كنت أنظر إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» نظرة احترام وتقدير، لدورها في رعاية هذه الحقول الأساسية لبناء الإنسان، حتى قرأت خبرا جعلني ألحقها بالمنظمات الدولية الأخرى التي طالها الفساد والتخاذل. إذ كيف تقبل منظمة تقدم نفسها على أنها راعية التربية والتعليم والثقافة في العالم أن تتعاون مع كيان غاصب وإرهابي وهو الكيان الصهيوني وتوقع معه اتفاقية على التوعية بمأساة محرقة اليهود «الهولوكوست» وإنتاج أفلام لعرضها في محطات فضائية تتحدث عن هذه «المأساة».
نعلم جميعا السمعة التي أصبح عليها الكيان الصهيوني في الغرب وباقي دول العالم – سمعتها لدينا معروفة – بعد عدوانها على غزة وسفن المساعدات وآخرها السفينة التركية، لذا يعمد هذا الكيان المسخ إلى تلميع صورته والظهور بمظهر الضحية كما اعتاد منذ بدايات التخطيط له «وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله». فكل ما يصدر عنه ليس بمستغرب نظير طبيعة هذا الكيان الغاصب، لكن أن تقدم منظمة يفترض فيها الموضوعية والعناية بأطفال الدول النامية والمشاريع التعليمية فيها ومحاربة الجهل، أن تقدم على التعاون مع الكيان الصهيوني على نشر ما يبعد عنه تهم الجناية وإظهاره بمظهر الضحية فهذا ما يبعث على الأسف بل وإعادة النظر إلى هذه المنظمة وبرنامج عملها.
والأخطر هو الاتجاه إلى فضائيات في منطقتنا لعرض هذا الفيلم الوثائقي، وهنا يجب على الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التحرك لوأد هذه الخطوة في مهدها. وكان الأحرى باليونسكو عرض مآسي الشعب الفلسطيني الأسير في غزة والضفة والتهجير الذي يتعرض له السكان العرب في القدس الشريف بعد احتلال منازلهم. لكن إن لم نقم بذلك فلا يجدر بنا انتظاره من غيرنا. استخدام المحرقة مبرر للتنكيل بالشعب الفلسطيني منذ بدايات القرن الماضي أعظم الجرائم، وكفى جبنا ونفاقا يا «يونسكو».
بقلم: عمر الرشيد