الشعراء لأنهم أصحاب المعاناة الوجدانية، المتغزلون في النساء والمادحون في الأسياد والهجاؤون في الأعداء، ولاعبو الكرة لأنهم ضياع العقول وإهدار الثروات البشرية والمالية، معهم الفنانون لأنهم مصدر اللهو والطرب والتخدير الحسي بعظمائهم وصغارهم، ثم إنهم قليلا ما يأتون في خلطة واحدة لأجل الليالي الحمراء!
شاعر على مغن على لا عب للكرة! هؤلاء هم من أول من ينال التكريم، ويشرف الحفلات، ويتنقل يوميا وشهريا بين السيارات الفاخرة، ويأكل الكيك!
بينما الكاتب الحكيم، الفيلسوف، عالم الاجتماع، عالم الثقافة، لأنه يغير المجتمع ولأنه يعيد تشكيل النظام، ولأنه فاضح العورات الأخلاقية ولأنه الدواء المر.. فهو الشر المطلق!
تصرف آلاف الملايين من الريالات على الأندية الرياضية، يعيش الشاعر الرقيع في نعيم مقيم لأنه مادح أو كاتب للأغاني، تكرم الراقصة في كل مكان ويغلب صوتها على صوت العباقرة.
لا نبالي! فنحن في عالم تتحول فيه المؤسسات ذات النشاط الدعوي إلى فرص استثمارية، ويصبح الدعاة الأفاضل من أصحاب الدخول المالية الكبيرة، ولكن وفي خضم ذلك كله، يبقى الشخص الوحيد القادر على إنقاذ الأمة من كل بلاءاتها، والقادر على تغيير مصيرها، بإعادة كتابة الحاضر لأجل مستقبل مجيد.
هذا الشخص الوحيد الذي لا تمجده وسائل الإعلام إلا إذا قال ما هو خطأ، ولا تؤسس له المؤسسات، ولا تصرف على أمثاله الملايين ولا حتى الريالات، ولا يكرمه أحد إلا في ما ندر، ولا يعرفه أحد إلا جمهوره القارئ.
المجتمع غير العلمي يحاربه، الكل إن لم يكرهه فهو لا يحبه، لأنه القادر على تغيير العالم من حوله، العامة لا تصفق سوى للمنتصر في أي معركة، أو لصاحب السلطة أو المال. فهل المجتمع المحلي يكره المفكرين، هل يحاربهم، هل يراهم خارج الحياة؟
بقلم: ماجد الحمدان