شعار اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
استهلت غريس خليف “مدربة على تطوير الذات”: إنني أتفق تماماً وبنسبة 100% على هذا الشعار وأرى أنه مناسب لأن الإنسان المدمن هو إنسان مريض وضحية ولا يجب علينا أن نعتبره مجرم بينما يمكننا تفهم وضعه وتفهم الأسباب التي أوصلته إلى الإدمان ونجرب ندعمه ونتحدث معه ونسانده ونحاول أن نوصله إلى الطريق الصحيح لأن العقاب سيزيد همه والمصاعب التي تواجهه وأوصلته إلى هذه المرحلة من الإدمان التي لا يستطيع أن يتوقف عنها لأنه لا يملك الإدراك المعنوي الحسي الكافي للقيام بهذا الواجب الذي يجب أن يُقدم له من جانب المحيطين به بالتسامح والرحمة والحب حتى يصل إلى الطريق الصحيح.
وأردف المدمن السابق ” محمد بنتاوت “: أُدعى محمد بن تاوت من مدينة طنجة بالمغرب، طُلقت والدتي في سن صغير وأنا في عمر الشهرين وكانت هي العامل الأساسي في إدماني على المخدرات فيما بعد، كما بدأتُ في سن الثالثة عشر بشرب السجائر ومنها إلى الحشيش ثم إلى تعاطي الكحول.
إلى جانب ذلك، نصحني أحد أصدقائي حتى يساعدني على النوم بتعاطي الهيروين وبعد مرور 3 أو 4 أشهر ذهب أصدقائي وبُددت أموالي وشعرت بانسحاب في رأسي وحاجة إلى أموال لأتعاطى بها المخدرات.
على ذراع محمد اليوم آثار جروح بما يمكن اعتباره الحد الأقصى من الإدمان وهذه الجروح ليست من الهيروين أو الكوكايين وإنما نتيجة تعاطي أقراص هلوسة مع الخمر نتيجة نصائح أصدقاء السوء، ويرد محمد تعاطي المخدرات إلى سبب واحد وهو حرمانه من الحب لأنه كان يعيش مع جدته وعمته وأبيه وبعد وفاتهم واحداً تلو الآخر شعر محمد أنه وحيد دون أن يكون لديه أحد يستند عليه في هذه الحياة وهذا ما حفزه للذهاب إلى طريق الإدمان.
بالإضافة إلى ذلك، مع غياب مادة التعاطي والمال وفقدانه معظم أصحابه بالجرعات الزائدة قرر محمد بنتاوت النهوض مرة أخرى للحياة بالذهاب إلى ورشات بعض الجمعيات المناهضة للإدمان ومن ثم كانت لديه قابلية لفعل هذا الشيء، وكان محمد ضمن الثلاثة الأوائل الذين حصلوا على الميتادون الذي غير حياته بشكل عام خاصة السلوك حتى أصبح في غير حاجة لطلب المال، وها هو محمد اليوم بمساندة الجمعيات الأهلية الخيرية يتحول إلى مدير للجمعيات وقائد لحملات التوعية في المدارس ويخبر قصته على الملأ ويظهر آثار جروحه الذي يعتبرها علامات شفاء نتيجة حب الغير له.
هل يمكن للحب أن يشفي إنسان من الإدمان؟
تابعت الدكتورة ” غريس “: يعتبر الحب أقوى سلاح ضد أي شيء مؤذي للإنسان لأن الإنسان الذي يفقد الحب يفقد الرغبة في الحياة ويفقد الشيء الداخلي الذي يعطيه الشعور بالعيش بطريقة مريحة حتى أن المدمنين أنفسهم يبحثون دوماً عن الحب لأن الدماغ حينئذ يفرز بعض الهرمونات مثل الدوكامين والذي يسمى بهرمون السعادة أو هرمون الأكسوتوسين، وهذه الهرمونات تؤثر كثيراً على الجسم وتساعد على الترابط والتواصل وعلى الانسجام مع الآخرين كما أن الدماغ يعطي حينها أوامر للخلايا حتى يتم تجديدها مرة أخرى، لذلك يعتبر الحب هو أقوى سلاح لتحمل الألم والوجع حتى أن الجروح يمكنها أن تلتئم بصورة أسرع.
الدافع للأشخاص المدمنين للإقلاع عن الإدمان
أردفت ” غريس “: هناك شخصيات مختلفة للإنسان الواحد وعليها تتوقف مدى رغبته في الحياة حيث أن المدمن دون أن يشعر يود الموت لأنه لا يشعر بالسعادة لكن يختلف كل شخص عن الآخر لأن هناك قوة داخلية تدعمنا من الداخل وتساعدنا للوصول إلى هدفنا الدائم وهو السعادة، وهذا ما رأيناه في حالة محمد بنتاوت الذي أصر على النهوض مرة أخرى ولكن يجدر الإشارة إلى أن الجمعيات الأهلية هنا لها دور كبير ومهم في هذا الأمر لأنها تقدم له البرنامج الذي يساعده على التوقف عن الإدمان كما أنها تقدم له الأدوية التي تنظف السموم من جسمه وتقدم له الدعم المعنوي والنفسي ولكن ذلك من الصعب أن يتم دون أن يكون لدى المدمن حب للذات.
وأخيراً، رسالتي إلى المدمنين ألا يشعروا باليأس لأن الجميع من حولهم قد غيروا أفكارهم تجاههم ولا يعتبرونهم مجرمين بعد الآن.