هذا المقال يتعلق بأعمالٍ تُفْعَل مع المولود الجديد فور الولادة. وسوف نقوم بتقسيمها إلى أقسَام مُبسَّطة، حتى يسهل حصرها ومن ثَم ابدء في تنفيذها.
تحصين المولود
وقد سلف -في مقال: تحصينات شرعية للمولود قبل وبعد الولادة– أننا بيّنا أن أم مريم -عليها السلام- لما وضعتها قالت ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. فمن ثم يُسْتحَب تعويذ الصبي. وإما أن يكون التعويذة بالمعوذتين مع قل هو الله أحد؛ تتفل في يدك، وتقرأ قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس؛ وتمسح للطفل رأسه وما استطعت من جسده. أو تكون بصيغة أخرى -كما سمعتم- ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.
وقد كان النبي ﷺ يعوّذ حسنا وحسينا بقوله «أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة».
وحافظ على تعويذ أولادك وإن تقدَّم بهم السِّن شيئا ما. وقد ذهب النبي ﷺ إلى أسماء بنت عميس بعد مقتل زوجها جعفر، بثلاثة أيام، يعزيها. فرأى أولادها حولها وأجسامهم ضارِعة -نحيفة-. فقال «ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة!». قالت: تُسرِع إليهم العين يا رسول الله. قال «فاسترقي لهم» أي: اطلبي منهم من يرقيهم.
هكذا قال -صلوات الله وسلامه عليه- لأسماء بنت عميس.
فقد ترى الولد نحيفا، وتبحث، هل هو مريض؟ ليس هناك مرض. تفحصه عند الأطباء؛ يقولون الطفل ليس بمريض. ولكن ثَم مرض لم يفقهه الأطباء «العين حق» كما قال رسول الله ﷺ. فقد تؤثر في الأطفال بإذن الله بالنحافة. هم يأكلون جيدا ويشربون جيدا، لكنهم نِحاف. وأيضًا تؤثر في سلامة الوجه، فإن النبي ﷺ رأى في وجه جارية لأُم سلمة، سفعة -أي: تغيرا وسوادا- فقال عليه الصلاة والسلام «استرقوا لها؛ فإن بها النظرة».
تحنيك الطفل المولود
ويستحب تكنيك الصبي. يُذْهَب به إلى بعض أهل الصَّلاح، فيأتي بتمرة يفتتها، ويحنكها -يضعها في حنكه- ويلوكها الصبي [بقيد ألا يتضرر الطفل].
وتقول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: أن رسول الله ﷺ كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم.
لا تبغض المولود الدميم
أيضًا؛ لا تبغض طفلا لدمامته. فهو ما اختار لنفسه شيئا، فإن الله هو الذي يصور في الأرحام كيف يشاء، كما قال عن نفسه ﴿يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. والله من أسمائه المصور، فهو الذي صور الخلق. وقد قال ﷻ ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ | الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ | فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ﴾.
فلا تبغض طفلا لدمامته؛ وليست الدمامة برذيلةٍ في كل الأحوال، بل قد تكون خيرًا لصاحبها في الدنيا وفي الآخرة. فكن راضيا بقضاء الله ﷻ.
تسمية المولود
وعليك أن تختار اسما طيبا لابنك أو اسما طيبا لابنتك. لا تختار أسماء قبيحة، ولا تختار أسماء الكفار. بل اختر للأبناء أسماءً طيبة، وللبنات أسماء طيبة. فإن النبي ﷺ حَثّ على ذلك، وكان من هديه أن يغير الأسماء ذات المدلول الذي ليس بجيد إلى أسماء ذات مدلول جيد.
هذا؛ ومن سنتنا أننا نتسمّى ونُسمي بأسماء الصالحين وأسماء الأنبياء. وقد سأل نصارى نجران المغيرة، والمغيرة سأل النبي ﷺ: مريم أخت هارون وابنة عمران، وموسى أخٌ لهارون وابن لعمران. كيف وبينهما زمنٌ طويل؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام «إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم».
وأيضًا؛ فقد قال رسول الله ﷺ «أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن». وقال «وُلد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم».
وهنا تجدون: أسماء أولاد مختارة ومنتقاة بعناية «بمعانيها»
والاسم له مدلولٌ طيّب؛ له أثره حتى في الرؤيا المنامية. قال رسول الله ﷺ «رأيت ذات ليلة، فيما يرى النائم، كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب، فأولت الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب».
وورد بسند مرسل أن النبي ﷺ في صلح الحديبية لما أقبل سهيل بن عمرو، قال النبي ﷺ -بسندٍ مُرسل- «لقد سَهُلَ لكم من أمركم».
فاختر لولدك ولابنتك اسماء طيبة.
هل يجوز تسمية المولود قبل ولادته؟
نعم.
وتجوز التسمية قبل الولادة وفور الولادة وبعد الولادة بمُدة.
وقد يُطرح سؤال فيقول قائل: أبي يريدني أن اسمي الولد باسمه، واسم أبي ليس بجيد. كأن يكون اسم الوالد دعبوش مثلا. فكيف تُسمي ابنك دعبوش؟ الولد يتضرر.
الاسم حق للولد، فإن الولد قد يُعَيَّر بالاسم طيلة حياته، وقد يُثنى عليه بسبب الاسم أيضًا. فاختر لابنك اسما طيبا ذا مدلولٍ طيب؛ وكذا اختر لابنتك اسما طيبًا.
ويُمكنكم الاطلاع -أيضًا- على: أسماء بنات جذابة تتناسب مع أذواق كل الأسر والعائلات
ويُسْتحَب لك، وليس ذلك بواجبٍ، أن تعُق عن ولدك.
والعقيقة هي ذبيحة تُذْبَح يوم السَّابع، ولها أحكامها تأتي في مقالٍ قادم إن شاء الله.