من عدم المساعدة والتعاون معهم، لذلك فإن مثل هذه الأمور تؤثر بشكل عكسي على استمرار نجاح حالات الأطفال المصابين بمرض الشلل الدماغي بسبب عدم توفر الخدمات.
تابع “غريلات “: أسست من قبل مؤسسة ابن سينا للشلل الدماغي عام ١٩٩٦، وفي أول سنة من افتتاح مؤسسة ابن سينا للشلل الدماغي كنت أقوم بتسجيل الحالات التي تأتي إلى المؤسسة والتي وصل عددها في أول سنة إلى ٣٠ طفل ثم ارتفع العدد لديَّ في السنة الثانية إلى ٥٠ طفل مريض بالشلل الدماغي.
وفي اجتماع الهيئة العامة لغرفة التجارة لمؤسسة ابن سينا للشلل الدماغي وافقنا على إنشاء وتأسيس مركز آخر للشلل الدماغي لتكثيف الخدمة المقدمة لهؤلاء الأطفال، ثم استمررنا في تقديم تلك الخدمات، ولكن بعد ٣ سنوات من إنشاء الفرع الثاني لجمعية ابن سينا للشلل الدماغي تم إغلاق الجمعية، ثم بعد ذلك تابعت مع وزارة التنمية ومع اتحاد الجمعيات وقمنا بتأسيس جمعية كاملة منفصلة عن عمان والتي استمرت دورتين، ولكن مع الأسف بعد تراجع الهيئة الإدارية للعمل التطوعي شعرت بأننا لن نستطيع أن نقدم خدمة مميزة لأطفال الشلل الدماغي من حيث توفير المعلمين أو المعالجين وغيرها من العوامل الساعدة في علاج أكثر من ١٣٠ طفل أتوا لهذه الجمعيات من أكثر من محافظة نائية من محافظات الأردن، ومن ثم قدمت استقالتي على الفور.