ما تأثير الحزن في الإصابة بأمراض القلب؟
قال “د. خالد النمر” استشاري وأستاذ أمراض القلب. القلب هو مرآة المشاعر مثل الحزن والفرح والغضب والإنفعال، لذلك يتأثر بها جميعًا. وأكثر المشاعر البشرية تأثيرًا على القلب على الإطلاق هي الغضب، سواءًا على المدى القريب أو البعيد، حيث أنه يؤثر في المدى القريب في زيادة ضخ الدم للقلب، ومن ثَم قصور الشرايين وحدوث الجلطات، وعلى المدى البعيد يؤدي إلى ضعف عضلة القلب.
أما الحزن فله تأثير كبير على القلب، وبخاصة مع مرضى السكري والضغط، لأن الحزن يساعد على رفع نسبة هرمونات الكيتوكولامينز، وهي هرمونات مؤثرة على عضلة القلب. والواقع يشهد على كثيرين أصيبوا بالجلطات في القلب بسبب الحزن الشديد.
ويتوقف تأثير المشاعر وبخاصة الحزن على القلب على عدة معايير، ومنها:
درجة وشدة الحزن.
الإستعداد النفسي للتأثر، فأصحاب الشخصيات القوية يسيطرون على مشاعرهم نوعًا ما، لكن تبلغ الصدمة مداها إذا ابتُلي صاحب الشخصية الضعيفة بمصيبة مُحزنة. وبالتالي تأثيرها أشد على القلب.
عدم وجود مساحة أو آليه لتصريف مشاعر الحزن بالنصيحة أو الإبتعاد عن المكان والموقف الذي يخيم عليه الحزن بدلًا من تركها تسيطر على نفسية المُصاب.
وتجدر الإشارة إلى أن المشهور دوليًا هو أن أكثر فترة يحدث فيها الوفاة بسبب الحزن الشديد هي الأسبوع الأول بعد الموقف الإنساني الذي تسبب في إستثارة مشاعر الحزن الشديدة عند الشخص كوفاة عزيز عليه مثلًا، وبخاصة إذا كان الحزين من النساء.
إذا كان الشخص مريض قلب أو سكري بالأساس، فيكون تأثير الحزن عليه أشد وأكبر، وبخاصة إذا تجمعت المعايير سابقة الذكر.
هل يمكن أن يؤثر الفرح سلبًا على صحة الفرد؟
تابع “د. النمر” الواقع المُشاهد بالعين يثبت كثير من الحالات التي عانت صحيًا أثناء الفرح الشديد، فكثيرون يصابون بالإغماء حال التعرض لمفاجأة سارة، أو خبر يدعو إلى الفرح الشديد لم يكن مُتوقع حدوثه.
والخلاصة، أن المشاعر البشرية على اختلافها دائمًا ما يُصاحبها تغير في الهرمونات البشرية، إلى جانب ما يُصاحبها من إرتفاع في ضغط الدم. ولا يملك كل البشر نفس درجة القدرة على تحمل هذه التغيرات، خصوصًا إذا كانوا من كبار السن المصابون أصلًا بمجموعة من الأمراض المزمنة.
فالمشاعر شديدة الإيجابية مثل الفرح، أو شديدة السلبية مثل الحزن، يمكن لهما أن يؤثران في صحة الإنسان، وقد يتطور الأمر إلى تأثيرهما في حياته مباشرة بالقضاء عليه ووفاته.
هل يتساوى تأثير المشاعر البشرية صحيًا عند الأطفال كما عند كبار السن؟
التغيرات الكيميائية في الجسم والتي تحدث كنتيجة مباشرة للمشاعر البشرية، تزداد توهجًا وشدة في طرفي العُمر، أي عند صغار وكبار السن. لذا نجدهم سريعي البكاء وسريعي الضحك، وذو عاطفة جياشة وسريعة التغير. لذلك وجب على المحيطين مراعاتهم في المواقف المُفرحة جدًا والمُؤلمة جدًا.
وقد يكون الحرص في التعامل أشد مع كبار السن، نظرًا لما يعانون منه من أمراض قد تكون مزمنة مثل السكري والضغط والكوليسترول… إلخ.
هل لتأثير المشاعر على الصحة أساس علمي وطبي؟
منذ عام 1960 م توجد العديد من الكتب الكاملة والدراسات البحثية التي تناقش المبدأ الطبي المعروف PTSD (Post Traumatic Stress Disorder)، وهو مبدأ تأثير المشاعر على الصحة.
كما تمت دراسة بعنوان Enter Heart وأشارت إلى دور الإنفعالات النفسية على الإصابة بالجلطات القلبية، وتمت هذه الدراسة في أكثر من 29 دولة حول العالم، وأُجريت على أكثر من ثلاثين ألف مريض، وتوصلت إلى أن الإنفعالات النفسية تحتل المركز الثالث بعد التدخين وإرتفاع الكوليسترول كأهم الأسباب شيوعًا في الإصابة بجلطات القلب، ويأتي بعدها أمراض ضغط الدم والسكري.
وهذا من المثير للدهشة والإستغراب، في كَون الإنفعالات النفسية أهم وأخطر في الإصابة بالجلطات القلبية عند كبار السن من أمراض الضغط والسكري.
ما تقييم المجتمع السعودي من حيث تأثير الحالات النفسية على الإصابة بأمراض القلب؟
طبقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية يعاني 6% من المجتمع السعودي من أمراض شرايين القلب (الجلطات)، أي بمعدل 1 من كل 20 شخص، وهي نسبة مُطمئنة إلى حد بعيد.
إلا أننا لا يمكن أن نغفل أن عوامل زيادة هذه النسبة متوفرة بكثرة ومنتشرة في المجتمع السعودي، فمازالت نسبة ممارسي الرياضة قليلة جدًا، إلى جانب تفشي مرض إرتفاع الكوليسترول بين أبناء المجتمع (1 من كل 2 سعودي مُصاب بالكوليسترول)، كذلك إختلاف العادات الغذائية للمجتمع وإعتماد الكثيرون على الوجبات السريعة، مع إزدياد معدلات السمنة بين الأطفال. فهذه كلها من العوامل التي تساعد على زيادة نسبة الإصابة بجلطات القلب بين أبناء المجتمع السعودي.
كيف نحافظ على كبار السن من مشاعر الحزن بما أنها تضر بقلوبهم صحيًا؟
أوضح “د. النمر” إذا كان لابد من إخبار كبير السن بالأخبار المُحزنة أو الباعثة على الفرح أيضًا، فيجب:
• اختيار الوقت المناسب.
• اختيار شخص يُوليه كبير السن الإهتمام، ويسمع له جيدًا لتبليغه الخبر.
• يقوم المُبَلِغ أولًا بتهيئة كبير السن نفسيًا.
الإخبار بما تم تدريجيًا، مع ضرورة ملاحظة رد فعل كبير السن أثناء تبليغه، والتوقف حال لَمْح أية علامة للحزن الشديد أو الفرح الشديد.
لماذا تتدهو الحالة الصحية لكثيرين ممن عولجوا بعمليات القسطرة أحيانًا؟
تنقسم أمراض شرايين القلب إلى أمراض مستقرة، وأمراض غير مستقرة. فالأمراض الغير مستقرة أو ما تُعرف بالجلطات هي التي تُعالج بالقسطرة. أما الأمراض المستقرة فهي التي تؤثر فيها العوامل المنتشرة في المجتمعات كنمط الحياة العصرية في تناول الوجبات السريعة والتدخين والمشاعر البشرية، وقد تُحولها هذه العوامل إلى أمراض غيرة مستقرة تحتاج لإجراء القسطرة، وفي بعض الأحيان أكثر من قسطرة واحدة بالتتابع لعلاجها.
وحتى لا تتدهو صحة القلب بعد إجراء القسطرة، والإحتياج لتكرار هذا الإجراء الطبي مرة أخرى، يجب معرفة القواعد السبعة لصحة القلب،
وهي قواعد هامة لمرضى القلب الفعليين ولغيرهم من الأصحاء لتجنب الإصابة من الأساس، وهذه القواعد هي:
التأكد من نسب الكوليسترول في الجسم منذ بلوغ سن العشرين فما فوق، وللجنسين، وبحد أدنى مرة كل ثلاث سنين للأصحاء، ومرة كل ستة أشهر لمن يعانون نسبة كوليسترول مرتفعة حتى يتم التحكم فيها. ونُشير إلى أن الكوليسترول ليس له أعراض، فهو مرض صامت، وقد لا يُكتشف إلا بعد إحداث الخلل كجلطات الشرايين القلبية أو الدماغية لا قدر الله.
تجنب التدخين بكل أنواعه بما فيه تدخين السيجارة الإلكترونية لأنها تحمل نفس الخطر والضرر الصحي للسجائر والشيشة العادية.
تفادي الإنفعالات النفسية قدر الإمكان، ورغم أن الإنفعالات البشرية من الأمور القدرية كنتيجة مباشرة لمواقف الحياة المستمرة، إلا أنه يجب إيجاد طريقة ما ووسيلة ما لتفريغ وتنفيس الطاقة الناتجة عن الإنفعال سواء كانت سلبية أو إيجابية.
قياس ضغط الدم على الأقل مرة واحدة شهريًا.
قياس سكر الدم في حال الصيام مرة كل ستة أشهر على الأقل، فإذا أشارت نتائج القياس إلى ما فوق الـ 126 فهي إصابة بالسكري حتمًا، وإذا تناول الفرد وجبته وأجرى تحليلًا آخر للسكر وهو مُفطر فأشارت النتائج لأكثر من 200 فهي إصابة بالسكري ولا شك.
الإكثار من تناول الخضروات والفواكهة الطازجة، وجعلها عادة أساسية يومية، بديلًا عن تناول الأغذية المُصنعة كالبسكويت والشيكولاتة والحلويات الضارة بالجسم على المدى البعيد.
ممارسة التمارين الرياضية يوميًا، ولو كانت تمارين وحركات بسيطة بما لا يقل عن 30 دقيقة يوميًا.
وعليه فلا يُستحب أبدًا إنتظار الإصابة بالمرض، ثم البحث له عن علاج، فالقواعد السبعة السابقة من البساطة بمكان، ولا تتطلب كثير من الوقت أو المجهود، ومع ذلك فيها الكثير من الفائدة لصحة القلب والجسم. وهي نوع من أنواع الوعي الصحي الواجب توافره في مجتمعاتنا العربية كلها.