مما لا شك فيه أن غربة الزوج عن زوجته وعمل الزوج خارج البلاد له تأثير كبير على الحياة الزوجية؛ فالعلاقة بين الشريكين أساسها التواصل المستمر وعندما يسافر الزوج وإن كان لهدف تأمين لقمة العيش للعائلة يصبح هذا التواصل صعب، وفي هذا المقال سوف نلقي الضوء أكثر عن تأثير غربة الزوج على العلاقة الزوجية.
كيف تؤثر غربة الزوج على العلاقة الزوجية
يقول الدكتور “فادي الحلبي” المُعالج والمُستشار النفسي للأزواج والبالغين: إن البعد بين الزوجين لأي سبب يؤثر على الشكل الطبيعي للعلاقة الزوجية؛ فالتعريف العام للزواج هو قرار الطرفين بأن يعيشا سوياً بنفس المكان، وأن يكون هناك حياة واهتمامات يومية مشتركة، وبالتالي عند سفر الزوج لأي سبب فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على الحياة الزوجية، وخاصة في وقتنا الحالي؛ حيث أصبح كلا الطرفين مهتمين أكثر بالتغذية العاطفية والنفسية على عكس طبيعة الحال قديماً أو قبل عدة سنوات، فإذا ما كان غياب الزوج أسبوعي مثلاً مما يزيد من الاشتياق بين الطرفين، فإن زيادة فترة البعد عن أسبوع مثلاً يعتبر محنة حقيقية، تُسبب في وجود فجوة بين الزوجين، وقد يُسبب ذلك بعداً حقيقياً بينهم مما يجعل الزوجة تشعر بالغربة حتى في وجود الزوج.
وإلى جانب التغذية العاطفية التي تعتبر احتياجاً رئيسياً في العلاقة، فإن المسؤولية أيضاً يحدث بها خلل واضح؛ حيث لا يمكن أن تتحمل الأم مسؤولية الأطفال وحدها، فإذا كان هناك أمان مادي بسبب المستوى المعيشي الناتج عن غربة الأب، فإن ذلك يقابله قلق كبير بسبب غيابه، وإن كان هذا الأمر لابد منه فإن الزوجة لابد وأن تجعل الأب موجوداً بأي طريقة كانت وبشكل يومي، فالغياب الجسدي للأب لا يُعني أبداً الغياب المعنوي والوجداني.
كما يُفضل أن يكون هناك نظام يحدده الزوجين بحيث يكون هناك لقاء أسري ولو بعد شهرين، ثلاثة أشهر، أو قد تسافر الزوجة كل مدة معينة مع الأطفال للزوج في مكان عمله، أو حتى يكون هناك تخطيط لإنهاء تلك الغربة خلال مرحلة معينة.
ويمكن أن نحدد مدى خطورة هذا الأمر تبعاً إلى ثلاثة شروط:
• نضج الطرفين: فقد يساعد نضج الطرفين على مرور هذا الأمر بسلام، ويساعد ذلك أيضاً على تأقلمهم مع ذلك بدرجة أكبر.
• طول تلك المدة: فقد تكون فترة غياب الزوج قصيرة نوعاً ما، إلى جانب تواصلهم خلال تلك الفترة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
ولا يمكن أبداً أن يكون غياب الزوج بشكل دائم أمراً طبيعياً، ومن المثير للاستغراب أن هناك بعض الحالات يكون غياب الزوج دائماً وقد يستمر طوال فترة الزواج.
• الاختلافات الفردية: والتي لا يمكن أن نتغاضى عنها أبداً؛ فهناك بعض السيدات قد يجدن الموضوع أكثر صعوبة من غيرهن نتيجة التكوين النفسي والذي قد يكون مائلاً أكثر للقلق، وبالتالي يجعل تحمل مثل ذلك الأمر غير هين عليهن، كما أن التكوين النفسي للزوج أيضاً مهم، فهناك بعض الأزواج لا يتحملوا ترك الأسرة والغياب لأي فترة كانت.
ومن أهم التأثيرات السلبية لهذا الموضوع، هو غياب الأب في التربية والذي يؤثر بشكل سلبي كبير على الأطفال وعلى تصورهم للشكل الطبيعي لوجود الأب ودوره؛ فحاجة الأطفال العاطفية لمرافقة والدهم، وتغلغله في حياته اليومية تصبح عائقاً كبيراً لحدوث هذا الموضوع، لذلك فلابد وإن كان البعد ضرورياً أن يحاول الأب التواجد قدر الإمكان من خلال طرق التواصل اليومية بأي طريقة أيضاً.