سوق الأسهم السعودية كانت نقطة تحول في حياة الكثير، ولو كانت الخسائر المادية تصنف مع الخسائر البشرية، لاعتبرها الكثير كارثة كأحداث 11 من سبتمبر التي غيرت وجه العالم، وتحول الحديث بصيغة «ما قبل وما بعد» وكأنها حقب تاريخية تحاكي الثورة الفرنسية، أو سقوط النازية.
قبل انهيار سوق الأسهم كان المجتمع السعودي مؤمنا بحكم تدينه بأن «الحلال عمره ما يضيع» إلى جانب نصوص شرعية تصف الحلال بأنه بين وأن الحرام بين وبينهما متشابهات. لكن سوق الأسهم التي كانت تحمل معها الشك نفسه الذي يأتي مع أي ظاهرة جديدة في مجتمعنا، جعلت بعض الناس يبحثون عن فتوى تجيز لهم المتاجرة في هذه السوق الخطرة.
وحينها استغلت البنوك التجارية التي تحركها المصلحة المبررة، البحث عن طريقة شرعية ومضمونة الربح، فأصبحت تسوق منشورات لمنتجات بنكية مذيلة بتوقيع هيئة شرعية متكاملة.
وحينها ازدحم الناس أمام البنوك، وتحول الجميع إلى الحديث عن المال، في حين تصدى العلماء للفتاوى ذات الشأن الاقتصادي على أنها من عموم البلوى.
وبعد انهيار سوق الأسهم تلاشت أحلام البسطاء وانهارت معها بيوتهم ووجد المحظوظ منهم أنه مدين للبنك بخمس سنوات مقبلة فقط! وعزاؤه الذي يخفف عليه مصيبته هو اشتراك الكثير معه في وطأة الألم، وتعايش مع واقعه الجديد مدركا أن امتلاك بيت صغير سيظل حلما كبيرا.
هذه الكارثة خلفت وراءها فئتين، الأولى نادت بالعودة للقديم لانعدام ثقتها بكل ما هو جديد، وأن الله ﷻ أزال عنهم هذه الأموال المشبوهة، فارتضوا بمصيبتهم.
أما الفئة الثانية: فتعلمت من التجربة، وأرادت أن تعلم أولادها كيف يعملون عقولهم لا أهواءهم.
بقلم: سعود البشر