بينما يعتقد البعض أن اللين واللطف وسيلة من وسائل التقويم والتربية، يرى البعض الآخر أن العنف هو الأقدر على التعليم والتقويم، كل بحسب خلفيته التربوية الثقافية، ولكن هذا لا ينفي بشاعة العنف وخطورته على تربية شخصية سوية.
مظاهر العنف ضد الأطفال
العنف مع الطفل له عدة صور ومظاهر من أهمها:
- العنف اللفظي واستخدام الألفاظ القاسية والسب والشتم والاهانات المتعمدة، عند اقتراف خطأ ما.
- العنف الجسدي بالضرب، وللأسف فكثير من الأمهات والباء يتبنون هذا الأسلوب الغير سوي في التربية معتقدين أن الطفل حين يضرب لسبب من الأسباب إنه سوف يدرك الخطأ ولا يعاوده مرة أخرى.
- العنف النفسي والمعنوي، وهذا من أخطر مظاهر العنف على الإطلاق لأن معظم المربين يمارسونه دون وعي، ومن صوره مثلا تجاهل الطفل والتقليل من شأنه وتسفيه كلامه ومتطلباته، ومنها ممارسة العنف على الأمهات على مسمع ومرأى من الأطفال ومنها قمع رغبات الطفل وارغامه على ما لا يريد.
التأثيرات السلبية للعنف على الطفل
تعرض الطفل للعنف بأي صورة من صوره يترك أثاره السلبية الخطيرة على الطفل من كافة النواحي، الجسدية والعقلية والإدراكية والمعرفية والنفسية بلا شك.
فأما تأثيره على النواحي الجسدية والذهنية فهي كثيرة ومن أهمها أن تعرض الطفل للعنف يحدث بعض الاضرابات مثل القلق والخوف الذي يؤثر على شهية الطفل وقابليته للطعام، ويؤثر على قدرة الجهاز الهضمي على القيام بوظيفته فيحدث نوبات إمساك أو إسهال أو غيره من اضرابات الهضم.
أما القدرات العقلية والدراسية والمعرفية عامة لدى الأطفال الذين يتعرضن لممارسة العنف أو حتى يشاهدون ممارسة العنف على أمهاتهم أو ذويهم فإنهم يصبحون أقل قدرة على التركيز والانتباه وبالتالي صعوبة في الفهم والاستيعاب والاستنتاج، وغالبا ما يعانون من تأخر في التحصيل الدراسي.
التأثير النفسي للعنف على الطفل
معظم التأثيرات التي ذكرناها آنفا يكون المحرك الأول لها نفسي ومعظم الاضطرابات السلوكية يكون الدافع الحقيقي وراءها نفسي من الدرجة الأولى، والذي ينعكس في صورة اضرابات سلوكية ونفسية متعددة ومن أهمها ما يلي:
التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات والتذبذب
الأطفال الذين ينشئون على العنف ويألفون مشاعر الخوف، تجد شخصياتهم ضعيفة متذبذبة، لا يجرؤن على اتخاذ القرارات ولا يقدمون على الاختيار بين ما يطرح عليهم من خيارات، لأنهم يخافون النتائج ويعتقدون أنهم غير قادرين على تحمل المسئولية.
ضعف الثقة بالنفس
يعتبر ضعف الثقة بالنفس المظهر الأبرز الذي يعاني منه من يتعرض للعنف، ويمتد هذا العرض ليصبح سمة من سمات الشخصية، فالشخص الذي تعرض للضرب أو الإهانات اللفظية والشتائم، تتكون عنده صورة سيئة عن نفسه وعن قدراته، ويستشعر الدونية والنقص بين رفاقه، فينعكس ذلك في صورة عزلة وعدم اختلاط وعدم القدرة على التعبير عن النفس أو ابداء رأيه أو تكوين رأي ابتداءً.
الخوف والقلق
بعض الأطفال الذين تعرضوا للعنف يصابون بالرهاب النفسي أو الخوف المرضي، ولا يستطيعون التخلص من ذكريات العنف، وقد تلازمهم مشاعر القلق في الأحلام وفي الواقع أيضا، ومشاعر الخوف من المشاعر الرهيبة التي تحول بين الانسان وبين تحقيق أي تقدم في حياته العلمية والعملية.
الشخصية العدوانية
من تأثيرات العنف على الطفل أن يجعل الطفل عدوانيا عنيفا مع زملائه معظم الوقت، حاد الطبع وعصبي جدًا، ويرسخ في ذهنه قيم العنف وصوره ويعتقد أن العنف هو الطريقة التي توصله إلى اهدافه وتحقق له مطالبه، وغالبا ما ينشأ على هذه المعتقدات.
وأخيرا ينبغي أن نذكر أنفسنا بكلمات خالدة، أوصانا بها الحبيب (صلى الله عليه وسلم) إذ قال: (ما وجد الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه).