يقول أكثر الأمثال الشعبية -البالية- حكمة «المال السايب يعلم السرقة»، صحيح أن هذا المثل لم يكن مبنيا على واقع علمي ودراسة مستفيضة كما أنه من الممكن أن يكون قد قيل في مناسبة عادية.
مع ذلك يلخص هذا المثل «حواديت عظيمة» في/وعن الرقابة ومشاكل المال العام، وإعاقات التنمية إلى آخر قائمة دول العالم الثالث.
وسرعان ما يتبادر إلى ذهني هذا المثل في كل مرة أسمع فيها عن مشروع «ملياري ضخم» تنقل لنا أخبار تعميده أو افتتاحه. وأيضا في كل مرة ترتفع لدي الحموضة من هذه الأرقام الفلكية التي تطلق على عواهنها، دون أي فكرة عن أين ستذهب، كيف سنضمن عدم سرقتها؟ ممن سيخاف الشخص الذي يمتلك في يده مليار ريال؟ إذا تذكرنا أن الضمير لم يعد يخيفهم!
وترتد إلي في كل مرة خيبة بحجم هذه الأسئلة، فللأسف لا توجد أي جهة رقابية تضمن الصرف، وتضمن كذلك استشعار الأمانة عند الحديث عن الصرف.
ولهذا أصبح الجميع يتحدثون عن المليارات، فالكل لديه مشروع تنموي سيجلب الوظائف والبسكويت، والكل مشاريعهم بمليار.
الأمر الذي أوجد فجوة ضخمة بين النظرية والواقع: النظرية التي تمثلها التصريحات المليارية في كل مكان، والواقع الذي يمثله شعور المواطن البسيط الذي يرى أنه لم تصله حتى الآن «ولا هللة!».
مليارات الإسكان ولا يزال يسكن في بيته المستأجر، ومليارات في النقل والشوارع التي يعبرها، تشبه وجه القمر، ومليارات في الصحة.
هذه الفجوة من التناقض خطيرة، هذه الفجوة هي الخطر الحقيقي، لم يعد المتربص الخارجي الذي ينتهز الفرصة لإبادتنا موجودا فالكل لاه بنفسه في صراع الحضارة الذي لم يعد ينتظر أحدا، بينما نحن مازلنا نتكئ على جدار ما بصورة كسولة ونتحدث عن كيف «سنسير بأقصى سرعة» بينما الجميع «يركضون!».
بقلم: أيمن الجعفري
واقرأ هنا عن: تردي الخدمات السياحية في السعودية