المجال الرياضي يحظى بحرية كبيرة، تجاوزت الرقيب الذي يخضع بقية المجالات ويفرض عليها خطوطا حمراء لا ينبغي الحديث عنها، فالاعلام الرياضي يتوسع بسرعة مذهلة، أصبح يحتل المساحة الكبرى في القنوات، وباتت كل باقة تخصص على الأقل ثلث قنواتها لتغطية الأحداث الرياضية، وهي بذلك تبحث عن المعلنين الذين «يلهفون» أموال الجمهور!.
ومن زاوية أخرى، يثبت لنا هذا الرصد أن البرامج التي تهم الجمهور هي البرامج الرياضية التي لا يخلو مجلس ما من فتح باب الحديث مبتدئا بطرح آخر المشكلات والهزائم الرياضية، ولا تستغرب أن تشاهد برنامجا يبث على الهواء ويمتد إلى الساعة الثانية صباحا يحلل ويناقش ويستعرض كل كبيرة وصغيرة حدثت في مباراة تم نقلها منذ ثلاثة أيام، فالجمهور لا يزال يتعطش لسماع المزيد من التبريرات التي تعلمه الهرب من واقع الهزيمة، فالمحللون أو «النقاد» يبدؤون بخلق مشكلة بحيث يندفع الشارع الرياضي بحثا عن حلها، كون الانتصار لا يحتاج إلى هذا الكم الهائل من المبررين.
حديث الرياضيين يبدأ بكلمة «المشكلة» وينتهي بالمزيد بالمشاكل! والكل يطرح الحل بالمطالبة، فيطالب أكثر! كالمطالبة بتغيير المدرب الذي تم التعاقد معه بملايين الريالات منذ أشهر، والمطالبة باستقطاب لاعبين أجانب أكثر، والمطالبة بتخصيص ميزانية أعلى، والمطالبة بفتح قنوات أكثر، والمطالبة بحضور الجمهور! وعلى مدى سنوات طويلة سابقة تحقق معظم هذه المطالبات، ومع ذلك لا تزال مفردة «المشكلة» موجودة لم تتغير، لأن الأصل بقاء المشكلة كي يبقى ليحلل!.
ولأن معظم الجماهير تميل بسذاجة إلى الاعتقاد دوما أن الغد سيكون أفضل، حتى ولو طال انتظار ذلك الغد وامتد طويلا لأكثر من خمسة عشر عاما، لم نحقق فيها كأس العالم سواء على صعيد الأندية أو المنتخبات، فإنه لم ولن يفقد الأمل بالانتظار، لأن الرياضة هي مجاله الوحيد الذي يستطيع الحديث عنه حتى مع بقاء الحال على ما هو عليه.
بقلم: سعود البشر
وفي مقترحاتي تجد: