وحين يقال تحدث عن ثورة 25 يناير يحار العقل في وصفها وهي العظيمة المؤثرة المغيرة، التي نقلت مصر نقلة كبيرة لم يكن يتوقعها أحد! انها ثورة الشباب على مسلمات صاغها الحكام ووضعوها لنا لنلزمها ولا نطالب بتغييرها ولا نتطلع لغيرها، فرضوها علينا بالطريقة التي تخدم مصالحهم وتحقق أهدافهم وتناسوا حقوق الشعب تمامًا.
الآن: تحدث عن ثورة 25 يناير
ليكن حديثنا عن ثورة ٢٥ يناير دائماً حديث الواعين المتفهمين لمبادئها ولما قامت لأجله وما أسفرت عنه، حتى لا نقع في هاوية توزيع الاتهامات مثل ما فعل بعض الحمقى والضالين والمضللين، فقط سنذكر أنفسنا ونذكرك عزيزي القارئ بما حدث، فتابعنا.
كانت الأحداث التي سبقت الثورة سبباً مباشراً فيها ومن أهمها انتخابات مجلس الشعب المزورة، والتي افتقرت إلى أبسط قواعد العدل والشفافية ومن ثم استأثر الحزب الديمقراطي فيها بنصيب الأسد، وهو المنتقد المرفوض من قبل الشعب، كذلك قيام الثورة التونسية ونجاحها الذي بث الأمل في قلوب المصريين وأشعرهم أن النجاح في إقامة موازين العدل وكسر قيود الدكتاتورية ليس أمراً مستحيلاً وأنه فقط يحتاج إلى بعض الأدوات من العزيمة والوعي والإرادة الحرة، فضلاً عن هذا وذاك كانت مواقع التواصل الاجتماعي عاملاً قوياً في تحفيز الشباب على الدعوة للثورة حيث ساهمت بصورة كبيرة جدا في حشد الشباب وتحريضهم على التظاهر وإعلان الغضب.
وبالفعل وجدت دعاوى الشباب صدى طيبًا، فالكل يعاني والكل يتجرع كؤوس البطالة وترهقه المحسوبية والوساطة، لذلك فقد لمست دعاوى الشعب قلوباً غاضبة مليئة بالحنق والضيق، فبدأ الثوار يجتمعون في ميادين مصر وشوارعها ويتظاهرون في مسيرات سلمية، وقد بدأت التظاهرات بأعداد قليلة لم تتعد الآلاف، فلم يعبأ بها النظام ولم يهتم الإعلام بها بل تجاهلها وأراد أن يعتم صورة المشهد على أمل أن تكون مجرد زوبعة وتنتهي، ولكن بالطبع بدأت حركة سجن واعتقال الشباب ومحاولات منعهم من الخروج، وتنفيذ قانون الطوارئ الذي استغل ضد الشباب أسوأ استغلال.
كان خروج الشباب الذي ترك صدى يوم 25 يناير وهذا يوم احتفال الشرطة، والذي أعقبه تزايد كبير في عدد المتظاهرين ليس في ميادين القاهرة الكبرى ولا مدن مصر فقط، بل خرج أبناء القرى ومحافظات الصعيد حتى أصبحت المظاهرات توصف بالمليونية.
استمرت هذه الأحوال والشعب صامد يردد هتافات الثورة وعلى رأسها (عيش حرية عدالة اجتماعية)، حتى بدأ النظام يدرك الخطورة وخرج الرئيس مبارك يلقي خطاب تهدئة للشعب أودعه كل الوعود التي يمكنها أن ترضي الثوار ونفى أنه ينوي تجديد فترة رئاسته لمدة أخرى، ولكن نظرا لردة الفعل العنيفة التي واجهت بها الشرطة الثوار وما رأوه من الاعتقالات والقتل والتشويه والاتهامات فقد فشل هذا الخطاب في تهدئتهم تماماً، وأصبحوا مصرين على المطالبة برحيل مبارك، وصمدوا أياماً حتى استوعب الرئيس السابق أنه لا مفر من الخضوع لرغبات الشعب والاستجابة لمطالبه، فخرج عمر سليمان ليعلن قرار التخلي عن رئاسة الجمهورية وإسناد مهمة إدارة شئون البلاد إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليكون الثوار بذلك قد استطاعوا أن يحققوا أكبر نجاح لثورتهم.
وفي الختام
ليعلم من كانوا يتهمونه أنه كان محقاً في ثورته، وكان نزيهاً وشريفاً، ولم يهدف إلى غرض شخصي ولا مصلحة خاصة كما كان يفعل الكبار، بل كانت كل أحلامهم باختصار بناء وطن حر وعادل.
ماذا أقول في شباب حرروا كل العقول
ونوروا بالثورة طريق الأمل؟
ماذا أقول وكلهم إرادة وعزيمة
ورغبة في العطاء والبناء والعمل؟
انهم نعم الشباب وصفوة الأجيال
طاقة تبني غداً وتحقق الآمال؟