أهلاً ومرحبًا بكم في موضوعٍ جديد من موضوعات النحو العربي، سنتحدث في هذا الدرس عن أسلوبين طريفين جميلين يعدان من المحسنات البديعية المعنوية وهما؛ تأكيد المدح بما يشبه الذم وعكسه أي؛ تأكيد الذم بما يشبه المدح.
تأكيد المدح بما يشبه الذم
معناه هو أن تنفي عن الممدوح وصفاً مُعيناً، ثم تعقبه بالاستثناء، فيوهم فيه أنك نسبت إليه ما يذمه، فتأتي بما يكون مدحاً له!
فالمتكلم ينفي العيوب عن الممدوح، ثم يستثنى منها أمراً فيظُنُ المتلقي أنه أحد العيوب، ولكنه يتفاجئ بذكر صفة مدحٍ أخرى.
أنواع تأكيد المدح بما يشبه الذم
1. النوع الأول من هذا الأسلوب هو أن يذكر صفة ذمٍ منفية ثم يستثنى منها صفة مدح، ومثال ذلك: فُلان لا عيب فيه (سوى) أنه لا تقع العين على شبيهه.
المتكلم هنا مدح فلأناً بأن لا عيب فيه العين، ونفى عنه العيب ثم أتى بأداة الاستثناء (سوى) فظن السامع أن هناك عيبًا سيُذكر لكنه ما لبث أن وجد بعد أداة الاستثناء صفة مدح. وهكذا فقد باغته المتكلم ولم يذكر عيبًا بل أكد المدح الأول بصورة توهم الذم، وهنا تكون بلاغة هذا الأسلوب.
2. النوع الثاني من أسلوب تأكيد المدح بما يشبه الذم هو؛ أن يذكر صفة مدحٍ، ثم يستثنى منها صفة مدح أخرى، ومثال ذلك: هذا رجلٌ كَمُلَت أخلاقه (غير أنه) جواد.
وهنا نُلاحظ أن المتكلم ذكر صفة مدح وهي؛ كمال الأخلاق، ثم استثنى منها صفة أخرى توهم الذم، ولكنه ذكر صفة الجود من أجل تأكيد المدح بما يشبه الذم. مثالاً آخر: الكتابُ مفيدٌ (إلا أنه) ممتع.
تأكيد الذم بما يُشبه المدح
هذا الأسلوب هو عكس الأسلوب الأول ومعناه أن؛ نستثني من صفة مدحٍ منفية عن الشيء صفة ذمٍ بتقدير دخولها، وهذا هو النوع الأول.
لا حُسن في المنزل (إلا أنه) مظلمٌ ضيق الحجرات – ففي هذا المثال نُلاحظ أن المتكلم نفى حُسن المنزل وهي صفة مدحٍ منفية ثم أتى بأداة استثناء هي (إلا) موهِماً أنه سيأتي بصفة مدح، لكنه جاء بصفة ذم فقال: (مُظلمٌ وضيق الحجرات) مؤكدًا على الذم الأول.
والنوع الثاني من هذا الأسلوب هو أن يُثبت لشيء صفة ذم، ثم يأتي بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى، ومن أمثلته قول الشاعر:
لئيم الطباع (سوى أنه)
جبانٌ يهونُ عليه الهوانُ
فقد ذكر الشاعر هنا صفة ذم هي لؤم الطباع ثم أتى بأداة استثناء هي (سوى) موهِماً أنه سيأتي بصفة مدح، لكنه فاجئ السامع بصفة ذمٍ أخرى هي الجُبن من أجل تأكيد الذم بما يشبه المدح.
ولا يفوتكم طلابنا الأعزاء: أدوات الربط بين الجمل «المكررة»
تلخيص الدرس
علم البلاغة ينقسم إلى:
- علم البيان.
- علم المعاني.
- علم البديع ينقسم إلى:
- المحسنات اللفظية.
- المحسنات المعنوية وهي:
تأكيد المدح بما يشبه الذم: أن تنفي عن الممدوح وصفاً مُعيناً، ثم تعقبه بالاستثناء، فيوهم فيه أنك نسبت إليه ما يذمه، فتأتي بما يكون مدحاً له! أمثلة:
- الكتاب مفيد (إلا أنه) ممتع.
- لا عيب فيه (سوى أنه) لا تقع العين على شبيهه
تأكيد الذم بما يُشبه المدح: أن تستثني من صفة مدحٍ منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها. أمثلة:
- لئيم الطباعِ (سوى أنه) جبان.
- لا حُسن في المنزل (إلا أنه) مظلم ضيق الحجرات.
وهكذا نكون قد انتهينا من شرح أسلوبين بلاغيين طريفين جميلين. نلقاكم في درس آخر إلى اللقاء.
وقد ترغبون في الاطلاع على شرح درس: أسلوب الاستثناء وأدواته