ما هي التغيرات الجسمانية التي تساهم في تغير مزاج الحامل؟
قالت “د. ريم أبو خلف” أخصائية النساء والتوليد وأطفال الأنابيب. حدوث الحمل يتبعه حتماً تغير هرموني كبير في جسم الحامل، حيث تزيد معدلات إفراز هرمونات بعينها وتقل إفرازات هرمونات أخرى، وهو ما يدفع بالحامل نفسياً إلى أن تصبح أكثر حساسية نفسية ومتقلبة مزاجياً بين الحزن والفرح والبكاء والعصبية، وقد تمحورت الدراسات حول هرمون الكورتيزون المعروف بهرمون الضغط العصبي، حيث تزيد معدلاته في جسم الحامل مما يؤثر على وضعها في دائرة مستمرة من الضغط العصبي، وكذلك هرمون الحمل نفسه المعروف باسم Beta HCG، وهرمونات الإستروجين والبريجيسترون، فكلها هرمونات عند زيادة معدلاتها يحدث خلل في الحالة المزاجية والنفسية للمرأة.
هذا إلى جانب التغيرات المظهرية في شكل الجسم وزيادة الوزن وثقل الحركة وعدم القدرة على تنفيذ المهام المعتادة مع القئ والغثيان وقلة النوم، فكل تلك العوامل تؤثر سلباً على الصحة النفسية الحامل.
وهنا يأتي الدور على دعم الزوج لزوجته الحامل، وتحملها وسماعها، وعدم لومها على التقصير في مهام وشئون المنزل وشئونه لأنه تقصير غير مقصود أو متعمد، فكل ذلك يساعد الحامل على تجاوز آثار كل التغيرات الهرمونية الحاصلة فعلياً في جسدها.
وعن أصعب مراحل الحمل من الناحية النفسية قالت “د. ريم أبو خلف” بدايات الحمل هي أصعب وأشد فترة على الحامل من الناحية النفسية، لأن التغير الهرموني في هذه الفترة يكون على أشده وعنفوانه مما يؤثر على حالة المرأة المزاجية بشكل أكبر وأعنف.
كيف تستعد المرأة نفسياً للحمل؟
أكدت “د. أبو خلف” على أن التغيرات المزاجية والنفسية التي تعتري المرأة في أول الحمل هي بطبيعة الحال تغيرات طبيعية جداً ناتجة عن التغيرات الفسيولوجية الحاصلة بالجسم، لذلك لا ينفعها استعداد ولا طرق للوقاية منها، وكل المطلوب خلال تلك الفترة هو الدعم النفسي للحامل من المحيطين بها من خلال الترويح عنها، وإعطاءها الفرصة للتعبير عن مشاعرها المضطربة وأوجاعها، وتنفيذ رغباتها، وإحتمالها عند العصبية الزائدة، وزيادة إهتمام الزوج بها، وتنحية الأفكار السلبية عن كرهها لشكل جسمها ووزنه.
هل يؤثر المزاج السيء للحامل على صحة الجنين؟
اضطراب نفسية الحامل بالسلب يؤثر مباشرة في صحة الجنين، فالأم المتوترة والعصبية والخائفة والمتشائمة بإستمرار تُفرز بداخل جسمها هرمونات تابعة لهذه الأوجاع النفسية، وهذه الهرمونات تنتقل للجنين بالدم، كما أن الجنين داخل الرحم يشعر بالحالة النفسية للأم فتزيد عنده ضربات القلب ومعدلات حركته داخل الرحم بشكل غير طبيعي.
وأردفت “د. ريم” بل وأثبتت الدراسات البحثية أن الأطفال على المدى البعيد يتأثرون بالحالة النفسية للأم وقت الحمل، حيث وجد أنهم أقل مناعةً وأكثر حزناً وبكاءً لكونهم كانوا أجنة في أرحام أمهات ذوات نفسيات غير مستقرة، بل ووجد أن وزن ومعدل نمو الجنين داخل الرحم يتأثران بالحالة المزاجية والنفسية للحامل.
ما الذي يتوجب على المحيطين فعله لتحسين الحالة النفسية للحامل؟
ألمحت “د. ريم” إلى وجود مجموعة من المهام العملية التي يجب على المحيطين بالحامل الإلتزام بتنفيذها، وهي:
تقدير الحالة النفسية للحامل والتعامل معها وفق هذا التقدير.
إستيعاب الحامل وإحتوائها.
زيادة الإهتمام والحنان والدلال للحامل.
بشتى الطرق تخفيف حدة القلق عند الحامل، حيث أنها تعاني دائما القلق من الخطر على الجنين وهو في الرحم وعند الولادة، وخائفة أيضاً على صحتها ونفسها من الولادة وآلامها، كما أن الحامل في حالة متوترة وقلقة من ماذا سيحدث بعد الولادة والتربية والرضاعة وخلافه.
الإهتمام بتغذية الحامل على الأطعمة الصحية والطازجة.
تهيئة الأجواء للحامل لأخذ القدر الكافي لها من النوم.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد الولادة تُصاب الأمهات بما يُعرف بإكتئاب ما بعد الولادة، وهذا الإكتئاب يكون من النوع المتوسط الدرجة، لكن إذا ما أُهمل أو لم يهتم به المحيطين فقد يتحول إلى أمراض نفسية بأعراض ومضاعفات خطيرة، وهو ما يمثل خطورة على الطفل أيضاً، لذلك العناية والرعاية النفسية تبدأ مع الحمل وتستمر لما بعد الولادة وأثناء الرضاعة.
واختتمت “د. ريم” كما أن الزوج مطالب بالوقوف نفسياً بجانب زوجته الحامل في كل مراحل الحمل من بداياتها، مع مشاركتها كل مشاعرها سواءً الفرح بالجنين أو الخوف عليه وعلى حياته وحياتها، فهذا الدعم النفسي بالقول والعمل له دور عظيم في تخطي الحامل لهذه الفترة الفسيولوجية والنفسية الصعبة في حياتها.