هل يؤثر الروماتيزم على الحمل؟
يقول “الدكتور جريس داوود استشاري مفاصل وروماتيزم” أن الروماتيزم والحمل هناك علاقة خاصة بينهم، فالروماتيزم أولا كثير من الأمراض الروماتيزمية هي أمراض مناعية، وتحدث في معظم الأحوال في العمر المتوسط، ويعني أن هذا عمر السيدات في الإنجاب والخصوبة، فالروماتيزم يمكن أن يؤثر على المناعة في الجسم، تأثير المناعة في الجسم يؤدي في بعض الحالات لأن الحمل يهيج المرض ويزيده، وفي بعض الأحيان على العكس يحسنه، ولذلك هناك علاقة وثيقة بين الحمل والروماتيزم.
هل يؤثر الروماتيزم على القدرة على الحمل؟
أشار “د. جريس داوود” أنه في الغالبية العظمي لا يحدث هذا الكلام، بمعني أنه لا تؤثر أمراض الروماتيزم على الحمل أو تمنعه، إلا في بعض الحالات يجب الإنتباه لها فمثلا في بعض الأمراض التي يمكن أن تؤثر على وظائف مهمة في الجسم مثلا مرض الذئبة الحمراء من الممكن أن يؤثر على الكلية، وفي هذه الحالة إصابة كلوية مزمنة تؤثر على القدرة على الحمل، فإذن هناك بعض الأمراض تصيب أعضاء مهمة في الجسم وهذه الإصابة تكون طويلة أو مزمنة قد تؤثر، كما أن استخدام بعض أنواع الأدوية والأدوية التي تستخدم لعلاج الروماتيزم تكون طويلة الأمد، فقسم منها قد يؤثر على الحمل أما في بعض الأمراض الروماتيزمية تكون نسبة الخصوبة أقل من السيدات العاديات، فنعطي مثال مثلا مرض الروماتويد أو تصلب الجلد، هؤلاء المرضي إصابة بعض المفاصل المعينة قد تؤثر على ممارسة الحياة الزوجية والإنجاب، كما أن الإرهاق والتعب الذي يرافق بعض الأمراض قد يؤثر على القدرة على الإنجاب، أخيرا يجب أن أنبه لهذا الموضوع بالذات، لأننا نستخدم أدوية متكرره جدا وجزء قليل يعرف هذه المعلومة مثل البروفين والفولتارين والبروكسين، والتي تسمي الأدوية المضادة للالتهاب، فهذه الأدوية تعمل على مادة البروستاجراندين، فهذه المادة تحبطها وتثبطها وتساعد على انفجار الكيسة أو البويضة من المبيض، ولما نستخدمها لفترة طويلة قد تمنع هذا الانفجار وبالتالي تؤثر على الحمل، ولذلك يفضل طبعا للمرأة التي تفكر في الحمل أن تمنع استخدام هذه الأنواع من الأدوية قبلها بأسابيع، كما أن الغالبية العظمى من أمراض الروماتيزم لا تؤثر على عملية الحمل إلا في بعض الحالات الخاصة.
هل هناك قاعدة معينة لتأثير الحمل على المرض وأعراض؟
لا توجد قاعدة ولكن يوجد تصنيف لأمراض المفاصل، فعلاقة أمراض المفاصل بالحمل تنقسم لثلاثة أقسام، القسم الأول يتحسن خلال الحمل هو مرض الرموماتويد، فهو مرض منتشر جدا الجميع يعرفونه فهو يصيب ١% من السيدات ويؤدي الى التهابات في المفاصل الصغيرة، والعمر الذي يصاب فيه بالمرض هو العمر المتوسط، في هذا المرض خلال الحمل أن الغالبية العظمى من الحوامل يتحسن عندهم المرض، وقد يختفي خلال فترة الحمل ولذلك في معظم الأحوال لا نحتاج لإعطاء المريضات أدوية حتى خلال الحمل، لأن المرض يتم السيطرة عليه، الى درجة أنه في التاريخ الطبي في هذا المرض هناك قصة شيقة أن الحوامل عندما كانت تحمل يذهب المرض، ففكروا في فترة زمنية في القرن التاسع عشر، أن يعطوا هرمونات الأنوثة حتى ربطوها بين فكرة تحسن المرض خلال الحمل، طبعا هذه غير مستعملة حاليا لكن بعد الولادة يعود المرض أو يحدث له هيجان من جديد في معظم الأحوال بعد الولادة.
ووضح “د. جريس” أنه ليس فقط هذا المرض الذي يتحسن ولكن هناك مرض التهاب المفاصل الصدفي يتحسن المريض خلال الحمل، كما أن الدراسات تقول أن مرض بهجت يتحسن خلال الحمل، إذا هناك بعض الأمراض تتحسن، والآن هناك أمثلة أخري معاكسة بشكل آخر لهذه الفكرة وهي الأمراض التي تتهيج وتثور خلال الحمل، وهذه الأمراض أشهرها الذئبة الحمراء المنتشرة، هذا المرض مناعي يصيب بشكل رئيسي في الإناث بنسبة ٩ : ١ بالنسبة للرجال، هذا المرض يحدث العكس تماما، فهو يتهيج ويثور خلال الحمل ولذلك في هذا المرض يحب الانتباه جدا أن قبل أن تحمل المرأة وهو لا يمنع الحمل على كل حال، ولكن يجب أن يكون هناك شروط للحمل وهي أن هذا المرض يمكن السيطرة عليه على الأقل ٦ شهور قبل الحمل، وأن يكون الأعضاء الرئيسية التي ذكرناها مثل الكلية والرئة والدماغ غير مصابات بإصابة قوية، إلى أن نسيطر على الحالة يجب أن نسمح للمريضة بعدها بالحمل، ولكن الحمل المفاجئ بدون تخطيط يمكن أن يهيج المرض ويصيب أعضاء لم تصاب سابقا، فالمرض هذا طبعا هناك أكثر من طريقة لعلاجه حتى خلال الحمل، لابد من استخدام بعض الأدوية والتذكر أن هذا أحد الأمراض الذي يمكن أن يسبب إجهاض متكرر، أما المجموعة الثالثة من الأمراض هي الأمراض التي لا تتأثر ولا تسوء، مثل مرض التهاب الفقار اللاصق.
هل هناك خطة تتبعها السيدة المصابة بالروماتيزم مع الطبيب للوصول لمرحلة الحمل؟
السيدة التي تفكر في الحمل يجب أن تضع برنامج خاص مع أخصائي النسائي ومع أخصائي الروماتيزم، لأن المرض مهم جدا السيطرة عليه ويجب التفكير في الأدوية التي تستخدمها المريضة، في بعض الأدوية يؤدي استخدامها الى العقم، وهناك دواء مشهور جدا يجب على المرأة الحامل أن توقفه على الأقل ٣ شهور قبل التفكير بالحمل، وليس المرأة فقط ولكن الرجل أيضا إذا كان مصاب يجب أن يوقفه لمدة ٣ أشهر قبل الحمل، والسبب هو أنه لا يمنع الحمل ،بل لأن هناك خطورة من حدوث تشوهات بالجنين إذا استعملنا هذا الدواء خلال الحمل أو قبله مباشرة، ولذلك وقاية يجب ايقافه ٣ شهور قبل حدوث الحمل، هناك مجموعة أخري من الأدوية ينطبق عليها نفس الكلام، ولكن بالمقابل من الوجه الآخر هناك مبالغة وتخوف رهيب من استعمال بعض الأدوية، والذي ثبت أن ليس لهم أضرار خلال الحمل مثل استخدام جرعة من الكورتيزون وخاصة إذا كانت مرتفعة، فهي لا تؤثر على الحمل ولا على الجنين، هناك أيضا دواء يستخدم بكثرة اسمه هيدروكسي كلوروكلين، هو في الأصل دواء ملاريا ولكن طبعا من فوق ال ١٠٠ سنة وهو يستخدم للروماتيزم، وهذا الدواء لفترة قبل ١٥ سنة كان يمنع منعا باتا استخدامه خلال الحمل، الآن العكس تماما صار فقد ثبت أنه غير مضر على المرأة أو الجنين، بل بالعكس آخر تقارير قالت أن كل مرأة حامل في بعض الأمراض يجب استعماله.
هل فعلا يؤدي الروماتيزم الى الإجهاض؟
يقول “د. جريس” أن كثير من أمراض الروماتيزم لا تؤثر ولكن هناك بعض الأمراض تؤثر، وأشهر مرض على الإطلاق يكون مؤثر في حدوث هذا الإجهاض المتكرر هو مرض يسمى متلازمة الأجسام المضادة للفسفوليبيد، وهذه متلازمة بدأ الكلام فيها بكثرة من حوالي ٢٠ سنة، وهي مرض مناعي قد تحدث وحدها أو تترافق مع بعض الأمراض الروماتيزمية الأخرى، في هذه الحالة تكون المشكلة الرئيسية في هذا المرض هو حدوث خثرات سواء في الأوردة أو الشرايين أو المشيمة عند الحامل، فالإجهاض المتكرر هو أحد الأعراض المعروفة في هذا المرض، والشيء الجيد في موضوع هذا المرض أنه بعد تشخيصه نستطيع معالجته خلال فترة الحمل، والآن نعرف والدراسات تثبت بأن ٢٠% من النساء الذين يعانون من اجهاض متكرر يكون سببه الروماتيزم، لذلك يجب على المريضة التي تعاني من الإجهاض المتكرر مراجعة طبيب روماتيزم وليس طبيب نسائي، ولذلك في بعض الحالات نعم يحدث إجهاض.
هل يؤثر على الجنين أن الأم مصابة بالروماتيزم؟
الجنين يتأثر في حالات محدودة من أمراض الروماتيزم، فهناك مرض مثلا يسمي الذئبة الحمراء، فوجود بعض الأجسام المضادة بالدم تدخل من خلال المشيمة الى الجنين، وهذه الأجسام التي تدخل الى المشيمة تكون متميزة بأنها تحدث تأثير على كهربائية القلب عند الجنين، هذه الأجسام التي نفحصها نوع اسمه SSA ونوع اسمه SSB ، ولذلك المرأة التي عندها هذه الأجسام يجب أن تراقب نفسها خاصة بين الأسبوع ال ١٦ والأسبوع ٢٣، ونتأكد أن كهرباء القلب عند الجنين سليمة وتكون الكهرباء لا تمر بطريقة صحيحة، هذه الحالات تكون من الحالات الصعبة ولكن الحمد لله نادرة.
ما النصائح التي تقدمها للسيدة المصابة بالروماتيزم لضمان حمل سليم؟
وينصح د. جريس” السيدة المصابة بالروماتيزم أنه إذا كان هناك تخطيط للحمل يجب أن تعتبر أن مراجعة طبيب الروماتيزم أهم من مراجعة طبيب النسائي، وهذا طبعا إذا راجعتنا مريضة روماتيزم هناك مجموعة من البرامج التي يجب التأكد منها، أولا وضع الأعضاء والروماتيزم عندها، هل هناك إصابة مزمنة؟ هل المرض نشيط أو مسيطر عليها؟، احدى هذه الطرق تقرر كحالة روماتيزمية الموافقة من حيث المبدأ على الحمل، ثم يجب التأكد من السوابق الولادية عند المرأة، هل يوجد إجهاض متكرر أم لا؟ يجب التأكد من الفحوصات المخبرية التي تساعدنا، هل وضع الدم والكلى والكبد سليم؟ ونتأكد من نشاط المرض عبر الفحوصات المناعية، والتأكد من الثوابت المرضية مثل الضغط والسكري عند المرأة، يجب عمل فحوصات روتينية تتضمن فحص البول، لأنه عند مرضى الروماتيزم يوجد في بعض الحالات زيادة الإصابة بالتسمم الحملي، فيجب مراقبة الضغط والزلال في البول، وإذا بيننا الحالة كلها يجب على المرأة الحامل مراجعة طبيب نسائي وطبيب روماتيزم بمعدل ما يقارب الشهر حتى الأسابيع الأخيرة، حيث نحتاج في الكثير من المرات أن تراجعنا كل أسبوعين مرة وأحيانا كل أسبوع مرة.