«حنان» تسأل: أنا شابة في سن الثلاثين من العمر، مقبلة على الحياة بتفاؤل، وهادئة. مشكلتي تكمن في حلم.. أحلم بأنني أتبول وعندما أستيقظ إثر هذا الحلم مباشرة أجد أنني فعلا قد تبولت. بدأ هذا الحلم لدي عندما كنت في العاشرة من عمري. وهي السنة التي توفيت فيها والدتي ولم أكن أتبول في فراشي قبل هذا الوقت.
يختلف شكل الحلم كل مرة ولكنه يدور حول نفس الشيء وهو التبول. وهو يحدث لي على فترات مختلفة. قد يحدث مرتين أو ثلاث في نفس الشهر، وقد يمر أكثر من شهرين دون أن يحدث ذلك. قد أكون في قمة نشاطي أو يمر اليوم عاديا ومع ذلك يأتيني ذلك الحلم، أمتنع عن السوائل وآخذ كل احتياطاتي قبل النوم ولكن إذا جاءني الحلم يقع ما يقع. لا أحد يعلم بالموضوع.. أحاول تجنب المبيت خارج البيت لأنني لا أضمن النتائج.
أنا مخطوبة، ولا أجد الشجاعة لأخبر خطيبي بالأمر.. أعيش في كابوس حقيقي مع اقتراب زواجي. هل هذا مرض نفسي؟ أيمكن أن أنام بسلام دون هاجس هذا الحلم؟
⇐ د. أمل المخزومي «طبيب نفسي» أجابت صاحبة الاستشارة؛ فقالت: عزيزتي.. ذكرت بأنك شابة في بداية الثلاثينات هادئة مقبلة على الحياة بتفاؤل وهذا مؤشر جيد يساعدنا على تخطي هذه المشكلة كما أن للتفاؤل مفعولا كبيرا على كسر حاجز المشكلة ومن ثم التغلب عليها.
إن مشكلة الحلم التي بدأت لك منذ فترة الطفولة (عشر سنين) بسبب وفاة الوالدة حفرت أخاديد سلبية في عقلك، ولم تستطع هذه السنون العشرون تخليصك مما يتعلق بهذا الحلم، وقد ذكرت بأن حدوثة مرتان أو ثلاث في نفس الشهر، وأشرت إلى أنه قد يمر أكثر من شهر ولا يحدث التبول. وهذا مؤشر على أن المشاكل والانفعالات النفسية التي تتعرضين لها تلعب دورها في ذلك الحلم والمحصلة هي التبول.
ذكرت أيضا أنك قد تكونين في قمة نشاطك أو يمر اليوم عاديا ومع ذلك يأتيك ذلك الحلم، ومن المعروف أن الأحلام ما هي إلا محصلة لما يمر بالفرد من أحداث يومية، إضافة لما يشعر به الفرد أثناء النوم من تفاعلات جسمية وعقلية ونفسية.
فمن الناحية الجسمية تكون مثانتك مملوءة بالبول ويرغب جسمك في التخلص من ذلك البول؛ عندها ينشط الجهاز العصبي ويعمل على نسج الحلم بحيث يهيئ لك المكان الملائم للتخلص من البول، وكثير من الناس يحلمون بالبحث عن مكان آمن للتبول وتعترضهم مواقف تمنعهم من ذلك وعند الاستيقاظ يجدون أنفسهم بحاجة إلى ذلك التبول عندها يسرعون إلى الحمام للتخلص منه، هذا ما يحدث للأفراد الاعتياديين.
أما ما يتعلق بحالتك فهي ليست اعتيادية لأنك تعرضت لمشكلة نفسية تتعلق بموت والدتك، عندها ارتبط الحادث بالتبول لديك.
ويمكن أن نلقي نظرة بسيطة على أسباب التبول اللاإرادي من الناحيتين العضوية والنفسية كما يأتي:
1. الأسباب العضوية: منها ما يتعلق بالجهاز البولي من ضعف والتهاب أو قصور وعدم نضج المثانة، وطبيعة المسالك البولية التي تؤثر على نشاط المثانة وقدرتها على السيطرة وضبط عملية التبول وتنظيم أوقاتها، كما أن الإصابة بالأمراض الجسمية المختلفة كثيرا ما تؤثر على تلك العملية والتي تعمل على زيادة ونقصان كمية الإدرار لدى الفرد.
وهناك بعض الأفراد يشكون من ضعف في قدرة مثانتهم على الاحتفاظ بكميات كبيرة من البول مما يجعلهم يتبولون في اليوم عدة مرات وأحيانا لا إراديا أثناء النوم إذا لم يضعوا برنامجا لذلك.
كثيرا ما ننصح الذين يشكون من ظاهرة التبول اللاإرادي بمراجعة الطبيب المختص بالمسالك البولية والتناسلية لمراجعة الأسباب العضوية لتلك الظاهرة ومن ثم البحث عن الأسباب النفسية في حال انتفاء أي سبب عضوي.
2. الأسباب النفسية: إن أظهر الفحص الطبي والتحليلي سلامة الفرد من الناحية العضوية فعليه نلجأ إلى النظر في تأثير العوامل النفسية المختلفة والتي تتعلق بالانفعالات المختلفة التي تؤثر على ميكانزمات الجسم من الناحية العضوية، فكثيرا ما تؤثر حالة الفرد النفسية على فعاليات ونشاط الأجهزة الجسمية المختلفة ومنها الجهاز البولي الذي نحن بصدده.
من هذه الانفعالات الخوف والقلق وعدم الاطمئنان الناتج عن المثيرات التي يتعرض لها الفرد في حياته العملية والعائلية والأزمات العاطفية التي تجعله في حالة استنفار دائم، والتي تسبب له ارتباكا في جهازه البولي مما يفقده السيطرة على عملية التبول.
هناك حالات كثيرة تشير إلى أن بعض الأفراد يتبولون عند حدوث مشاجرة حادة أو قلق شديد، كذلك يحدث لبعض الأفراد كثرة التبول في ساعات الامتحان أو السفر وذلك بسبب القلق الشديد الناتج عن تلك المواقف، كما يحدث التبول للأفراد الذين يتصفون بالعناد والغيرة والكراهية لمن يتعاملون معهم وهناك من يتعرض للتبول اللاإرادي أيضا بغرض جذب الانتباه وهذا ما يحدث في أكثر الأوقات لدى الأطفال.
والعلاج يتم بمعرفة السبب أولا ثم البدء بطرق العلاج المختلفة التي تتعلق وتعتمد على نوع السبب؛ أما ما يتعلق بحالتك عزيزتي السائلة فالسبب معروف وواضح لديك على ما أعتقد وهو موت والدتك حسبما ذكرت في رسالتك، لذا عزيزتي عليك اتباع ما يأتي:
- مراجعة الطبيب المختص بالمسالك البولية لنفي أي سبب عضوي في تلك المشكلة، ويمكنك مراجعة الاستشارة التالية للفائدة: أسباب وعلاج التبول اللاإرادى عند الكبار
- مراجعة الطبيب النفسي كي يساعدك على التخلص من ربط حادث وفاة الوالدة بالتبول.
- تقليل السوائل قبل النوم بفترة ساعتين على الأقل.
- التقليل من المشروبات الغازية التي تحتوي على مادة الكافيين وكذلك الشاي والقهوة.
- الاستيقاظ من النوم عدة مرات في الليلة الواحدة للتخلص من امتلاء المثانة.
- يمكنك استخدام جهاز التنبيه الخاص بهذه الحالة، حيث ينطلق إنذار تنبيه عندما تبدئين في التبول وتبليل فراشك، وهذا ما يستعمل مع الأطفال كي يوقظهم ذلك الجهاز في لحظة خروج نقط التبول.
- يمكنك استعمال طريقة الحث والإيعاز للدماغ بأن تستيقظي في ساعة معينة وفي كل ليلة كي يستطيع مخك برمجة ذلك النظام.
- السيطرة على التوتر والقلق والتخلص منه بشتى الطرق المتاحة لديك.
- ميزة التفاؤل التي لديك ستساعدك كثيرا فأرجو منك الاحتفاظ بها.
- التريث في إخبار خطيبك فقد تستطيعين السيطرة على ذلك مما يجعلك في أمان من تلك الظاهرة.
- يمكنك استعمال الحافظات التي تستعمل مع الرضع وهذا أضعف الإيمان لحين أن تنجح جميع تلك الطرق.
أتمنى لك السعادة الزوجية والصحة والعافية والتخلص من تلك الظاهرة.