السؤال: تزاحم الحجاج بعرفة من أجل الصعود على جبل الرحمة بشكل غير عادي وفضلت عدم الصعود هناك رغم أنني تضايقت لعدم صعودي وخشيت أن يؤثر ذلك على الحج فهل هذا الصعود من متممات الوقوف، وهل له أصل أم لا؟ شكراً لكم
الإجـابة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد… فالوقوف بعرفة عند الصخرات كما وقف النبي ﷺ ليس واجبًا، والوقوف على عرفة يتم دون الصعود على جبل الرحمة.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف سابقاً:
الوقوف بعرفة هو الركن الأكبر في الحج، وجاء التعبير عن ذلك في الحديث الشريف «الحج عرفة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، وقد صح أن النبي ﷺ قال: «وعرفة كلها موقف» كما رواه مسلم.
أكد الرسول بقوله هذا أن الحج لا يصح دون الوقوف بعرفة، وأن أي موضع منها يمكن الوقوف به، فقد كان الحمس المتشددون في دينهم من قريش ومن تابعها يقفون بالمزدلفة؛ لأنها في الحرم ويتركون الوقوف بعرفة لعامة الناس؛ لأنها في الحل، فنزل في ذلك قوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [سورة البقرة: 199] أي من عرفة إلى المزدلفة، ولما حج الرسول حجة الوداع وخطب الناس في نمرة توجه إلى جبل عرفة ووقف على الصخرات واستقبل القبلة وأخذ يدعو ربه.
وكثير من المسلمين يحاول تتبع آثار النبي ﷺ ليقول مثل قوله ويعمل مثل عمله، ويحرص على الاقتداء به في كل صغيرة وكبيرة؛ بناء على عموم قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [سورة الأحزاب: 21] وهذا أمر طيب، لكن ينبغي التفريق بين الاقتداء في الواجبات والاقتداء في المندوبات، فالواجبات لابد من القدوة بها، أما المندوبات فتستحب القدوة إن أمكنت دون تكلف ومشقة ودون إضرار بالغير، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار.
والوقوف بعرفة عند الصخرات كما وقف النبي ﷺ ليس واجبًا وكذلك الصعود على جبل الرحمة فالوقوف يتم بدون ذلك، ولو وجب لكانت فيه مشقة فوق المشقة الأخرى في النقل بين المشاعر.
يقول النووي: وما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف في كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة في موقفه ﷺ عند الصخرات، فإن عجز عنه فليقرب منه بحسب الإمكان. الزرقاني ج8 ص 179
والله أعلم.
⇐ فتاوى أُخرى متعلقة بالحج والعمرة: