ما هي المياه البيضاء؟ وما مدى إنتشار الإصابة بها بين حديثي الولادة؟
قال “د. موسى بيضون” استشاري جراحة العيون. المياه البيضاء (وتُعرف في اللغة الفصحى باسم الساد) هي عبارة عن عتامة في عدسة العين الطبيعية، حيث خلق الله سبحانه وتعالى عدسة العين شفافة، ووقت أن تفقد شفافيتها وتُعتم تسمى الإصابة حينها بالمياه البيضاء.
ولا توجد مرحلة عمرية خاصة للإصابة بالمياه البيضاء، فيمكن أن تصيب الكبار والصغار، ونسبة إصابة حديثي الولادة بالمياه البيضاء تترواح بين 1 إلى 6 من كل 10000 طفل.
ما أسباب إصابة حديثي الولادة بالمياه البيضاء؟
تنقسم أسباب إصابة الأطفال بالمياه البيضاء إلى ثلاثة أقسام، هي:
• بسبب الوراثة: وهي تشكل 35% من الحالات المصابة.
• بسبب الإصابة بأمراض أخرى في الجسم: وتشكل 35% من الحالات المصابة.
• بدون سبب مرضي معروف: وتشكل النسبة الباقية من الحالات المصابة.
من الأقسام الثلاثة المذكورة يتضح لنا ضرورة عمل تقييم طبي وفحص كامل للطفل المولود بالمياه البيضاء، وهذا الفحص يشمل الفحوصات الجينية والفحوصات المرضية لكل أعضاء وأجهزة الجسم.
كيف يتم تشخيص إصابة المولود بالمياه البيضاء؟
يعتبر فحص العيون العام من ضمن الفحوصات الأساسية التي تتم على المولود في غرفة الولادة، ويقوم بهذا الفحص طبيب الأطفال، وفي بعض الأحيان الممرضات المدربات على هذا النوع من الفحص، وذلك بإستخدام جهاز بسيط خاص بهذا النوع من الفحوصات.
ما هي المضاعفات البصرية على الطفل إذا ما تم إهمال علاج المياه البيضاء المولود بها؟
من المعروف أن المراكز الدماغية المسئولة عن الإبصار تنمو مبكرًا عند حديثي الولادة، أما عند إصابة عين الطفل بالمياه البيضاء يُمنع دخول الضوء إلى داخل العين المصابة، مما يؤدي إلى الإصابة بالكسل البصري، هذا الكسل البصري إذا لم تتم معالجته مبكرًا قد يؤدي إلى العجز البصري الدائم في العين المصابة.
ويُقصد بالعلاج المبكر هنا أنه إذا أُصيبت عين واحدة بالمياه البيضاء فيجب التدخل طبيًا للعلاج قبل أول 6 أسابيع بعد الولادة، أما إذا أصابت المياه البيضاء كلتا العينين فيجب أن يبدأ التدخل العلاجي قبل أول 10 أسابيع بعد الولادة.
ومن هنا يتضح أهمية الكشف المبكر عن المرض منذ لحظات الولادة الأولى وقبل أن يخرج من غرفة الولادة.
ما أهم البرامج العلاجية للماء البيضاء عند حديثي الولادة؟
العلاج الوحيد لمرض المياه البيضاء عند حديثي الولادة – بعد إتمام الفحوصات الكاملة جينيًا ومرضيًا للتأكد من خلو الطفل من أمراض مصاحبة سواء في الجسم أو العين – هو التدخل الجراحي، حيث يقوم الطبيب بسحب المياه البيضاء من العين، أي سحب العدسة الطبيعية المُعتمة من عين الطفل.
ولا يفوتنا أن نذكر أن العدسة الطبيعية للعين لها وظائف عدة غير السماح بمرور الضوء إلى داخل العين مثل تجميع الضوء على الشبكية، وبالتالي إزالتها تصيب الطفل بدرجات طول نظر مرتفعة عند الطفل قد تصل إلى 20 درجة طول نظر،
ويتم التغلب على هذه المشكلة بزرع عدسة صناعية عند البالغين لكن حديثي الولادة أقل من 6 شهور لا يمكن زرع عدسة جديدة لهم لصغر حجم العين.
فقد يلجأ الطبيب إلى إجبار أهل الطفل على وضع نظارة له في هذا العمر الصغير أو وضع عدسات لاصقة في الصباح وتُزيلها الأم من عين الطفل بعد 8 ساعات، إلى أن يبلغ الطفل الست سنوات ليتمكن الطبيب من زراعة عدسة داخل العين.
ومما سبق يتضح أن سحب المياه البيضاء من العين علاج جزئي وليس علاج كافي ولا نهائي، حيث يلزمه تدخل جراحي آخر لزرع عدسة داخل العين، ويتضح أيضًا أن الشفاء تام بإذن الله تعالى ولكن مستحيل أن يصل نظر الطفل في العين المصابة إلى 6 على 6 كالأطفال الطبيعيين.
هل توجد خطورة بصرية على الطفل عند زرع العدسة كمرحلة ثانية من علاج المياه البيضاء؟
عادةً ما تتم زراعة العدسة داخل العين بعد بلوغ الطفل عمر الست سنوات أي بعد إستقرار نمو العين. ولا يمكن القول بوجود خطورة بصرية أو صحية على الطفل، ولكن يمكن القول بوجود صعوبات جراحية.
حيث أن إزالة العدسة الطبيعية من عين الطفل يتم بالكلية أي يتم إزالة كل العدسة وهو ما يختلف عن علاج المياه البيضاء عند البالغين حيث لا يتم إزالة كل العدسة الطبيعية بل يتم الإبقاء على القشرة الخلفية لها والتي تُسمى الحافظة الخلفية والتي تعتبر الأساس الذي ستُزرع عليه العدسة الصناعية.
أما عند الأطفال لا يتم الإبقاء على هذه الحافظة وبالتالي يتم زراعة العدسة خلف الحدقة بحيث تُثبت أطرافها في صلب العين وهو ما يُمثل صعوبة جراحية مقارنةً بزرع العدسة للمصابين بالمياه البيضاء بعد البلوغ.
إذا لم يتم الكشف عن إصابة المولود بالمياه البيضاء في غرفة الولادة، كيف للأم التعرف على إصابة رضيعها؟
توجد بعد الأعراض التي إذا ما تم ملاحظتها على الطفل كانت من المؤشرات على إصابته بالمياه البيضاء، وهي:
عدم تركيز الرضيع مع وجوه المحيطين، فعادةً عندما تنظر الأم للرضيع ومداعبته ينظر إليها وبتركيز، أما الرضيع المريض بالمياه البيضاء لن يفعل ذلك.
لون مركز العين (البؤبؤ) عند كل الناس أسود، أما الرضيع المُصاب بالمياه البيضاء فسيكون لون مركز العين أبيض.
شكل العين المصابة بالمياه البيضاء وحركتها تكون غير طبيعية، ويمكن ملاحظة ذلك من كل المحيطين بالطفل.
الوقاية من إصابة المولود بالمياه البيضاء عادةً تكون بعلاج الأم الحامل عند إصابتها بأمراض معينة مثل السكري والجالاكتوسيميا وإلتهابات الحصبة الألمانية.