ستكتشفون في العاصمة الجزائر واحدة من أجمل بلدان العالم، فالجزائر الدولة بلد شاسع، وتنوعاتها الجغرافية هائلة تمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالًا عبر ساحل طويل عليه يبلغ 1200 كيلومتر لتصل إلى قلب الصحراء، وما بينهما الكثير من الوديان والجبال والثلوج والهضاب والغابات، وعدد لا حصر له من الآثار التي تركتها الحضارات التي سكنت على هذه الأرض.
أما عن الجزائر العاصمة فهي تحتاج أيامًا كثيرة لتُكتشف، فهي تلك المدينة التي تتلون مبانيها بالأبيض، ويتنوع ويتداخل فيها المعمار بين الطابع الكولونيالي الفرنسي والطابع المُزخرف العثماني الذي أقامه الأتراك أثناء وجودهم خصوصًا في منطقة “القصبة” الشهيرة بأزقتها وممراتها الضيقة.
وفي العاصمة الجزائريون العاديون متأهبون للعب دور المرشد السياحي في كشف وإجلاء المعلومات والحكايات عن كل مبنى أو مَعلم أو أطلال يمر أمامها الضيوف والزوار.
جولتنا اليوم بين أهم معالم العاصمة الجزائرية “الجزائر”.
ساحة الأمير عبد القادر
هي ساحة شاسعة تحوي مباني عدة كلٌ منه له تاريخ وقصص، ففيها فندق “السفير” المجاور للبرلمان، وهو أقدم فنادق العاصمة، وشيده الفرنسيون، ويقتبس الفندق تاريخه من زائريه من كبار الشخصيات الذين أقاموا به مثل “شارل ديغول” و”جمال عبد الناصر” و”أم كلثوم”، ولا يزال الفندق يحتفظ بطابعه العتيق من دون تجديد، ومن واجهات الفندق الزجاجية الكبيرة يُرى مرفأ الجزائر ببواخره وبضائعه، وكذلك إحدى محطات القطارات ذات الطابع الفرنسي في التقسيم حسب الإتجاهات.
ساحة الشهداء
بالقرب من فندق السفير تقع ساحة أخرى تُسمى الشهداء وهي شاسعة وتحوي العديد من الحفريات المُصنفة ضمن قائمة التراث العالمي منذ سنة 1992م، وهذا الموقع الأثري يحوي تاريخًا عريقًا يعود لأكثر من ألفي سنة حيث آثار المدينة الفينيقية التي بيَّنت مرور الفينيقيين والرومان من هنا، ثم ما لبثت أن أصبحت جزءًا من مملكة “مزغنة” الأمازيغية التي تعتبر نواة تأسيس دولة الجزائر.
مسجد كتشاوة
على يسار ساحة الشهداء يقف مسجد جميل يعتبر أحد أقدم مساجد العاصمة، إنه مسجد “كتشاوة” الشهير الذي بناه العثمانيون عام 1792م وحوله الفرنسيون إلى كاتدرائية بعد احتلالهم الجزائر وسط غضب الجزائريين، لكنه استعاد دوره كمسجد وأُعيد ترميمه كتحفة شامخة.
حي القصبة
هو المنطقة العثمانية المشيدة على هضبة مرتفعة ببيوتها الإسلامية الطراز وأزقتها الضيقة وسلالمها الملتوية، فبالقرب من مسجد كتشاوة 3 قصور هما قصر عزيزة وقصر حسن باشا، بينما تحول قصر مصطفى باشا إلى متحف وطني للزخرفة والمُنمنمات وفن الخط وفيه معروضات لفنانين جزائريين ولوحات تبرز ما وصل إليه فن الخط في السنوات الأخيرة، وفي باقي الحي يمكن صعود السلالم الضيقة لإكتشاف البيوت القديمة التي تتوسطها النوافير والساحات، ولا يمكن الخروج من الحي قبل زيارة قصر “عواوش العمياء” العثماني الذي صار اليوم المتحف الوطني للفنون والتقاليد الشعبية، وتضم صالاته الشرقية بمشربياتها وزخارفها محتويات آتية من مختلف البيئات الثقافية الجزائرية من ملابس وآلات موسيقية وأثاث.
سيدي عبد الرحمن الثعالبي
وبعد القصور يمكن المرور بقبور الأولياء الصالحين الذين تحولت مدافنهم إلى مزارات للأهالي من طالبي البركات، ووسط الرخام الأبيض والحدائق الصغيرة يرقد أشهر القبور وهو لسيدي عبد الرحمن الثعالبي، ويروي الشيخ المسئول عن المزار للضيوف أن الثعالبي ولد في الجزائر عام 1385م، وجال في المشرق وعاد إلى بلده وليًا صالحًا.
قصر الرياس
وفي حي القصبة أيضًا أجمل القصور وأروعها على الإطلاق وهو قصر الرياس (أو قصر رؤساء البحر) الذي يقع مباشرةً على البحر، ويعتبر من أهم المعالم التاريخية للعاصمة، وفي الحقيقة هو من بين أجمل القصور التركية في المنطقة العربية، وهو عبارة عن قصور عدة متلاصقة على مساحة تبلغ نحو 4000 متر، شُيد ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، وكان الفرنسيون قد استخدموه أثناء الفترة الإستعمارية مستقرًا لجنرالاتهم.
المكتبة الوطنية وحديقة التجارب
المكتبة الوطنية ذات واجهات زجاجية ضخمة تُشرف على حديقة رائعة وشاسعة هي حديقة التجارب، وهذه الحديقة استنسخها الفرنسيون أثناء إحتلالهم للجزائر من حديقة “جاردان ديه بلانت” في باريس وجعلوها مختبرًا لزرع مختلف أنواع الأشجار والزهور.
المتحف الوطني للفنون الجميلة
أسسه الفرنسيون وزوده بمجموعة فنية نفيسة منها ما يخص الفنانين الفرنسيين “جوجان” و”مونيه” و”رودان” و”بارتولد”، إلى جانب العديد من اللوحات والمنحوتات وقطعًا أصيلة لكبار الفنانين الغربيين والشرقيين نادرًا ما يمكن أن تجتمع في بلد عربي، وتبعًا للقائمين على المتحف فإنه يضم 8 آلاف قطعة ويعتبر الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط، ومبنى المتحف بالأساس مرتفع على تلة تسمح بمشهد رائع على حديقة التجارب وامتدادًا إلى البحر.
مغارة سرفنتس
شارك “سرفنتس” في الهجوم الذي قام به الإسبان على الجزائر، وألقى عليه القبض قراصنة البحر وأسروه هو وشقيقه عام 1575م، وبقيّ في الأسر لمدة 5 سنوات إلى أن دُفعت فديته، وأثناء الأَسر كتب روايته الشهيرة “دون كيخوته”، وجزء مما كُتب منها كان في هذه المغارة.
كنيسة نوتردام أفريقيا
بناها الفرنسيون أثناء وجودهم، وميزتها أنها مزخرفة الجدران بالبورسلين الملون، ولا يزال رجال دين فرنسيون يعنون بالكنيسة، والإطلالة على العاصمة من ساحة هذه الكنيسة مقصد السياح والراغبين في الاسترخاء.