هناك تخصص جديد متعلق باضطرابات التوحد تنفرد فيه جامعة البلقاء التطبيقية كلية الكرك الجامعية. هذا التخصص على دراسة المواد والبرامج التدريبية والتطبيقية التي تسمح للطالب المتخصص بتشخيص ومن ثم علاج الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب.
تكمن المشكلة الكبرى في علاج مرضى التوحد في أن الأهل يخفون أبنائهم المرضى ويعزلونهم قدر الإمكان عن العالم الخارجي مما يصعب من سرعة تشخيص الاضطراب ومن ثم طرق العلاج فيما بعد.
ما هو تخصص القياس والتشخيص لاضطرابات التوحد؟
ذكر الدكتور محمد بواليز ” دكتور جامعي في التربية الخاصة بالقياس والتشخيص ” أن كلية التربية الخاصة هي تخصص عام، بمعنى أن الطلاب يأخذون ميثاق في الإعاقة العقلية أو السمعية فقط بعد الانتهاء من الدراسة في هذه الكلية، لكن الآن أصبح هناك تخصص فريد وهو القياس والتشخيص لاضطرابات التوحد وهو معني بفئة معينة من التربية الخاصة لكنه ليس من التربية الخاصة.
مضيفاً: هناك مقولة تقول بأن اضطراب التوحد ليس من البرامج الأكاديمية وإنما هو برنامج اجتماعي تطبيقي متعلق بالأدوات الاجتماعية أكثر لأن خريجي هذا التخصص على تماس مع المؤسسات الاجتماعية والقطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المحلي، كما أنه يُعد من التخصصات المطلوبة داخلياً في دولة الأردن وفي كافة دول الخليج العربي، ومن ثم فقد سهل هذا التخصص علينا سرعة تشخيص اضطرابات التوحد للعديد من المرضى.
لماذا قمتي باختيار دراسة هذا التخصص وما هي المواد التي تدرسينها؟
تقول الطالبة رولا الأغوات ” طالبة في القياس والتشخيص لاضطرابات التوحد ” أنها قامت باختيار تخصص قياس وتشخيص اضطرابات التوحد حباً ورغبةً في تعلمه لأن هذا التخصص يمكنها من خلاله معرفة كيف يعيش مرضى اضطراب التوحد وكيف يمكننا التعامل معهم.
لهذا التخصص وظائف عديدة في القطاع الخاص كما أنه تخصص نادر جداً مقارنةً بباقي التخصصات الأخرى الموجودة في الكليات، وأقوم الآن في السنة الأولى بدراسة المواد الأساسية ثم بعد ذلك سأقوم بدراسة المواد الأخرى المتعلقة بالتخصص.
أضاف الطالب جهاد محادين ” طالب في تخصص القياس والتشخيص لاضطرابات التوحد “: إنني وددت أن أدرس هذا التخصص النادر حتى أتمكن من الحصول على وظيفة جيدة في سوق العمل بعد التخرج وذلك شريطة أن أخذ بعض الدورات التدريبية التي تؤهلنا إلى سوق العمل بشكل قوي وعن جدارة.
الجدير بالذكر أنه عند التعامل مع مرضى اضطراب التوحد فإننا نتعامل مع فئة لا يعرف غالبية المجتمع المحلي أساسيات التعامل معها، كما أن هناك أشخاص مصابين بأمراض التوحد يربطهم الأهل بسلاسل إن صح التعبير حتى لا يتعاملون مع الناس من حولهم، ومن ثم فإن التدرب على كيفية التعامل معهم بطريقة صحيحة يُعد نجاحاً في حد ذاته ويشعر المتخصص في هذا الاضطراب براحة غريبة نتيجة هذا الفعل، فضلاً عن الهدف المادي الذي يتحصل عليه الطالب الذي درس هذا التخصص، مع مراعاة أن هناك العديد من الأسر والأهالي الذين لا يعرفون كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال المصابين بهذا المرض الذي يُعد من المصطلحات الجديدة نسبياً ولم نسمع عنها من قبل.
ما هي المواد الموجودة في تخصص قياس وتشخيص اضطرابات التوحد؟
تابع الدكتور ” محمد بواليز “: هذا التخصص هو من التخصصات التي دأبت جامعة البلقاء التطبيقية على أن تتماشى مع متطلبات سوق العمل.
يدخل الطالب في الفصل الدراسي الأول ليأخذ متطلبات مساندة للتخصص، ولكن في بداية الفصل الثاني يشرع في تعلم مواد التخصص التطبيقية حيث أن لكل مادة 3 ساعات معتمدة دراسية، كما أن هناك مادة خاصة في الفصل الرابع أو سنة التخرج تسمى ” التدريب الميداني ” وفيها يذهب الطالب إلى المراكز الحكومية والقطاع الخاص بواقع 144 ساعة تدريبية.
من مساقات التخصص على سبيل المثال لدينا تخصص علاج التوحد، وهو من التخصصات التي لها جانب نظري وآخر عملي أثناء الدراسة قبل الذهاب للمراكز، وهناك برامج تدريبية وتعليمية منها البرامج السلوكية وبرنامج Applied behavior analysis، وهو برنامج يعتمد على التحليل السلوكي التطبيقي كما أنه برنامج سلوكي تطبيقي يقيس الأداء الحالي لمريض التوحد ويعتمد كذلك على برامج تعديل السلوك.
على الجانب الآخر، هناك برنامج حاسوبي يتم الاعتماد عليه في عمل هذا التطبيق، وإذا نحن ل نصل إلى علاج اضطراب التوحد عبر هذه البرامج فإننا نلجأ إلى العقاقير الدوائية.
يجدر الإشارة إلى دراسة التربية الخاصة بمفهومها العام لا تفيد الطالب مثل تخصص قياس وتشخيص اضطراب التوحد.
هناك دراسة صدرت قبل سنتين عن وزارة التربية والتعليم والتي أفادت بأن هناك 100 ألف من الطلاب في المراحل الأساسية الدنيا لا يستطيعون القراءة والكتابة، لذلك فإن الحديث عن قياس وتشخيص اضطراب التوحد يعطينا الدقة عندما نشرع في عمل دراسات عن نسبة انتشار هذا الاضطراب وذلك لأن هناك مقاييس دقيقة وأناس مؤهلين للقيام بذلك.
هل يُعد مريض اضطراب التوحد من ذوي الإعاقة العقلية؟
لا يُعد مريض اضطراب التوحد من المرضى ذوي الإعاقة العقلية وإنما اضطراب التوحد يندرج تحته طائفة التوحد وهي:
- متلازمة اسبيرجر، وهي متلازمة غالباً لا يصاحبها تخلف عقلي، حتى أن اسبيرجر أطلق على الأطفال الذين كان يتعامل معهم اسم الأساتذة الصغار. تصيب هذه المتلازمة الذكور في غالبية الأحيان بينما متلازمة ريت متلازمة تصيب الإناث فقط.
- متلازمة ريت.
- الانتكاس الطفولي.
- إعاقات النمو الشاملة الغير محددة.
هل تعاملتِ مع مصابين بمرض التوحد من قبل؟
تابعت ” رولا “: لم أتعامل من قبل مع مرضى اضطراب التوحد، لكنني بعد التخصص أشعر بالرغبة الملحة في التعامل معهم وأن أتعرف جيداً عالمهم الخاص، خاصةً وأن هناك العديد من المرضى بهذا الاضطراب ولكننا لا نشعر بهم لأن أهاليهم يمنعونهم من التعامل مع العالم الخارجي طوال الوقت.
أردف ” جهاد “: الجدير بالذكر أن أغلب الأهالي لا يعرفون كيفية التعامل مع الأطفال الذين يعانون من اضطراب التوحد بشكل عام، ومن ثم يمكننا القول بأن هناك دورات يمكن أن يأخذها الأهل تخص تعديل السلوك وهي ضمن مادة ندرسها في تخصص تشخيص اضطراب التوحد تعتمد على كيفية التعامل مع مريض التوحد وتعديل سلوكه بصورة صحيحة من جانب الأهل بشكل خاص.
واختتم الدكتور ” محمد بواليز ” الحديث قائلاً: هناك احدى المساقات التي نُدَرِّسها للطلاب تسمى ببرامج التدخل المبكر، وهذه البرامج مقسمة بين برامج ترتكز على المركز أو ذهاب الفريق بأكمله على المركز للتدرب، وبرامج أخرى تستند إلى المنزل حيث يذهب الفريق إلى الأسرة التي يتعرض ابنهم إلى هذا الاضطراب.
دائماً ما ننصح بالكشف أولاً عن اضطراب التوحد ومن ثم تشخيصه، كما أنه لا تظهر مظاهر هذا الاضطراب على الطفل إلا بعد سنتين أو سنتين ونصف من التعرض إليه، وهنا لابد لنا من السعي إلى التدخل المبكر للكشف عن هذا الاضطراب حتى يتم الشفاء منه بشكل سريع.