«أم عبد الله» تسأل: ابنتي آيات عمرها الآن 7 سنوات، وقد أنهت الصف الأول بتفوق الحمد لله، قبل نهاية العام الماضي قررت فجأة أن تترك المدرسة، وبعد محاورات ومداولات اكتشفت أنها لا تحب البنت التي تجلس بجانبها، وبعد محاولات عدة اكتشفت أنها تكرهها؛ لأنها سوداء!! عبثا حاولت إقناعها بأن الله خلقنا بألوان مختلفة، وأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وأن مؤذن النبي كان أسود، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبه. ولكنها أصرت على ترك المدرسة؛ فاتصلت بمدرستها واتفقنا أن تنقلها من جانب هذه البنت وقد كان.
ولكن المشكلة تفاقمت بشكل لم أفهمه حتى الآن وهي أنها صارت كل يوم تتخيل سوادًا على كل الأشياء التي تمسكها هذه البنت، وكذلك على كل شيء يلمس ما لمسته البنت؛ حتى إنني عدت مرة إلى المنزل ووجدتها تبكي بهستيرية شديدة، ولما جلست معها، وحاولت أن أفهم ما يجري قالت لي بأن البنت اصطدمت بظهرها فاتسخت مريلتها بالسواد، فلما عادت إلى المنزل جلست على الكرسي فاتسخ الكرسي، ولما جلست أختها على الكرسي اتسخت ثياب أختها، ولما جلست أختها في أماكن مختلفة اتسخت كل الأماكن التي جلست عليها، وصارت ترى السواد في كل مكان في المنزل!!
وبعد أن هدأت قليلا أقنعتها بأن تستخدم “المحارم السحرية” التي لها مفعول عجيب في إزالة كل الأوساخ، فاقتنعت بالفكرة وأعجبتها، وصارت كل يوم تمسح كل شيء تمسك به هذه البنت بهذه المحارم السحرية (محارم الأطفال المبللة).
وقد اعتقدت بأن الموضوع سينتهي بانتهاء السنة الدراسية، ولكن الموضوع هدأ قليلا، ثم أعادت نفس القصة مع خادمة بيت أمي وصرنا نصرف من المحارم الكثير الكثير. ماذا أصنع وكيف أتصرف؟ هل هي بحاجة إلى علاج نفسي أم أن إهمال الموضوع بشكل تام سيحله أم ماذا؟ وموضوع التنظيف المستمر يقلقني ولا أدري ماذا أفعل؟
⇐ د. عمرو أبو خليل «أخصائي الطب النفسي» أجاب السائلة؛ فقال: نحن نشكر لك وعيك وبعثك للمشكلة؛ لأن البعض يهملها ويتصور أن ذلك الحل، في حين أن الأمر يتعلق بمشكلة نفسية تسمى الوسواس القهري.. وقد تكون المفاجأة أن يعلم الجميع أن الأطفال يصابون بالوسواس القهري في سن مبكرة وأنهم يعانون منه مثل الكبار، وفي حياتي العملية قابلت هذه الحالات، وتم علاجها بنجاح بفضل الله…
والوسواس عبارة عن فكرة تسيطر على الإنسان ولا يستطيع دفعها، وهذه الفكرة عند ابنتك كانت فكرة انتشار السواد ثم تحولت إلى فعل قهري هو المسح بالمحارم وهو استمرار لنفس الفكرة، وهو مرض نفسي يصيب الأطفال مثلما يصيب الكبار، ويحتاج للعلاج الدوائي والنفسي لدى الطبيب النفسي المختص؛ حيث إن الأمر يتعلق ببعض الاضطراب في الموصلات العصبية المسئولة عن الأفكار في المخ.
لذا فإن العلاج الدوائي يكون مهمًا بجانب العلاج السلوكي الذي يقوم على وقف السلوك القهري.
الأمر لا يقلق ولا يثير الانزعاج؛ لأن الشفاء التام بإذن الله هو مآل هذا المرض بعد العلاج المناسب، بشرط تنفيذ التعليمات العلاجية سواء الدوائية أو السلوكية… والمبادرة بالعلاج والتبكير به خاصة في الأطفال يساعد على أن تكون النتائج إيجابية بإذن الله.
ولمزيد من المعلومات عن الوسواس القهري نرجو مراجعة إجابتنا السابقة: