استوقفني أحد العاملين بأحد المطاعم في بلاد يشكل بها المسلمون أقلية أثناء العشاء وهو يشير بيده إلى إحدى الموائد محذرا إياي من أن أقترب منها لأنها لم تذبح بطريقة إسلامية، هذا العامل والذي عرف نفسه باسم «أخوك المسلم خان» يلاحق من تبدو عليهم سمات الإسلام في المطعم محذرا مما هو محرم أكله ومما هو مكروه بغيرة إسلامية صادقة ونقية، رافضا بحزم أخذ «البقشيش» من أحد، مؤكدا أنه لا يفعل ذلك إلا خوفا وغيرة على إخوته المسلمين من الوقوع فيما حرم الله!
في ذات البلاد وأثناء تجوالي في إحدى المعالم الوطنية صادفت مجموعة من الطلاب والطالبات المنتمين لإحدى المدارس الإسلامية في المنطقة، كانوا أطفالا لا يتجاوزون الثامنة من أعمارهم يبتسمون في أوجه السياح العرب والأجانب وهم يشيرون بأيديهم مرحبين بالإنجليزية ومن ثم بالسلام عليكم.. بصورة بشوشة ولطيفة تشكل صورة رقيقة وانطباعا جميلا عن أطفال المسلمين.
هذه الصورة المثالية عن الإسلام، تقابلها صورة أخرى مشوهة يمثلها بعض مواطنينا للأسف.. فالأطفال ينتشرون في ممرات الفنادق في منتصف الليل ليلعبوا «الغميمة» والأمهات يضربن أطفالهن في المطاعم والأماكن العامة بقسوة والرجال يعاملون نساءهم بجفاف وبهمجية لا تمثل الإنسانية ولا تمثل الإسلام، ناهيك عن الصوت العالي والضجيج الذي يحدثه وجودهم في أي مكان بطريقة لا تفهم مبرراتها!
هناك يستقبل المسلمون الآخرين من مسلمين وغير مسلمين ببهجة وتسامح وهناك أيضا يتهرب المسلمون من أبناء جلدتنا من رؤية بعضهم بعضا، يمرون من أمام بعضهم من دون أن يلقوا السلام ويرمقون بعضهم بنظرات الازدراء وبأعين فضولية، هناك يتعامل المسلمون من وطننا مع الآخرين بفوقية وبوجوه متجهمة.
هناك تفكر كثيرا لماذا يختلف مسلموهم عن مسلمينا رغم أن أخلاقيات وقيم وتعاليم ديننا واحدة!.. هناك يندهش مسلموهم كثيرا من أن يكون السعوديون الذين يمثلون بالنسبة لهم واجهة الإسلام بمثل هذه السلوكيات، وهناك يندهش السعوديون من رقي ورقة ولطف مسلميهم رغم أن إسلامنا واحد، هناك تفكر كثيرا.. وتصدمك النتائج والإجابات!
بقلم: أثير النشمي
وهنا تقرأ: مقال قصير عن الخلاف في الرأي
وكذلك: حكاية القسيس والشيطان.. موعظة مؤثرة