هناك أكثر من 2 مليار مكالمة و أكثر من 40 إلى 50% من الأشخاص ممن يعبرون عن مشاعرهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف يؤثر ذلك علينا من الناحية النفسية والذهنية وأيضاً من الناحية الجسدية على الرغم من أن هناك بعض الأشخاص ممن يرون أن التكنولوجيا جعلتنا أكثر عُزلة اجتماعية لكن هناك آخرون أن لمواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا فوائد عدة خاصة من الناحية الذهنية.
هل يُعد مصطلح إدمان مواقع التواصل الاجتماعي موجود بيننا الآن؟
استهلت الدكتورة ” نهاية الريماوي “: تعتبر مشكلة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي هي قصة نراها يومياً حيث نرى العديد من الأشخاص يقضون وقت طويل جداً على الشاشات سواء التليفون أو الكمبيوتر لكننا حين نعبر عن كلمة إدمان فإننا نعني الاستخدام المفرط للشيء وعدم الاستغناء عنه باعتباره شيء مهم.
أما النقطة الثانية أن يتم اعتبار مواقع التواصل أنها شيء انسحابي حين يتم الاستغناء عنه مؤقتاً فإن الشخص قد يشعر بشيء من القلق والتوتر وحالة أخرى غير مرضية.
أما من الناحية العلمية فلا يمكننا اعتبار إدمان مواقع التواصل الاجتماعي نوع من الاضطرابات النفسية ولكن يمكن اعتباره مستقبلاً نوع من الإدمان على عكس الألعاب الاليكترونية التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية الآن نوع من أنواع الإدمان عند الشخص، لذلك فإن مواقع التواصل والجلوس على الشاشات لفترات طويلة أصبحت ظاهرة بدأت أعراضها في الظهور على الأشخاص ويمكن تناولها كاضطراب نفسي حتى يتم علاجها.
هل يقلل الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات من المرونة الدماغية والذكاء؟
تابع الدكتور ” محمد سماحة “: هناك تأثيرين مبكر وآخر متأخر للشاشات على الإنسان حيث أن التأثير المبكر ينمي القدرات الذكائية وينمي الذاكرة والمقاييس العامة في الحياة مثلما نرى في الطفل الصغير الذي يتلقى العديد من المعلومات ثم يمكنه أن ينمي الخلايا التي تحتفظ بتلك المعلومات.
على الجانب الآخر، هناك تأثير متأخر على الدماغ من كثرة استخدام الكمبيوتر والذي يؤدي مستقبلاً إلى ضمور القشرة الرمادية في الدماغ وهي مكان التفكير ومكان الذكاء فقد تؤدي إلى ضمور مبكر للدماغ مما قد يؤدي إلى ضعف الذاكرة والنسيان، كما أن هنالك عوامل أخرى غير مباشرة تؤدي إلى ضمور الدماغ ومثال على ذلك عند دخول أشعة الشمس الصباحية إلى العين ليدخل إلى منطقة في الدماغ تسمى منطقة ما بعد المهاد داخل الدماغ هذا المكان هو ما يفرز الكورتيزون الذي يعطينا الحيوية العامة مما يمنع الغدة الصنوبرية في الدماغ من إفراز مادة الميلاتونين وهي المادة التي تساعدنا على النوم.
أما في المساء فيزيد الميلاتونين في الدماغ فيمكن للإنسان أن ينام بشكل مريح ولكن عندما يتعرض الإنسان لضوء الأجهزة التكنلوجية الحديثة كالكمبيوتر وغيره فإنه يمنع إفراز مادة الميلاتونين ومن ثم لا يستطيع الجسم أن ينام بشكل مريح، لذلك فإن الإنسان يفقد كثيراً من إنتاجيته في اليوم التالي ويشعر دوماً بالاسترخاء العضلي والكسل والسمنة والهزال إلخ إلخ..
هل تؤثر شاشات الأجهزة الذكية على العين؟
أردف ” وريكات “: هناك عدة دراسات جديدة أثبتت أن الأطفال الذين لا يتعرضون للشمس بشكل جيد هم أكثر عُرضة لقصر النظر.
على الجانب الآخر، لا يوجد أي دراسة تثبت حتى الآن أن شاشات الأجهزة الذكية تعتبر مؤذية لعيون الأطفال أو غيرهم، ولكن في المقابل تكمن المشكلة الكبرى التي نواجهها مع الكبار ومن يجلسون لساعات طويلة على الشاشات في جفاف العين ويُعد السبب الرئيسي هو قلة الترميش عند الجلوس على هذه الشاشات لأنهم يركزون كثيراً عند الجلوس أمام شاشات الأجهزة الذكية، لذلك يُنصح دوماً للأشخاص الذين يقضون ساعات طويلة أمام الكمبيوتر استعمال قطرات الترطيب للعين.
إلى جانب ذلك، يمكن أن يشعر الإنسان خاصة من لديه طول نظر أو انحراف بالقرنية بالصداع المستمر نتيجة وجود عضلة لديه داخل العين تساعده أن يركز أكثر على القريب ومن ثم تتعب هذه العضلة لتتسبب في زغللة العين أو الصداع، لذلك يجب أخذ فترة راحة كل 20 دقيقة من الجلوس على شاشة الكمبيوتر.
واقرأ: تأثير التكنولوجيا على اللغة العربية
كيف غيرت مواقع التواصل الاجتماعي من منظومة العلاقات الاجتماعية؟
ذكرت ” نهاية “: هناك دراسة أجريت على الأشخاص الذين لا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وآخرين يستخدمونها وأفادت تلك الدراسة أن 40% من حديث الأشخاص الذين لا يستخدمون مواقع التواصل عن ذاتهم تكون بنسبة كلامهم، لكن انتقلت هذه النسبة إلى 80% عند الأشخاص الذين يستخدمون تلك المواقع الخاصة بالتواصل الاجتماعي، وفي حالة تفاعل الآخرين مع مثل هؤلاء الأشخاص على تلك المواقع فإنهم يشعرون بالرضا عن الذات وذلك حين يُفسر علمياً يكون نتيجة زيادة إفراز هرمون الأكستوسين وهو ناقل عصبي مسئول عن العلاقات الاجتماعية وزيادتها بنسبة 13% كما يعبر عن السعادة والراحة لمستخدم تلك المواقع كما يزيد ذلك من مهارات الذكاء العاطفي.
إلى جانب ذلك، يمكننا القول أن مواقع التواصل الاجتماعي عززت من مفهوم Monophobia أو مفهوم العزلة وذلك حين لا يشعر مستخدم تلك المواقع بتفاعل جيد من الآخرين تجاه ما يقوم بنشره يومياً مما يرفع أيضاً من حالة التوتر والقلق ويقلل من نسبة الثقة بالذات عند هذا الشخص.
واختتم “سماحة ” مستشار جراحة الدماغ والأعصاب الحديث قائلاً: لأجل الصدفة يجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية قد أوصت بالأمس أن الطفل ما بين عمر سنتين إلى خمس سنوات لا يجب عليه استعمال الموبايل أو شاشة الكمبيوتر أكثر من ساعة واحدة في اليوم وفي حالة استعماله أكثر من ذلك فإنها تؤثر على النهج اللغوي والذخيرة اللغوية لديه بنسبة 49% كما أن من فوق 5 سنوات من الأطفال لا يمكنهم استعماله أكثر من ساعتين، لذلك فإننا نلاحظ حالات كثيرة من حالات تأخر النطق عند الأطفال.
وأخيراً، يعمل الجلوس على مواقع التواصل أكثر من 4 ساعات يومياً على اضطراب في النوم واضطراب في التفكير والتركيز بالإضافة إلى ألم الرقبة والظهر بجانب احتكاك الفقرات، لذلك يوصى دائماً بوضع الكمبيوتر في وضعية عالية عن الرقبة.