لا شك بأننا نلحظ مؤخراً العديد من التغيرات المناخية آخرها الحرائق الاسترالية الكبيرة التي شكلت خطراً بالغاً على الأُسر الاسترالية بشكل خاص.
يبقى التغيير المناخي هو القنبلة الموقوتة التي لم ينتبه العالم إلى آثارها الوخيمة بعد، حيث أنه مع الزيادة الملحوظة في درجات الحرارة وذوبان الجليد وانتشار النفايات والأدخنة يظل الإنسان محاصَراً بشتى الأمراض التي يعرفها أو التي لم يسمع عنها أو يكتشفها بعد ليبقى الحل الأمثل في وقاية الجميع من هذه الأمراض والأوبئة التي تنتظرنا في مستقبلنا القريب هو ضرورة مجابهة كافة السبل التي تؤدي إلى التغيير المناخي السلبي في جميع دول العالم.
كيف تؤثر التغييرات المناخية على صحة أطفالنا؟
تقول الدكتورة رشا صادق ” أخصائية الصحة العامة ” أن هناك آثار عدة للتغيرات المناخية وبناءً على ذلك تحدث المشاكل الصحية ، ومن الآثار المتوقع حدوثها بشكل كبير هي:
- ذوبان الجليد الذي يؤدي بدوره إلى تغير في التيارات المائية مما يؤثر على الحياة البحرية بشكل عام، كما يؤدي إلى ارتفاع مستوى المحيطات التي تزيد من إمكانية تعرضنا للفيضانات التي تجتاح المدن الساحلية بشكل خاص وتهدم البنيات التحتية للدول، هذا إلى جانب مشاكل صحية أخرى تترتب عليها.
- الجفاف، يمكن أن يؤثر الجفاف بشكل مباشر على التغذية لأنه يؤثر على إنتاج المحاصيل ويكون هنالك عدم توفر للأمن الغذائي للسكان وبالتالي يؤدي ذلك إلى:
- المجاعات.
- أمراض سوء التغذية للأطفال وغيرها.
- يؤدي الجفاف إلى هجرة أعداد كبيرة من السكان.
- الصراعات والحروب.
- حدوث أمراض في مناطق لم تكن تتعرض لتلك الأمراض من قبل لأن التغير في درجات الحرارة يمكن أن يجعل بعض المناطق مناسبة لنمو بعض أنواع ومسببات الأمراض من البكتيريا وغيرها، حتى أن نواقل الأمراض كالبعوض تزيد انتشاراً ومن ثم تزيد الملاريا وغيرها من الأمراض الأخرى.
- التشوهات الخلقية، حيث أن هناك دراسات جديدة في أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تربط التغييرات المناخية بالتشوهات الخلقية في قلب الطفل ومن المتوقع زيادة هذا الأمر في المستقبل القريب بزيادة تغيير المناخ.
ما هو دور الأفراد والحكومات في التصدي لآثار التغير المناخي؟
يُعد التغير المناخي ظاهرة من صنع الإنسان حيث أنه قبل ذلك كان يحدث بصورة بطيئة جداً ولكنه الآن يتم بوتيرة متزايدة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بسبب الثورة الصناعية وسوء الاستهلاك وغيره، وهو ما يمثل مسئولية كبرى على الأفراد والحكومات والدول على حد سواء والتي ينبغي لها أن تتحكم بشكل جيد في سياسات الإنتاج.
ينحصر دور العائلات أو الأفراد فيما يتعلق بالتغير المناخي في عدة نقاط أهمها:
- ضرورة الاستهلاك المسئول.
- وجود وعي بين الأفراد بضرورة تقليل آثارنا السيئة على البيئة.
- ترشيد استهلاك الطاقة.
- عمل إعادة تدوير لكل المنتجات وإعادة فرز للمخلفات المنزلية.
- الطلب من الحكومات ضرورة استعمال الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو الطاقة المولَّدة عن طريق الرياح وهو ما بدأ فيها بالفعل بعض الأفراد في هذا العالم.
- تعميم ثقافة مجتمعية رصينة بضرورة الحفاظ على البيئة.
كيف نقوي مناعة الأطفال لمواجهة التغيرات المناخية السيئة؟
يواجه أطفال العالم الثالث على وجه الخصوص العديد من التحديات التي تطرأ عليهم نتيجة التغير المناخي الذي يشهدونه ومن ثم فإن مناعتهم تقل تدريجياً مع وجود مياه الصرف الصحي من حولهم والمياه الملوثة ومشاكل النفايات.
يُعد الأطفال هم الفئة الأكثر عُرضة لمسببات الأمراض حسب ما تقول اليونيسيف التي ذكرت أن الآثار الناتجة عن التغير المناخي يتحمل عبئها 90% الأطفال، لذلك فإننا بحاجة إلى نشر ثقافة الوعي بين الأطفال والأسر لكن الوعي وحده لا يكفي لأن التغير المناخي يحتاج لسياسات دولية شاملة.
يعتبر الأطفال أكثر عُرضة للتغير المناخي السلبي نتيجة:
- التكوين الفسيولوجي لوظائف جسدهم المختلف عن الكبار كزيادة معدل التنفس عندهم مع ضربات قلبهم السريعة مما يؤدي إلى استنشاق مسببات الأمراض بدرجة أكبر وبشكل أسرع لتنتقل إلى دمهم بشكل أسرع من الكبار.
- عدم اكتمال جهازهم المناعي مقارنةً بالكبار، وبالتالي فإن استجابة جسمهم لمسببات الأمراض تكون أضعف.
- يعيش الأطفال في بيئة ملوثة بطبعها مقارنة بالكبار الذين نشأوا في بيئة أفضل قليلاً من الآن، ومن ثم فإن فرصة تعرض الأطفال للأمراض تزداد مقارنةً بهم، مع مراعاة أن ارتفاع درجة حرارة المياه يساعد في نمو البكتيريا الضارة.
- يتعرض الأطفال في المناطق الفقيرة بدرجة أكبر من غيرهم لمسببات الأمراض نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي والذي ساهم بشكل كبير في زيادة معدل انتشار الأمراض في العالم لأن البيئة الفقيرة لا تمتلك مقومات الحياة الأساسية مثل المياه الصحية والصرف الصحي وغيرها.
كيف يمكن التعامل مع مصادر تلوث البيئة من المتفجرات؟
هناك العديد من الأطفال حول العالم خاصة في بعض الدول العربية كالسودان والعراق وسوريا وليبيا الذين يعيشون وسط المتفجرات والحروب وآثار الأسلحة البيولوجية والكيماوية، وتكمن المشكلة الكبرى في أن آثار هذه المتفجرات والأسلحة ليست بالآثار اللحظية حتى يمكن التصدي لها وإنما هي آثار طويلة الأمد وترافق الطفل مدى الحياة، ومن هنا يمكن حل هذه المشكلة جذرياً عن طريق منعها من الحدوث بتاتاً قبل أن تبدأ لأن التصدي لآثارها يعتبر تحدي كبير في حد ذاته.
على سبيل المثال، إذا تعرض طفل ما للَغم في بلد يعيش في الحرب لمدد طويلة كأطفال سوريا وفلسطين فإن هذا الطفل سيعيش بقطع يديه أو رجليه ومن ثم فإنه يحتاج للدعم المادي والنفسي والمجتمعي طوال حياته.
ما هو تأثير التغير المناخي على الطقس؟
بالنسبة لهذا الجو الذي نعيش فيه في هذه الآونة جراء التغير المناخي يمكننا القول بأن الشتاء أصبح أكثر برودة والصيف كذلك أصبح أشد حراً وذلك في ظل عدم وجود آليات للتهوية أو للتدفئة الصحية خاصةً في البلاد التي تتعرض لمشاكل صحية واجتماعية وسياسية متمثلة في الحروب أو الانقسامات والتظاهرات الداخلية.
تكمن مشكلة التغيير المناخي في أن الفرد قد يكون دوره قليل جداً في تغيير الآثار السلبية المترتبة على هذا التغير المناخي، لذلك يمكننا المساهمة في حل هذه الآثار السلبية للمناخ عن طريق:
- فيما يخص التخطيط المدني، حيث يمكن أن تُبنى البيوت أو تؤسَّس بطريقة ما لتصبح عازلة للحرارة أو تتحكم بها قدر الإمكان، ولكن تبقى العقبة الكبرى في أن هذا الأمر يتطلب مقدرة مادية كبيرة، وفي حالة عدم مقدرة الإنسان على فعل ذلك فهنا يكمن دور الدولة في توفير مساكن خاصة للسكان تستطيع أن توفر لهم فيها التدفئة اللازمة في الشتاء والتهوية الجيدة في الصيف مع الاهتمام الخاص بالأطفال الذين لا يتكيفون بدرجة كبيرة مع تغير درجات الحرارة مقارنةً بالكبار ومن ثم يتعرضون لضربات الشمس أو للبرودة الشديدة التي قد تؤدي إلى وفاتهم فضلاً عن الأمراض الأخرى التي تلازمهم مترتبةً على تغير المناخ.
- توفير وسائل التدفئة الجيدة خاصةً للأسر الفقيرة التي تحمل عبئاً أكبر في آثار التغير المناخي السلبي.
هل هنالك مطعوم خاصة للأطفال لوقايتهم من آثار التغيير المناخي؟
يجدر الإشارة إلى أن جسم الإنسان لديه القدرة على التصدي للملوثات من خلال الجهاز المناعي الذي يتم تقويته بطريقتين هما:
- التغذية الجيدة.
- والتطعيمات.
يمكن للالتهاب الرئوي على سبيل المثال أن يكون هو المسبب الأول للوفيات لدى الأطفال، ويلعب تلوث الهواء دور كبير في انتشاره، لذلك هناك الآن مطاعيم ولقاحات عديدة ضد هذا المرض وغيره والتي تقلل من انتشار الأمراض بشكل عام.
على أية حال، يجب علينا توقيف التغير المناخي الحاصل نهائياً في البيئة التي نعيش فيها حتى لا نصل إلى مراحل متأخرة والتي قد تصل إلى أسوء درجاتها وهي نهاية حياتنا بشكل عام.
وختاماً، من المفترض أن يتصدى الأهل ويعوا دورهم تجاه التدهور المناخي الذي يدور في بيئتهم مع البدء بخطوات بسيطة من المنزل، كما يمكنهم المتابعة للكشف عن الحالة الصحية الدورية لأطفالهم حيث أن المتابعة الدورية المبكرة تساعد في علاج المشاكل التي يتعرضون لها نتيجة التغيير المناخي دون أن تُهمل حالتهم حال تعرضهم لأيٍّ من هذه المشاكل.
في حالة وجود حرارة عالية يجب علينا تفادي الخروج في الشارع مع تجنب مناطق الازدحام لأنها المناطق الأكثر انتشاراً بالأمراض، ويبقى الحل الأمثل لمشكلة التغير المناخي هو الوقاية من حدوثها من الأساس لأن انتشار الأوبئة يبقى صعباً في العلاج في جميع الأحوال.