تشكل المشروبات الغازية جزءاً لا يتجزأ من كل بيت في العالم، فمعظم الناس يتعودون على تناول هذه المشروبات ومن سن مبكر، فتصبح موجودة في كل جميع الوجبات وصولاً لوجبة الفطور.
ولا تقف أضرار المشروبات الغازية عند زيادة الوزن، أو الضرر بصحة الأسنان فقط، بل تصل إلى الضرر بصحة الإنسان وتراكم الدهون على الكبد وفي البطن.
ففي السابق كنا لا نسمع عن مقاومة الإنسولين، ونادراً ما كنا نجد أطفال لديهم بدانة بنسب عالية، ولكن اليوم ارتفعت نسبة البدانة بشكل كبير، وتعتبر البلاد العربية الأعلى في نسب البدانة، وخاصة عند الأطفال.
العلاقة بين المشروبات الغازية وتراكم دهون الكبد والبطن
تقول “د. رند الديسي” أخصائية التغذية: بشكل عام يعتبر الأشخاص الذين لديهم تراكم الدهون على منطقة الكبد، وهذه الدهون لم يعد سببها هو زيادة استهلاك الكحول، أما في وقتنا هذا زاد معدل تراكم الدهون على الكبد، والعديد من الدراسات تؤكد أن هناك رابط أساسي بين استهلاك الشخص للمشروبات الغازية وزيادة تراكم الدهون على منطقة الكبد.
والسبب الرئيسي في تراكم الدهون على الكبد، هو إحتواء المشروبات الغازية على السّكريات، وتختلف نوعية السكريات الموجودة في المشروبات الغازية عن السكر العادي، وعلى سبيل المثال عندما يتناول الشخص السكر العادي “الجلوكوز” فجسم الإنسان لديه القدرة على التعامل معه، وكذلك يستطيع هضمه وتحويله إلى طاقة من قبل الخلايا.
ولكن المشروبات الغازية مصنوعة من سكر الفركتوز، وهذا السكر هو نفسه سكر الفاكهة، ولكن بنسب عالية جداً، ليعطي هذا الطعم الحلو للمشروبات الغازية، وهذا النوع من سكر الفركتوز عند تناوله بنسب عالية، يتم التعامل معه من قبل الكبد فقط، لأن الكبد هو القادر على التعامل مع الفركتوز.
ويتعامل الكبد مع بعض سكر الفركتوز، ويقوم بفلترته، ونقله إلى الدهون الثلاثية التي توزع على جميع أجزاء الجسم، ولكن زيادة الفركتوز في كل عبوة من المشروبات الغازية التي يتناولها الشخص، تتراكم في الكبد، وتعمل على تكون طبقة دهنية على الكبد.
أما الأشخاص الذين يتناولون المشروبات الغازية يومياً وبكميات كبيرة، هم الأكثر عُرضَةً لتكون الدّهون على الكبد، فالمشكلة لا تكمن في زيادة الوزن، فزيادة الوزن وزيادة السكريات ليست بالضرورة أن تكون مقرونة مع دهون الكبد، ولكن زيادة استهلاك المشروبات الغازية بالأخص المليئة بالفركتوز، فسكر المشروبات الغازية هو من يرفع نسبة الدهون على الكبد.
ولكن تختلف المشروبات الغازيّة العادية عن مشروبات الدايت، فمشروبات الدايت لها محليات إصطناعية.
أما الأشخاص الذين يعانون من تراكم الدهون على منطقة البطن، فليس بالضرورة أن يعاني الشخص من زيادة الوزن أو البدانة، أن يعاني من تراكم الدهون على منطقة البطن، فيمكن للأشخاص النحيفين أن يعانوا من تركم الدهون في البطن، والسسب الرئيسي وراء ذلك هو استهلاك الفركتوز، فافركتوز هو أحد السكريات التي تتراكم على منطقة البطن، فيعطي شكل التفاحة لهؤلاء الأشخاص.
فيمكن للشخص أن يعاني من تراكم الدهون على منطقة البطن، وباقي الجسم لا يوجد به دهون، فإذا كان الشخص لديه بدانة، فيكون لديه شكل التفاحة ولكن بنسب عالية، أما إذا كان الشخص نحيف الجسم، ولديه دهون على منطقة البطن.
وهذه الدهون تعتبر من أخطر أنواع الدهون، لأنها ترفع نسب مقاومة الإنسولين، وكذلك ترفع من خطر الإصابة بأمراض القلب، وأيضاً مشاكل الكوليستررول، لذلك يجب علينا التخفيف من هذه السكريات وخاصة السكريات التي تتراكم على دهون البطن، فالجسم لا يستطيع التعامل مع كل أنواع السكريات التي يتناولها الشخص.
والجلوكوز على عكس الفركتوز، الذي يتراكم على دهون البطن، فهو يتراكم في خلايا الجلد، يؤدي إلى زيادة في الوزن، ولكن ليس في محيط البطن أو الخصر.
ويتأثر الأطفال بتناول المشروبات الغازية أكثر من الكبار، وخاصة عندما يتساهل الأهل في تناول أطفالهم هذه المشروبات، لذلك يجب علينا الوعي بالأطعمة الغذائية التي نوفرها لأطفالنا.
علاقة المشروبات الغازية بمقاومة الإنسولين
تابعت “د. الديسي” انتشرت مشكلة مقاومة الإنسولين في وقتنا الحالي، وخاصة في الأطفال الصغار، ومقاومة الإنسولين لها أعراض واضحة تظهر على الجسم، ولها مسببات أيضاً، ومن هذه المسببات الاستهلاك المتكرر للسكريات ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع جداً، فعند تناول المشروبات الغازية ترتفع نسب السكر في الدم بشكل عالي جداً.
والسبب يعود في ارتفاع نسبة السكر بالدم هو تناول المشروبات الغازية المصنوعة من الفركتوز، فكلما تناول الشخص سكريات أعلى كلما زاد تعامل البنكرياس مع هذا السكر، فيزيد إفراز البنكرياس للأنسولين، ولكن زيادة إفراز البنكرياس للأنسولين، لا يأتي دائماً مع زيادة استيعاب الخلايا الموجودة بالجسم لهذا الإنسولين.
ويؤدي ذلك إلى زيادة في إفراز الإنسولين، ولكن الخلايا لا تأخذ الإنسولين، فيرتفع السكر في الدم، وبالتالي يرتفع الإنسولين في الدم، وهذه هي مقاومة الإنسولين، وهي ارتفاع في نسبة السكر في الدم، وارتفاع الإنسولين أيضاً، وسبب كل ذلك هو الإستهلاك المتكرر للمشروبات الغازية المليئة بالسكر، التي ترفع نسب السكر بالدم بشكل مفاجئ، فيصبح الجسم غير قادراً على التعامل مع هذه الكمية العالية من السكر، فينتج أنسولين بنسب عالية، ولكن الخلايا لا تستجيب له، فيظل الإنسولين عالي وكذلك السكر، فتحدث مقاومة الإنسولين.
وزيادة تكرار هذه الحالة، تؤدي إلى السكري من النوع الثاني، بسبب زيادة الضغط على البنكرياس، فهو يظل ينتج أنسولين، والإنسولين لا يستخدم، فيطلب الجسم أنسولين أكثر فأكثر.
الحد المسموح به من المشروبات الغازية
عادة يفضل الإبتعاد عن هذه المشروبات والأغذية بشكل كامل، حتى لا يكون هناك حد لإستهلاكها، ولكن إذا كان الشخص يتناول كميات كبيرة من هذه المشروبات الغازية، يفضل التقليل منها تدريجياً،
فإذا كان الشخص يتناول لتر إلى لترين يومياً، يمكنه تناول كمية بسيطة ثاني يوم ويستمر لمدة أسبوع إلى أسبوعين، في تقليل الكمية إلى النصف، حتى يصل إلى مراحل إما الإنقطاع النهائي عن تناولها، أو تناول عبوة إلى عبوتين أسبوعياً مقارنة مع الحالة التي كان عليها.
أما الأطفال فيعتمد تناولهم للمشروبات الغازية على الأهل، وكذلك على الهرمونات الموجودة في أجسامهم.
فيعتبر هرمون اللبتين Leptin، وهو هرمون الجوع أو هرمون الشّبع، فهو هرمون يفرز من قبل الخلايا الدهنية، ويكون على تواصل مباشر مع الدماغ، فإذا تناول الطفل نسب عالية من السكريات، فيستمر هذا الهرمون في إعطاء إشارة للدماغ بالجوع وعدم الشبع، ويمحي الشعور بالشبع.
وإذا ابتعد الشخص عن تناول السكريات سريعة الإمتصاص، فيعطي هذا الهرمون إشارة للدماغ بالشبع.