يتفق الخبراء على أن العالم بعد إنتهاء أزمة كورونا سيكون مختلفاً عما كان قبل، وبدء ذلك يظهر من خلال تغير نمط الحياة اليومية، وشعور الكثير من الأهل بالخوف والقلق على مستقبل أولادهم، فكيف سيكون مستقبل أولادنا.
التحديات التي تواجه الأهل والأطفال في المستقبل
تقول “د. مفيدة بوصباط زهرة” أختصاصية في الطفولة المبكرة: تحدث اليوم مشكلة أساسية وهي التداعيات وهي ليست وليدة اللحظة أو وليدة الكورونا، فالكل في هذه الفترة أنسب كل مشاكله إلى فيروس كورونا، ولكن المشاكل متراكمة من فترة، حيث بدأت من عام ٢٠١١، بعد الثورات العربية والحروب، فكل هذه تراكمات إقتصادية وإجتماعية وثقافية، وتأتي على شكل منظومات، وأهم منظومة في العالم العربي هي المنظومة التعليمية، فالمنظومة التعليمية العربية ضعيفة.
أما التعليم عن بعد فموجود منذ القدم ليس في أزمة كورونا فقط، حيث تأسست عام ١٨٩٢ أول جامعة بالمراسلة في أمريكا، ثم تطورت حتى وصلت إلى العالم العربي.
واليوم لا تعد المشكلة بالتعليم أو المستقبل، ولكن تكمن المشكلة الأساسية في هذه التراكمات التي عاشتها البلاد العربية من عام ٢٠١١، والتغير التاريخي منذ هذا العام حتى يومنا هذا.
وتعد الكورونا واحدة من هذه التداعيات، وليست السبب الأوحد في حدوث هذه المشاكل والتركمات.
والسبب في خوف الأهل على مستقبل أولادهم، هو أن التعليم مرتبط بالشهادة، وخاصة في ظل غلق المدارس، وتأثر الحياة الإقتصادية، وفي بعض المناطق في الدول العربية ما زالت لديها أمية، وخاصة في مناطق الحروب والنزاعات.
وحوالي ٩٠٪ ممن يقومون بالتدريس للأطفال في البيوت هن الأمهات، وليست جميع الأمهات على علم بهذه التطبيقات للتعليم عن بعد، كما أن هناك أهل ليس لديهم وقتاً لتعليم أولادهم في المنزل.
ويجب علينا تغيير منظومتنا ونظرتنا إلى التعليم المرتبط بالشهادة التي تؤمن العمل.
كيف نحضر أولادنا للمستقبل؟
تابعت “د. زهرة” نحن الآن في فترة الإحتراق الذاتي، حيث يعاني الأهل من مخاوف أكبر حتى من التعليم، وخاصة المشاكل الإجتماعية والإقتصادية، فكثيراً من الأسر ليس لديها جهاز كمبيوتر أو أي من الأجهزة الذكية، أو حتى غرفة خاصة بالطفل، وكذلك ليس جميع الأطفال لديهم الحضور النفسي والذهني، وعلى الأهل التأقلم مع أزمة الكورونا، والبحث عن حلول لهذه المشاكل التي يعيشها الأهل.
ويجب الرجوع إلى الثقافة العربية والأصول العربية، لأن كل شيء محيط بنا يرجع إلى الطبيعة والحياة الطبيعية، ولا نعرف ماذا يخفي المستقبل، فلا توجد ثوابت محددة يتبعها الأهل في تحضير أولادهم للمستقبل، ولكن يجب أن نتحلى بالتفاؤل، بجانب عيش الحياة الواقعية.
ولا تقتصر المشاكل على التعليم فقط بل تتطرق إلى المشاكل الإجتماعية والنفسية أيضاً، فليس لدينا الحضور النفسي والذهني والجسدي، لتحدي هذه العواقب وتخطي هذه الأزمات.
ولا يقف التعليم عند مرحلة معينة من العمر، فالإنسان يتعلم في جميع مراحل حياته، ما زال الإنسان طالباً للعلم، فإذا ظن أنه علم جهل، وفي فترة الكورونا تعلمنا الكثير، تعلمنا كيف نعيش ونتعايش في ظل هذه الظروف، فالحجز الصحي والتباعد الاجتماعي لهما دوراً هاماً في تعليم وتثقيف المجتمع صحياً.
يمكن للأهل التعلم من أولادهم أيضاً، في مواجهة هذه التحديات.
في ظل ظروف كورونا يخرج كل منا المواهب المدفونة بداخله، مثل الزراعة والرياضة التي لا يمكن تعلمها عن بعد.
ويجب معرفة ما يحبه الطفل أو الموهبة الموجودة بداخلة، وتنميتها مثل الرياضة، حيث تم تضييع الكثير من المهارات والصناعات بسبب ارتباط التعليم بالشهادة الأكاديمية.