الله عز وجل خلقنا وهو الأعلم بنا وبقلوبنا وبما يصلح أحوالنا، فعلم أننا بحاجة إلى ما يروح عن أنفسنا وما يدخل البهجة على قلوبنا من حين لآخر، وأن قلوبنا تمل وأبداننا تكل من العمل المتواصل والروتين المتكرر، فجعل لنا عيدين عظيمين يحلان بأيامنا من العام إلى العام، فنلقاهما بالبشر والسرور والترحاب ونسعد بهم وننتظرهم بلهفة كما ننتظر طلة الأحباب.
ليس ذلك فحسب بل إن الأعياد وما تحمله من نفحات البركة ونسائم الرحمات العطرة الطيبة فرصة رائعة لتجديد ما بلي من إيماننا وتطهير ما علق بأرواحنا من شوائب الفتور والقسوة والبعد، وفرصة لتجديد العهد، ومن ثم فإن عيد الفطر ومن بعده عيد الأضحى يحققان لنا الكثير من النفع في الدنيا والآخرة.
وهنا واحتفالاً بقدوم عيد الأضحى المبارك الذي يحل بنا ضيفاً عزيزاً غالياً جداً على قلوبنا سوف نكتب موضوعا عن (مظاهر البهجة في عيد الأضحى) نتحدث فيه عن بعض الجوانب المتعلقة بعيدنا المبارك سائلين الله عز وجل أن ينفعنا وإياكم بما نكتب، وأن يبلغنا عيد الأضحى ونحن جميعاً في خير حال وأن يتم علينا نعمه ويديم لنا عافيتنا إنه ولي لك والقادر عليه.
مظاهر البهجة في عيد الأضحى
إن مظاهر الفرحة والبهجة والسرور في عِيد الأضْحَى المُبارك كثيرة ومتعددة تلقي بظلالها على القلوب المنهكة فتسعدها وتجدد طاقتها وتملأها بالأمل والتفاؤل، وتنعكس على إقبال المسلم على الحياة وانتعاش روحه وقدرته فيما بعد على مواصلة رحلة الكفاح من عمل أو دراسة أو عبادة أو غيره ولعل من أهم وأبرز مظاهر البهجة في أعيادنا ما يلي:
الزينة ولبس الجديد
جعلت شريعتنا الغراء من لبس الجديد والتطيب واتخاذ الزينة وحسن المظهر أمراً مستحباً في الأعياد، وحضت عليه ودعت إليه، فإذا ما تيسر للإنسان شراء زي جديد له ولأولاده أو من يعولهم، أو تيسر له شراء زي جديد لفقير أو يتيم أو محتاج فإن في ذلك ما فيه من الفضل العظيم والثواب الكبير، وذلك لأن لارتداء اللبس الجديد والظهور بين الناس بحلة جديدة أثراً طيباً رائعا على حالته النفسية ومشاعره واحساسه بالرضا والسعادة والاكتفاء.
كذلك يعد لبس الجديد درباً من إظهار نعمة الله عز وجل على عبده والتحدث بها والشكر عليها، فهو القائل في محكم التنزيل: (وأما بنعمة ربك فحدث).
الخروج للصلاة وملاقاة المسلمين
الخروج إلى صلاة العيد وأداؤها في جماعة وما يترتب على ذلك من تلاقي المسلمين وتبادل التحيات الطيبة والتهاني الغالية والدعوات المباركة في عيد الأضحى المبارك من أجمل مظاهر الفرحة، والتي تملأ أجواء الحياة والطرقات والشوارع بالبهجة، وتجعل الروح تدب في مختلف المناطق التي غالبا ما تشهد سكوناً في هذا التوقيت من كل يوم، لذلك ينبغي على المسلم أن يحرص عليها، وينبغي على الرجال أن يسمحوا للنساء بالخروج وحضورها ما دمن ملتزمات بما أمر به الشرع الحنيف من الحشمة والتعفف والالتزام.
تكبيرات العيد
تظل لتكبيرات العيد خصوصية كبيرة ووقعاً رائعاً في نفوسنا، بل إننا لا يمكن أن نشعر بالعيد ولا نحس بهجته إلا بسماع تلك التكبيرات والتهليلات، وخاصة في عيد الأضحى المبارك.
زيارة الأهل والأقارب
بسبب ضغوط الحياة وكثرة مشاغلها وانخراط الناس في روتينها المتسارع بات تبادل الزيارات واللقاءات الاجتماعية والعائلية أمر نادر الحدوث وصعب إلى حد ما، فيأتي العيد ببركته وتلك الفسحة التي يمنحها لنا لنجدد عهد القرب بأهلينا وزوي أرحامنا، ونتبادل معهم الزيارات ونلتقي بمن طال شوقنا إليهم وكبرت رغبتنا في وصلهم، وخاصة من أقاربنا المقربين من الخالات والعمات والأعمام وغيرهم، فتطيب بتلك الزيارات أوقات العيد وتحلو بها ساعاته وتعظم بها بهجته وفرحته في قلوبنا وفي قلوب أحبتنا وأهالينا.
قضاء وقت طيب مع الأصحاب والرفاق
ولعل الخروج والترفيه عن النفس مع الأصحاب والأقران له مذاق مختلف من البهجة والسرور فشعورنا بهم وبصحبتهم يختلف عن شعورنا بأقاربنا وأهلنا، فهؤلاء الرفاق هم مصدر للمرح نقضي معهم وقتاً لطيفاً بأريحية وصفاء دون تقيد بتقاليد الرسمية أو غيره، نبقى على طبيعتنا نمزح أو نفرح بلا قلق ولا مراقبة، لذلك فإن الكثير منا لا تكتمل فرحته بالعيد إلا ببرنامج للخروج والترفيه مع الأصحاب.
ذبح الأضاحي وتوزيعها
أما لحظات ذبح الأضاحي في معظم بيوت المسلمين فإنها تظل من أجمل اللحظات ومن أحلى مظاهر البهجة والفرحة في العيد، تشعر المسلم بفضل الله عز وجل عليه وستره وعظيم كرمه، فتجد أبناء الأسرة جميعاً يلتفون ليشهدوا تلك اللحظة ويبدئون في توزيع لحوم الأضحية في بشر وغبطة وسرور.
الأكل من طيبات رزق الله في هذا اليوم المبارك
يبقى تناول الطعام الشهي والأكل مما رزقنا الله به في هذا اليوم من النعم الرائعة التي تسعدنا، فطيب الطعام والشراب وتناوله بصحبة الأهل من أكبر نعم الله عز وجلع علينا ومن أعظم فضائله في هذا اليوم فلنشكره ونذكره ونقدم فروض الامتنان والشكر.
ختامنا في العيد
يجب علينا جميعاً نحن المسلمون ممن متعنا الله بتلك النعم وشملنا بمظاهر البهجة والفرحة بالعيد أن نتذكر أن بيننا ومن بني جلدتنا من حرم منها ولم يصله منها شيء، فبيننا الفقير المعدوم الذي لا يملك لبس الجديد، وبيننا المريض الذي أقعده المرض عن الخروج وملاقاة الناس، وبيننا الوحيد واليتيم الذي لا ينعم بصحبة الأهل، فلنتق الله في هؤلاء.