على الرغم من تطور نظام الترقيم والتسمية للمساكن والشوارع في مدن المملكة وفق واحد من أحدث النظم العالمية لتخطيط المدن وأنظمة التسمية والترقيم لتسهيل تحديد المواقع والعقارات والتوزيع البريدي والخدمات العامة، وخصوصا من قبل أمانتي الرياض وجدة، إلا أن الاستفادة من هذا النظام لم تصل إلى الحد الأدنى بعد، حتى مع مرور سنين على تطبيق هذه النظم الترقيمية المتطورة.
ففي مصر مثلا رغم الاكتظاظ السكاني وتداخل الممرات والشوارع والأزقة، والتخطيط المتشابك وكثير التعقيد، إلا أن بإمكانك وأنت جالس في بلكونة شقتك أن تتصل بمطعم مشهور وتطلب وجبة غداء باستخدام ثلاثة أرقام متوالية: 534 شارع الحجاز مثلا، ثم تصل الوجبة ساخنة.
وفي بعض المناطق يكفي وجود رقمين فقط، «13 عبدالخالق ثروت» مثلا، ونادرا ما يستخدم الناس أسلوبنا في وصف العنوان، والمبتدئ دائما بكلمات مثل «ثاني أو ثالث»، «شارع على اليمين، أول ملف يسار، خامس فيلا بعد المطب، تلقاني واقف بأشر لك، أو داق فلشر!».
لا يستطيع الكثيرون في قلب الرياض، حتى الآن، إعطاء عنوان الترقيم الخاص بمساكنهم لأي جهة كانت، إلا باستخدام الوصف التقليدي، الذي يحتاج إلى مهارات وبلاغة عالية، والذي يجعل الوضع أكثر حرجا في المواقف الصعبة كالطوارئ والإسعاف والحالات المستعجلة.
قد يكون سبب القصور الثقافي لدينا في التعامل مع هذا النظام هو حداثة التجربة واتساعها، مما جعل مسألة القدرة على استيعابها أمرا صعبا، فآلاف الشوارع تمت تسميتها وترقيمها ومئات الأحياء الجديدة، وأسماء كثيرة صعبة لا تستوعبها الخرائط الذهنية، شوارع بأسماء عدة، انتشرت فجأة وملايين اللافتات والألوح لم يعتد الناس وجودها، بل إن كثيرا جدا منهم لا يزال يستخدم الأسماء القديمة للشوارع التي يعرفها «شارع أنكاس»، «شارع سرحة»، «شارع الدركتر» متخلين عن الأسماء الجديدة.
شخصيا أفضل الترقيم على التسميات، كون الترقيم ثنائي الدلالة، فهو يدل على الشارع، ويدل على الشارع الذي يليه، فشارع 11 يليه قطعا شارع 12، أما شارع بلال بن رباح، فما أدراني أن الشارع الذي يليه هو لبيد بن الأعصم؟
بقلم: سالم السيف