ما هو تأثير السكري على العين؟
أجاب الدكتور “أيمن مدانات” استشاري طب وجراحة العيون بقوله: يؤثر مرض السكري على شبكية العين عن طريق تأثيره على الأوعية الدموية بإغلاقها، هذا الإغلاق للأوعية يؤدي إلى تسرب الدهنيات والدماء والسوائل إلى الشبكية، وتجمع هذه المواد داخل الشبكية يؤدي إلى تراكم الترسبات عليها ونزيفها، وإهمال العلاج المبكر يؤدي إلى الدخول في حلقة مفرغة ومستمرة من نزيف هذه الأنواع من المواد من الأوعية الدموية إلى داخل الشبكية ومن ثَم ظهور التليفات بها، والتليفات تضغط على الأوعية الدموية فتنزف بشدة أكبر.. وهكذا دواليك إلى أن تصل الحالة إلى الإنفصال الشبكي والعمى التام.
ومما سبق يتضح لنا أن الحركة الدائرية لنزيف المواد المذكورة وظهور التليفات تمر بمراحل مختلفة، أولها مرحلة تراكم الدهنيات والدم والسوائل في الشبكية بعيدًا عن مركز البصر، ولذلك لا يشعر المريض بأية أعراض بصرية لا ضعف في البصر ولا آلام ظاهرة. ثم ما تلبث أن تبدأ المرحلة الثانية وتبدأ فيها معاناة المريض حيث تتراكم السوائل في مركز البصر فعليًا وبالتالي يشعر المريض بالأعراض التي تتركز في آلام شديدة في العين مع ضعف في الرؤية. وفي المرحلتين الأولى والثانية إذا تدارك المريض نفسه واستشار الطبيب يمكن وضع برنامج علاجي بالحقن أو الليزر، كما يمكن الوصول إلى النتائج العلاجية المرغوبة.
وأضاف “د. أيمن”: وأما إذا أُهمل العلاج ووصل المريض إلى المرحلة الثالثة وهي المرحلة التي تُصاب فيها الشبكية بالتليف الكامل فلا علاج إلا بالتدخل الجراحي، وهو في نفس الوقت علاج غير مأمون النتائج إلا إذا كان التليف في مراحل تكوينه الأولى حيث مازال للمريض القدرة على رؤية الضوء، لكن التليف الكامل يتسبب في الإنفصال الشبكي والعمى التام وهو ما لا يمكن علاجه، وحتى مع التدخل الجراحي لإزالة التليفات في مراحلها الأولية فهي عملية جراحية معقدة جدًا وصعبة وتتطلب الكثير من الفحوصات والتحاليل القبلية والبعدية، كما أنها تُدخل المريض في تبعات الجراحة التي لا تنتهي والتي تستمر لفترات زمنية طويلة.
وتجدر الإشارة هنا إلى الدراسة الطبية التي أُجريت في بداية التسعينات بأمريكا الشمالية وأوروبا وكندا والتي خلُصَت إلى أن السيطرة على مرض السكري تحُد من آثاره على شبكية العين، وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن السيطرة على تناول الدهون والتدخين ومرض ضغط الدم يؤدي إلى الوقاية من تقدم التأثير السلبي للسكري على الشبكية، وبناءًا عليه يمكن القول بإمكانية وقف الإنتقال من مرحلة من مراحل مرض الشبكية التي تم ذكرها إلى المرحلة التي تليها، ولكن هذا الثبات على مرحلة مرضية بعينها دون الإنتقال إلى الأخرى يحتاج إلى إجراءات إحترازية شديدة التعقيد وصعبة التنفيذ.
ونبه “د. أيمن” على أنه تظل خطورة السكري على العين قائمة لأنه لا يؤثر على الشبكية فقط ولكن يمتد تأثيره إلى القرنية والعدسة والملتحمة وإرتفاع ضغط العين، وقد تشتد خطورته على العين إذا ما وصل تأثيره إلى ضمور أعصاب العين، لأنه وإن تمت معالجة السكري والسيطرة عليه فلن تتمكن كل التقنيات الطبية المعروفة من إستعادة الأعصاب بعد تلفها، فوصول المريض إلى المرحلة التي لا يرى فيها الضوء يعد دليل على موت أعصاب العين نهائيًا وهو ما لا يمكن إعادة إحياءها بالجراحة أو غيره.
هل من نصائح ضرورية لمرضى السكري فيما يخص العيون؟
اختتم “د. أيمن” حديثه مشددًا على أن النصيحة الأهم لمرضى السكري فيما يخص النظر والعيون هي أنه طالما حدثت الإصابة بالسكري – سواء تم السيطرة عليه أو لم تتم – فإنه مؤثر لا محالة على وظائف العين وصحتها حتى وإن كان النظر 6/6 عند بداية الإصابة بالسكري، لذلك تعتبر المتابعة الدورية لطبيب العيون مرة واحدة سنويًا على الأقل من الأمور الوقائية الهامة في حياة مريض السكري وحتى وإن لم تظهر أعراض مرضية على العين والنظر، ويأتي التشديد على إستمرارية متابعة طبيب العيون إذا كان السكري من النوع الثاني.
وعند ظهور آثار السكري على كفاءة العين والنظر يُلزم المريض بمتابعة طبيب العيون وفقًا لجدول زمني يحدده طبيب العيون والذي لن يقل عن زيارة العيادة كل شهرين على الأكثر، وهذا التقارب الزمني في زيارة الطبيب يستهدف تحديد العلاج سواء بالليزر أو بالحقن أو بالجراحة فور إستشعار الطبيب ضرورة لذلك.