“نسمع كثيرًا عن مضاعفات المضادات الحيوية على الجسم وسوء إستخدامها، ولكن ذلك لم يردعنا عن التوقف عن تناولها عند شعورنا بالتحسن، هذه العادة المتكررة من شأنها أن تصبح عدوًا لصحة المريض وتجعله يدخل في دوامة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، حيث تكتسب البكتيريا مناعة ضدها، وذلك يدفع الجسم إلى البحث عن بدائل أقوى، وأحيانًا إدخال المريض إلى المستشفى.
فمتى يجب تناول المضادات الحيوية؟ وما هي الأخطاء الشائعة التي نقع فيها عند تناولنا إياها؟”.
ما هي دواعي إستعمال المضادات الحيوية بشكل عام؟
قال “د. باسل عبيدات” إختصاصي الطب العام. المضادات الحيوية ضرورية وهامة لصحة الإنسان، فهي تقضي على الإلتهابات البكتيرية، الأمر الذي يزيد من متوسط أعمار البشر، وأهميتها في القضاء على الإلتهابات بالجسم تبدأ من الإلتهابات البسيطة التي تُصيب الإنسان مثل إلتهاب اللوزتين، وتصل إلى الإلتهابات الخطرة التي تتزامن مع زراعة الأعضاء والجسيمات الغريبة عن جسم الإنسان.
ما خطورة الإستسهال في التوقف عن تناول المضادات الحيوية وكأنها أدوية تؤخذ عند اللزوم فقط؟
التوقف المفاجيء عن تناول المضادات الحيوية دون تكملة البرنامج العلاجي المعتمد عليها إلى آخره يؤدي إلى عدم إكتمال تأثير المضاد الحيوي على البكتيريا التي يُعالجها، وعدم تناول الجرعة الكافية للقضاء على البكتيريا يؤدي إلى التغير الجيني لهذه البكتيريا، وتصبح أكثر مقاومة للمضاد الحيوي.
وعند الإصابة مرة أخرى بنفس نوع البكتيريا تكون الإصابة أقوى وأشد من المرة الأولى تبعًا للتطور الجيني الحاصل في هذا النوع من البكتيريا، الأمر الذي يتطلب اللجوء إلى أنواع أقوى وأشد من المضادات الحيوية، وقد يؤدي الأمر في النهاية إلى عدم نجاعة أية أنواع من المضادات الحيوية مع هذه البكتيريا لأنها تقاومهم جميعًا.
وهو ما يذهب بالمريض إلى إمكانية حدوث الوفاة بسبب إلتهاب بكتيري هو في حد ذاته بسيط مثل إلتهاب اللوز أو الإلتهاب الرئوي، والذي كان قابلًا للعلاج لولا التطور الجيني لنوع البكتيريا وتضاعف قوة المقاومة ضد المضادات الحيوية.
وأشارت إحدى الدراسات الأمريكية إلى زيادة حالات الوفاة بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية عن حالات الوفاة الناتجة عن أمراض الإيدز والنفاخ الرئوي والباركنسن وجرائم القتل مجتمعة.
من هنا يتضح لنا خطورة زيادة مقاومة البكتيريا بتطورها للمضادات الحيوية على مستوى العالم.
ما هي مخاطر التناول العشوائي للمضادت الحيوية دون الرجوع إلى الطبيب؟
الكثير من البلدان العربية لا تفرض رقابة على بيع المضادات الحيوية، حيث يمكن صرفها بالصيدليات بدون وصفة طبية، وهو من الخطورة بمكان، كما تم منعه بكل دول العالم المتحضرة.
والخلاصة في العلاج بالمضادات الحيوية هي أنها تُعالج الإلتهابات البكتيرية فقط لكن الإلتهابات في حد ذاتها قد تكون إلتهابات فيروسية أو فطرية وهي الأنواع التي لا تحتاج في علاجها إلى مضادات حيوية بالأساس.
أضِف إلى ذلك أن المضادات الحيوية لها آثار قد تتعارض مع أدوية علاجية أخرى، وبالتالي المرضى الذين يداومون على تناول أنواع من الأدوية لعلاج أمراض معينة لا يصح لهم تناول أية أنواع من المضادات الحيوية قبل الرجوع إلى الطبيب المتخصص لتفادي الوقوع في هذا التعارض والتقاطع الصحي بين أدويتهم والمضاد الحيوي.
كيف نحد من العدوى البكتيرية التي تنتقل داخل المستشفيات؟
العدوى البكتيرية المنتشرة داخل المستشفيات من أخطر أنواع العدوى، لأن البكتيريا التي تعيش داخل المستشفيات أقوى جينيًا وأكثر مقاومة للمضادات الحيوية، نظرًا للجو التعقيمي الذي تعيش فيه.
وهنا تظهر أهمية الإشتراطات الصحية الواجبة الإتباع عند الذهاب إلى المستشفى مثل:
عدم إصطحاب الأطفال لغير ضرورة علاجية.
• عدم لمس الأسطح.
• تقليل الفترة الزمنية للتواجد داخل المستشفى قدر الإمكان خصوصًا إذا كان الذهاب للمستشفى لزيارة مريض.
• عدم مخالطة المرضى قدر الإمكان.
• الإهتمام بالنظافة الشخصية وغسيل اليدين قبل وبعد الذهاب للمستشفيات.
هل زيادة تناول الأطفال للمضادات الحيوية يؤثر سلبًا على جهازهم المناعي؟
كثرة تناول المضادات الحيوية يُصاحبها العديد من الآثار الجانبية، فكل مضاد حيوي على حدة له آثاره الجانبية ومضاعفاته الصحية، ودائمًا ما تُدون هذه الآثار في النشرات الطبية المصاحبة للمضاد الحيوي، وهي أولى بالإهتمام والقراءة للحد من التهاون في إعطاء الأطفال المضادات الحيوية.
وبشكل عام لا يُسمح بإعطاء الطفل أية مضادات حيوية إلا بعد توقيع الكشف عليه من الطبيب، ولا يلجأ الطبيب لوصف المضاد الحيوي إلا مع ظهور مجموعة من الأعراض المخيفة على جسم الطفل، مثل:
• إرتفاع درجة الحرارة.
• فقدان الشهية.
• عدم قدرته على الحركة.
• إصابة الطفل بالغثيان والدِوار وعدم التوازن.
وإلى جانب تناول الطفل للمضاد الحيوي لابد من الإلتزام بالتعليمات الطبية الخاصة به من حيث تناول الجرعة المحددة في الأوقات المحددة وعدم التوقف المفاجيء عن تناول المضاد الحيوي بحجة أن الطفل تحسنت حالته الصحية بل يجب الإستمرار حتى إنتهاء البرنامج العلاجي.