أصيب كمبيوتر أحد الأصدقاء بفيروس إلكتروني شل عمل الجهاز وجعل الحياة معه صعبة، وبالرغم من أنه يملك برنامج مكافحة فيروسات عالمي، إلا أن البرنامج لم يستطع اكتشاف الفيروس في كل مرة قام فيها بمسح محتوياته.
وقبل أن يفقد الأمل قرر أن يقوم بتنصيب برنامج فحص فيروسات مجاني كمحاولة أخيرة، عندها فقط كانت المفاجأة عندما اكتشف البرنامج المجاني البسيط أن الفيروس كان يقبع في مجلد البرنامج العالمي الذي كان مصمما للبحث في كل المجلدات عدا مجلده الذي يكمن فيه، فكان كمن يبحث عن الطاقية التي فوق رأسه ولم يجدها.
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هي وبدون مبالغة القشة التي نتعلق بها جميعا للقضاء على شبح الفساد الذي لكبره لا نستطيع تخيل الحياة بدونه. لذلك فإن المهمة الأكبر والأصعب أمام الهيئة الآن ليست مكافحة الفساد، ولكنها أمام تحد أكبر خلال تأسيسها يعتمد عليه مسارها إلى الأبد. الآليات التي يتم العمل عليها الآن لصناعة هيكل وصورة هذه المؤسسة يجب أن يراعي مناعتها ضد تسرب الفساد والفاسدين إلى أروقتها، حتى لا نجد «فيروسا» يوما ما يختبئ في مجلداتها ويعصى عليها إيجاده.
ولن تقوم هذه المؤسسة بعملها بالشكل المطلوب إلا لو كانت أنظمة ولوائح عملها تلفظ تلقائيا غير الصالحين من الانزواء تحت مظلتها، وأن تكون عصية على أيدي العابثين والاستغلاليين. وبرأيي أن الأستاذ محمد الشريف يجب عليه تأسيس هذه المؤسسة، التي تبنى عليها آمال المواطنين جميعا، على ألا يعتمد بقاؤها وفاعليتها على الأشخاص، بل على أنظمتها ولوائحها التي تؤكد جودة عملها، والقدرة على الإصلاح الذاتي، والأهم نظام اختيار موظفين صارم ولا يجامل.
ملف الفساد لا تتسع له أدراج العالم كلها، والمهمة الموكلة للهيئة صعبة وحرجة جدا، وإن فشلت فإن الحل سيبتعد لأعوام ضوئية، ولكنا نأمل ونترقب وندعو الله أن تكون الأهداف بعيدة المدى حجر زاوية في تأسيس هذه الهيئة ورسم قوانينها، وإن أرادت النجاح فضربة من العيار الثقيل لأحد ملفات الفساد سيجعلها موضع احترام الفاسدين قبل غيرهم.
بقلم: محمد السرار
أيضًا هنا بعض المقترحات:
- فاقرأ: بعيدًا عن الأنظمة العقيمة.. كيف نقضي على الفساد!
- وكذلك: حرب جماعية على الفساد
- ثُمّ: المواطن الشريف يكافح الفساد
- وختامًا: اليوم الدولي لمكافحة الفساد