قد يعتقد البعض أن الأمر فلسفيُّ بحت، لكنهُ أبسط من ذلك، ويحدُث كثيراً لكن الإنسان لا يُلقي له بالاً في كثير من الأحيان، هنا الحديث عن بيت القصيد وهو التفكير السلبي، فلنتطرّق سوياً إلى هذا الأمر من جهاتِ عدّة، هذا استناداً على آراء علمية وليست عبثاً، فتابعوا معنا هذا الحديث المُتلفز مع الاختصاصية في مجال العلاقات الاجتماعية “أماني جوزع”.
هل التشبث بالرأي يمكن أن يكون سبباً في خسارة علاقتنا الاجتماعية؟
تقول الاختصاصية، أن التشبث بالرأي والتمسك بالأفكار السلبية، أو المغلوطة أو أي نوع من الأفكار غير الحقيقية، والتي صاغها دماغنا بطريقته الخاصة، ومن ثم تتحول هذه الأفكار إلى مشاعر سلبية أيضاً، كمشاعر الحزن، أو الاحباط، أو اليأس، والذي بدوره يتم ترجمته على هيئة سلوك سواء كان هذا السلوك هو الهروب، أو الانقطاع عن الحوار مع هذا الشخص، أو أن نقوم بمهاجمته، فبالتالي يؤثر ذلك على علاقتنا بشكل كبير، ويؤدي إلى أن تكون العلاقة غير صحية بالمرة.
ما هي أنماط التفكير السلبي؟
إن للتفكير السلبي أنماط عديدة، فمن أهم أنماط التفكير السلبي هو التفكير القطبي، والذي يتميز باللونين الأبيض والأسود فقط، أو بمعنى آخر “كل شيء أو لا شيء”، كما أن هناك نمطاً آخر من التفكير السلبي وهو الشخص الذي يرى أن أي نقد موجه له شخصياً، وكذلك هناك الأنماط التي تقوم بتعميم أي سلوك، فمثلاً يتم تعميم فكرة أن المرأة بشكل عام لا تستطيع قيادة السيارة بشكل صحيح، ذلك بالإضافة إلى التفكير السلبي الذي يقوم فيه الشخص بتضخيم الأمور، وإعطاءها حجماً أكبر من حجمها الواقعي، والعكس كذلك هناك نمطاً سلبياً آخر من التفكير وهو تصغير وتهوين الأمور عن حجمها الواقعي أيضاً. كل هذه الأنماط المختلفة تعمل على خلق حواجز بين الأشخاص في علاقاتهم الاجتماعية والعاطفية كذلك.
كيف يمكن التعامل مع الشخص المتشبث برأيه دائماً؟
تؤكد “خوزع” على أهمية الوعي الذاتي، فلابد من أن يتفكر كل شخص ويحلل نمط تفكيره، فمثلاً إذا كان الشخص قد صادف منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كان الشخص ما إن رأى المنشور فاتخذ حكماً مسبقاً بأن هذا صحيح أو خاطئ، أو مثلاً بأن ألقى حكمه على صاحب المنشور فصنفه بأنه مؤمناً أو العكس. فهذه الأحكام تدل بشكل كبير على نمط التفكير.
كما يجب أن ندرك أن كل شخص يمكن أن يخطئ، وأن مثل هذه الأنماط السلبية للتفكير تولد منذ الطفولة تبعاً لطريقة التربية، ومن هنا يجب أن نبدأ في التعاطف مع هذا الشخص صاحب التفكير السلبي، ونبدأ في إخباره إذا كانت علاقتنا معه قوية بأن مثل هذا التفكير السلبي كتصغير الأمور أو تضخيمها أو أي نمط سلبي آخر يؤثر علينا سلباً.
ولا يجب أن ننسى أبداً أن مثل هذا النقد يتوقف بشكل أساسي على نوع العلاقة بيننا وبين هذا الشخص صاحب التفكير السلبي، فإذا كانت العلاقة بيننا سطحية فلا يجب أن ننقده من الأساس؛ لأنه في أغلب الأحيان لن يتقبل مثل هذه الانتقادات، أما إن كانت العلاقة بيننا عميقة، فحتى في مثل هذا النوع من العلاقات يجب أن ننقد الشخص بأسلوب معين بعيداً عن الانتقاد المباشر، والتجريح، وأن نخبره الحقيقة بكل محبة.
إذا كنت صاحب نمطاً سلبياً للتفكير، كيف يمكن أن أطور من ذاتي؟
تُنبه “أماني” على أهمية تطوير الذات بشكل مستمر من خلال التدريبات الدورية، أو اللقاءات الاجتماعية، أو القراءة والثقافة بشكل عام. كما يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا وأن نقيم أنفسنا بشكل محايد، حتى نوصل إلى نمط تفكيرنا، ومن ثم نبدأ في تعديل وتغيير هذا النمط السلبي من التفكير.
وأخيراً، فيجب ألا نتصنع أبداً في علاقتنا، فنتقبل أخطائنا وسلبيتنا مع محاولات التغيير المستمرة، ذلك بالإضافة إلى أهمية أن تتقبل الأخرين خاصة في مجال العمل الذي نحتك به يومياً، كما تؤكد “خوزع” على أهمية الفصل ما بين الشخص ومعزته لدينا، وبين سلوكه.