من مِنا لا يحب الهدايا ولا يحب أن يتلاقاها ويقدمها للآخرين، لكن يجب أن نعلم أن للهدايا علم كبير وواسع جدًا، فلا يجب أن تُقدم الهدايا عبثًا، فالهدية يمكن أن تكون مصدر فرحة وبهجة للمتلقي.
وعلى النقيض يمكن أن تكون مصدر حزن وبؤس له، فهناك نوع من الهدايا يُدعى بالهدايا السُمية!، فما هو هذا النوع وما هي أنواع الهدايا وكيف يكون اختيار الهدايا بشكل صحيح، لذلك في مقالنا هذا اخترنا لك أن تتعرف على فن اختيار الهدايا وكيف لك أن تُقدم الهدية لغيرك.
الهدايا المسمومة، وسبب تقديمها
موضوع الهدايا يعتقد الكثير من الناس أنه موضوع بسيط لكنه موضوع بالغ الصعوبة وله حيثيات اجتماعية ونفسية تنعكس على المُهدي والمتلقي كما ذكرت لنا أخصائية علم الاجتماع ” د. فادية الإبراهيم” في بداية حديثها، فالهدايا لها تاريخ كبير منذ بداية البشرية حتى في ديننا الاسلامي فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” تهادوا تحابوا”.
ففي الكثير من الحضارات القديمة كان يتهادى الناس فمثلًا في الحضارة الفرعونية كانوا يتهادون المجوهرات بينما في الحضارة اليابانية كانوا يتهادون المجوهرات.
ومن أحد دواعي السرور أن اكثر الناس حُبًا للعطاء والتهادي هم العرب، لكن عند سماع مصطلح “هدايا” يتبادر إلى ذهاننا جميعًا أنه شيء ايجابي ومهم اجتماعيًا للتواصل والتقارب كنوع من المشاركة في الفرحة، لكن يجب أن نعلم أن هناك ثلاث أنواع سلبية للهدايا وهي:
الهدايا المسمومة
وتأتي هذه الهدايا على ثلاث نطاقات مختلفة وهي:
- الهدايا التي تُقدم في خلال المناصب والدوائر الحكومية وما إلى ذلك، ويكون الهدف من هذه الهدايا هي المصلحة وقد تُعد نوع من الرشوة، وهذا النوع من الهدايا ضار جدًا ويؤثر على أداء صاحب المنصب وبالتالي يؤثر بالسلب على النفع العام.
- الهدايا التي تُقدم للدعاية والأغراض التجارية، فعادة ما نجد هذه الشركات تعمل على إغراء المستهلك والتحايل عليه للحصول على منفعة ومصلحة للشركة.
- الهدايا التي تُقدم بطريقة فيها تعالي وتمنن ويكون الهدف منها الاذلال والإهانة، فنجد مثلًا شخص يُقدم هدية باهظة الثمن لشخص متواضع ماديًا فنجد المتلقي شعر بالخجل من هذه الهدية أو اصبحت عبأ عليه لردها للشخص المقدم لها، وكذلك بعض الهدايا التي لا تُناسب الشخص كإهداء كلب لشخص لا يحب الحيوانات، فهذا النوع من الهدايا يكون مصدر بؤس وحزن بدلًا من أن يكون مصدر فرحة وبهجة، فكل هدية لا تناسب هي هدية سُمية وتسبب شعور مزعج للمتلقي.
الهدايا النفعية
وهذه الهدايا يكون مهديها شخص عملي ومنطقي جدًا، فنجده يُرسل هدايا كي ينتفع بها الآخرين مثل أن يقدم مكنسة أو فرن أو ثلاجة، وهذا النوع من الهدايا يكون خالي من أي عاطفة حيث يكون هدف المُهدي لها أن ينتفع بها الشخص لكنها تكون خالية من أي تواصل أو مودة أو أي شيء عاطفي.
الهدايا الأنانية
هذه الهدايا يكون أصحابها أشخاص نرجسيين، فيختاروا الهدايا حسب ذوقهم ونجدهم لا يراعوا ذوق الشخص المتلقي للهدية، وهذا نوع من الأنانية ومحاولة لإثبات الذات والنرجسية كما ورد على لسان “د. الابراهيم”.
كيف تؤثر الهدايا المسمومة على علاقتنا بالآخرين؟
النية والدافع من الهدية هو أهم شيء لاختيار الهدية، فالنية الصادقة ستجعل الهادي يختار الهدية المناسبة، أما عندما تكون النية هي مضايقة المتلقي واستفزازه فستكون هذه الهدية سامة.
وستكون سبب في خلق مشاعر سلبية عند المتلقي، وهذا اسلوب سيء ولا داعي لهذا النوع من الهدايا لأنها لا تجوز دينيًا ولا اجتماعيًا ولا إنسانيًا.
التصرف الصحيح عند تلقي هدية باهظة الثمن
أثبتت دراسة أُجريت في جامعة هارفارد أن الهدية الثمينة لها قيمة معنوية كبيرة عند المتلقي، كما أن بها شيء من الإعجاب أكثر عند المتلقي، فإذا كان هذا النوع من الهدايا بين أصدقاء قريبين من بعضهما أو من أخت وضعها المادي أفضل أو ما إلى ذلك فلا مانع من هذه النوع من الهدايا طالما أنها تُقدم بدون تمنن أو محاولة لعمل استعراض واذلال للمُتلقي.
فالهدية الثمينة تصبح نقمة عندما يكون فيها نوع من التعالي والتفاخر والإذلال، فالهدايا مشاعر داخلنا تُترجم لأفعال كالكلمات والهدايا وما إلى ذلك.
كيف تُعبر الهدية عن مشاعر المُهدي لها؟
أنهت ” د. فادية” حديثها بأن كل ما يبدر عن الشخص من كلمات وأفعال ولبس تُعبر عن شخصيته، فالهدية كذلك تُعبر عن شخصية المُهدي وهي تعكس الوضع الاجتماعي له من رُقي الهدية وذوقها وشكلها وطريقة تقديمها.
فالهدية تعكس كل توجهاتنا وأحاسيسنا وذوقنا في الحياة سواء في الشكل الخارجي للهدية أو القيمة المادية أو المعنوية لها، فهناك أشخاص لديهم أيضًا ذوق في اختيار وقت ومكان تقديم الهدية، فما نقدمه هو جزء من شخصيتنا وانعكاس لقراراتنا.