إن الصعوبات العقلية التي يعاني منها الطفل تشكل تحدياً صعباً كبيراً لدى الأهل، ولكن من جانب آخر، يشكل احتضان الطفل والتعامل معه بالطرق الصحيحة عاملاً أساسياً ومهماً لمساعدته في أدائه ودمجه اجتماعياً.
هذا الدمج لا يصح أن يكون اجتماعياً فحسب، وإنما لابد من أن يُدمج الطفل مكانياً ووظيفياً بحيث نوفر له فرص عمل خاصة، ولا نحرمه من ممارسة الأنشطة والرحلات والهوايات المتمرس عليها.
التأخر العقلي
ذكرت الدكتور لارا علقم “أخصائية في الطب النفسي وعلاج الإدمان” أن التأخر العقلي هو اضطراب ناتج عن عدم اكتمال الدماغ بشكل سليم، وهذا التأخر يحدث في سن الطفولة وقبل عمر ١٨ سنة، وهو اضطراب شامل يؤثر على:
- نسبة الذكاء.
- سلوك الطفل.
- مشاعر الطفل.
أما عن أنواع التأخر العقلي فيمكن تقسيمها إلى:
- التأخر العقلي الخفيف، الذي يكون فيه نسبة الذكاء متراوحة بين ٥٠ إلى ٦٩.
- التأخر العقلي المتوسط، الذي فيه نسبة الذكاء متراوحة بين ٣٥ إلى ٤٥.
- التأخر العقلي الشديد الذي تتراوح فيه نسبة الذكاء من ٢٠ إلى ٣٤.
- التأخر العقلي العميق وهو أشد أنواع حالات التأخر وتكون فيه نسبة الذكاء أقل من ٢٠.
أعراض التأخر العقلي
الجدير بالذكر أن التأخر العقلي هو اضطراب شامل وليس منحصراً فقط في نسبة الذكاء عند الطفل كما ذكرنا من قبل، وما يميز التأخر العقلي عن صعوبات التعلم أن نسبة الذكاء في صعوبات التعلم تكون طبيعية وفوق ٨٥، وعادةً ما تكون تلك الصعوبات متمثلة في شيء محدد عند الطفل مثل القراءة أو الكتابة أو المسائل الرياضية.
إلى جانب ذلك، فإن التكيّف الاجتماعي والسلوكي عند الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم طبيعي على عكس الأطفال الذين يعانون من التأخر العقلي، والتحصيل الدراسي كذلك يكون طبيعي عند الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، بينما الأطفال الذين يعانون من التأخر العقلي تحصيلهم الدراسي محدود للغاية.
دور المؤسسات الخاصة تجاه التأخّر العقلي لدى الأطفال
يجب التقييم الصحيح لمثل هذه الحالات التي تعاني من التأخر العقلي، حيث أن الطبيب المختص هو المسئول الأول عن التقييم، وليس وحده فحسب، وإنما يتم تقييم حالة الطفل العقلية ضمن فريق طبي متخصص ابتداءً من طبيب الأطفال والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي والمدرسة للوصول إلى التقييم الصحيح الذي يتم من خلال عدة جلسات وليس في جلسة واحدة لمرضى التأخر العقلي أو صعوبات التعلم.
يجب وضع الطفل في مكان مناسب سواء كان هذا المكان مركز صحي تعليمي أو مدرسة أو منزل حتى نهيئ له البيئة المناسبة للشفاء والمساعدة من هذا التأخر العقلي.
فيما يخص دور الوالدين تجه الطفل المتأخر عقلياً يمكننا القول بأنه على الأهل القيام بالآتي:
- ضرورة تقبُّل الطفل وعدم عزله اجتماعياً بسبب سلوكياته.
- محاولة رفع أو تعزيز ثقة الطفل المتأخر عقلياً.
- سؤال أهل الاختصاص فيما يتعلق بنوعية المشكلات التي يعاني منها الطفل.
- ضرورة تقييم الطفل المتأخر عقلياً من الناحية الجسدية لأن الطفل قد يعاني من بعض المشاكل الجسدية ولكنه غير قادر على التعبير عنها بشكل واضح.
- مساعدتهم في التعبير عن ذاتهم وتعزيز ثقتهم في أنفسهم، وتعزيز ممارستهم للهواية التي يقومون بها.
- عدم مقارنة الطفل المتأخر عقلياً بإخوته أو بالآخرين.
- استشارة الطبيب المختص لتحديد المكان أو المركز المناسب لاحتضان الطفل المتأخر عقلياً.
وختاماً، لا يفوتنا أن نشير إلى أهمية دعم الوالدين اللذان رُزقا بطفل متأخر عقلي نفسياً حتى يتقبلا وجوده في حياتهما دون أن يدخلا في حالة الغضب والإنكار لهذا الطفل، وإنما على الأهل تقبُّل الأمر الواقع ومعاملة الطفل معاملة سوية لأن الدعم الوافر للطفل المتأخر عقلياً ودمجه اجتماعياً ومكانياً ووظيفياً يساهم في سرعة تمثاله للشفاء.