في اليوم العالمي للقضاء على الفقر، ١٧ أكتوبر ٢٠٢٠، نقول أن الأطفال يُعَدّون القاعدة والأساس في بناء أي مجتمع، ولذلك يهتم المسؤولين وتهتم جميع المؤسسات المختصة بمعالجة الفقر بفئة الأطفال، وتسعى جاهدة لمحاولة التغلب على الفقر، وتمكين هذه الفئة من عيش حياة سليمة وتوفير جميع متطلبات الحياة الأساسية.
مدى واقعية شعار العمل معاً للقضاء على فقر الأطفال
يقول “عبد زهرة الهنداوي” الناطق الاعلامي لوزارة التخطيط العراقية: أن الأطفال يمثلون الآن القاعدة والمُنطلَق لبناء المجتمعات، وبالتالي يأتي الشعار مهتماً بهذه الشريحة الأساسية.
والذي يجسد بشكل واضح التوجهات، سواء كانت على المستوى الوطني في كل البلدان أو على المستوى الدولي والعالمي من خلال أجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠، والتي وضعت أن من أهدافها الأساسية القضاء على الفقر بنحو عام.
والاهتمام بالشرائح الهشة، ويعد الأطفال من هذه الشرائح الهشة والضعيفة في المجتمعات، وبالتالي ينبغي الاهتمام بها تحت شعار لن نترك أحد خلفنا.
وأضاف أنه وفق هذه الرؤية تم وضع جميع الخطط والاستراتيجيات التي تعالج وتكافح الفقر في العراق على المستوى الوطني، وهناك ثمة تفصيلات على المستويات المحلية لكل محافظة من المحافظات.
وكل منطقة من المناطق على حسب مستويات الفقر، وبحسب طبيعة المجتمعات في كل منطقة، وتستهدف الخطة مثل هؤلاء الشرائح الاجتماعية وفي مقدمتهم الأطفال.
الاستهداف يكون من خلال توفير متطلبات الحياة الأساسية لهؤلاء الأشخاص، مثل التعليم ويُعد الأساس، ومستوى العيش، والصحة، والسكن.
وهذه المُرتكزات الأساسية هي محور الخطط التي تضعها وزارة التخطيط والحكومة العراقية بنحو عام، وذلك لمكافحة الفقر وتمكين الشرائح الضعيفة مثل الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين الذين لا يستطيعون ممارسة حياتهم إلا من خلال تمكينهم وإدماجهم في المجتمعات.
لماذا لا يزال الفقر حاضراً بشكل كبير وبأرقام مرتفعة بالرغم من الجهود التي تُبذل؟
أكمل “عبد زهرة” حديثه بالقول أن الفقر مازال يمثل أحد التحديات الأساسية التي تواجه التنمية في العراق، والفقر ليس وليد اليوم ولكنه موجود عبر تراكمات زمنية لعقود طويلة من الزمن، بسبب ظروف الحكم في العراق.
في عام ٢٠١٠ أطلقت وزارة التخطيط أول استراتيجية لخفض الفقر في العراق، وكانت نسبة الفقر وقتها تبلغ ٢٣٪ تقريباً، والاستراتيجية الأولى كانت تستهدف خفض نسبة الفقر إلى مستوى ١٦٪، وبالفعل نجحت هذه الخطة، فكانت نسبة الفقر في عام ٢٠١٣ تمثل ١٥٪.
وفي عام ٢٠١٤ تعرضت العراق لازمة مزدوجة تمثلت في ظهور صفحة إرهابية، وكان هناك احتلال لثلث أرض العراق وهجرة حوالي ٥ ملاين شخص عن مناطقهم، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط الذي يمثل مورد أساسي للاقتصاد في العراق، وبالتالي توقفت الكثير من موارد التنمية والحياة.
وهذه المشاكل تسببت في ارتفاع نسبة الفقر مرة أخرى إلى ٢٠٪ بعد عام ٢٠١٤، ونسبة كبيرة من هؤلاء الفقراء كانوا من النازحين، وبالتالي كل الخطط التي جاءت بعد هذه الفترة كانت تركز على محورين هما:
- معالجة ظروف النازحين ومحاولة تأمين عودتهم بعد تحرير مناطقهم من المنظمات الإرهابية.
- معالجة مستويات الفقر في مناطق أخرى من البلاد.
وأضاف أنه بعد ذلك تم إطلاق خطة واستراتيجية لخفض الفقر في العراق، والتي تستهدف خفض الفقر من نسبته الحالية، وتم تنفيذ الخطة في عام ٢٠١٨ وبلغت نسبة الفقر ٢٠٪، والنسبة مازالت مرتفعة ولكن تم خفضها عن سابقاً، ويُستهدف من خلال استراتيجية خفض الفقر سنة ٢٠١٨، ٢٠٢٠ خفض نسبة الفقر إلى ١٥٪.
وهناك خطط واستراتيجيات أخرى مثل خطة التنمية الخمسية ٢٠١٨، ٢٠٢٢ لأن الفقراء في نهاية المطاف يمثلون جزء من المجتمع، وجميع الخطط تستهدف المجتمع بنحو عام مع التركيز على الشرائح الضعيفة.
وهناك مجموعة من المسارات تعمل مع بعضها مثل خطة التنمية الخمسية واستراتيجية خفض الفقر ورؤية العراق للتنمية المستدامة إلى عام ٢٠٣٠ والتي تستهدف محاربة الفقر، وجعل للفقراء مسارات أساسية في التعليم والسكن والصحة، وتمكين المرأة.
إلى أي مدى تشمل خطط محاربة الفقر الأطفال؟
يؤكد عبد زهرة الهنداوي أن للأطفال مساحة استهداف جيدة بالمقارنة مع سائر الشرائح العمرية في المجتمع العراقي، ويمثل الأطفال نسبة عالية في المجتمع العراقي، لأن المجتمع العراقي يحتوي على من ٨٥٠ ألف إلى مليون حالة ولادة سنوياً، فيكون هناك دائماً زيادة في عدد الأطفال.
لذلك يتم وضع الخطط لتحسين معيشة الأطفال من خلال خفض نسبة الوفيات، وتحسين مستوى حياة الأمهات وخاصة الحوامل، وتوفير خدمات صحية بشكل مناسب سواء للأمهات أو الأطفال.
وهناك تحسُن ملموس في المؤشرات التي تستهدف هذه الشريحة من السكان، وتشير هذه المؤشرات أن هناك انخفاض كبير في عدد الوفيات وزيادة واضحة في معدل الولادة الصحيحة.
وهناك أيضاً ارتفاع في نسبة الحوامل اللواتي يتلقين الرعاية الصحية في المراكز الصحية، وهناك ارتفاع جيد في نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية والتي تصل إلى ٩٤٪.
وهناك تحسن في عمليات تقديم الخدمات الصحية بشكل عام للسكان والأطفال، ويؤكد أن المؤسسات تعمل جاهدة بكل ما لديها من إمكانيات بشرية ومالية لتطوير شريحة الأطفال لأنها محور بناء المجتمعات السليمة.
تفاوت في نسبة الفقر بين منطقة وأخرى!
ختم “الأستاذ عبد زهرة” حديثه بالقول أن هناك تفاوت واضح في معدلات الفقر بين العاصمة بغداد وسائر مدن العراق ومحافظاته، ونسبة الفقر في العاصمة بغداد أقل من باقي المحافظات.
وذلك لأن بغداد تحتوي على مراكز تجارية كبيرة، وبها الكثير من الفعاليات الاقتصادية بسبب توفر ظروف عيش أفضل للسكان، وهي تمثل أيضاً أكبر كثافة سكانية في العراق، حيث تحتوي على أكثر من ٨ ملايين، والمحافظة الأكثر فقراً في العراق هي محافظة المُثَنى في جنوب العراق.
ونسبة سكانها أقل من مليون، ونسبة الفقر بها كبيرة، حيث ٥٠٪ من السكان هم دون خط الفقر، ونسبة الفقر في الكردستان من ١٠ إلى١٢٪، ونسبة الفقر في محافظات الجنوب ٣٠٪، ونسبة الفقر في محافظات الوسط ١٧٪، وفي العاصمة بغداد ١٣٪.