وَرَدَ في الأثر دعاء اللهم لك الحمد حتى ترضى. وتُزَاد بـ: ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا. ولا عجب أن نقرأ ونسمع كثير ما يرد من أجمل الكلمات والعبارات المباركة -مثل ما نتحدَّث عنه اليوم. ولهذا جاء في القرآن الكريم وسنة الحبيب المصطفى -عليه أْفضل الصلاة وأزكى السلام- حمد الله على كل حال. وفي الحديث الشريف: {أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء}.
اللهم لك الحمد حتى ترضى
نبينا محمد -عليه أَفضل الصلواتِ وأَكمل التحيات- هو صاحب لواء الحمد، وأمته هم الحمادون الذين يحمدون ربهم -سبحانه- على السراء والضراء.
وروي -أيضًا- عن رسول الله -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها- {أنه كان إذا أتاه الأمر يسره قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه الأمر الذي يسوءه قال: الحمد لله على كل حال}. وفي مسند الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري عن المصطفى -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- {قال: إذا قبض ولد العبد يقول الله لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد}.
وقد افترض الله -جل شأنه- على عباده في كل صلاة أن يفتتحوها بقراءة سورة الفاتحة، بقوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}. كما يفتتح الأئِمَّة والخطباء في كل خطبة “بالحمد لله”؛ فأمرهم أن يكون الحمد لله مقدمًا على كل كلام سواء كان خطابا للخالق -عز وجل- أو خطابا للمخلوق.
ولهذا يقدم الرسول محمد -عليه أفضلُ الصلاة وأطيب السلام- الحمد أمام الشفاعة يوم القيامة. ولهذا أمرنا بتقديم الثناء على الله -تبارك وتعالى- في التشهد قبل الدعاء. وقال نبينا المصطفى -عليه أْفضل الصلاة وأزكى السلام- {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع} أو أجذم.
واقرأ في الحاوي للفتاوي:
أقول من بعد حمد الله جل على ¦ إنعامه وأجل الحمد من شكرا
ثم الصلاة على خير البرية من ¦ عمت رسالته من جاء أو غبرا
فضل الحمد والشكر
في القرآن الكريم
قال الله -سبحانه في الآية ١٥٢ من سورة البقرة {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}.
وقال -جل شأنه- في الآية السابعة إبراهيم {لئن شكرتم لأزيدنكم}.
وقال -تبارك وتعالى- في الآية ١١١ من سورة الإسراء {وقل الحمد لله}.
وقال -جل وعلا- في الآية العاشرة من سورة يونس {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}.
في السنة النبوية
في حديث شريف رواه مسلم؛ عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي -عليه أْفضل الصلاة وأزكى السلام- أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما فأخذ اللبن، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك».
وهنا حديث حسن، رواه أبو داود وغيره؛ عن رسول الله -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها- قال: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب: الحمد لله فهو أقطع».
وفي حديثٍ رواه الترمذي؛ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد».
ونعود إلى كتاب مسلم؛ حيثُ حديث عن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-: «إن الله ليرضي عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها».
وعن الأسود بن سريع قال: «قلت يا رسول الله! ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى؟ فقال: أما إن ربك يحب الحمد».
وعن جابر قال: قال رسول الله -عليه أَفضل الصلواتِ وأَكمل التحيات- «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله»..
وعن أنس قال: قال رسول الله -عليه أفضلُ الصلاة وأطيب السلام- «ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ».
وعن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله، لكان الحمد أفضل من ذلك».
وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان».
وقد أخرج الحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه، ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تخلص إليه».
وقد أخرج البيهقي عن أنس قال: قال النبي -عليه أْفضل الصلاة وأزكى السلام- «التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما شيء أكثر معاذير من الله، وما شيء أحب إلى الله من الحمد»
وفي حديث آخر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التوحيد ثمن الجنة، والحمد ثمن كل نعمة، ويتقاسمون الجنة بأعمالهم».
وقد أخرج ابن ماجه في سننه عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم أن عبدا من عباد الله قال: يا رب! لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فلم يدر الملكان كيف يكتبانها، فصعدا إلى السماء فقالا: يا ربنا إن عبدا قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها، قال الله- وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا يا رب إنه قال: لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني وأجزيه بها».
وقد أخرج مسلم عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها- «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها».
اللهم لك الحمد والشكر
نختِم بالتذكير بما قاله الشيخ حسن حبنكة؛ وهو عالم جليل وخرَّج العلماء الكثيرين. يقول: الحمد لله على وجود الله.
فالله -تعالى- حَق. فلماذا تخاف وتحزن وتقلق من غدٍ والمستقبل؟
إن ربًا كفاك بالأمس ماكان … سيكفيك في غد مايكون
والآن، فقد سردنا لك عزيزي القارئ الدلائِل من كتاب الله -تعالى- وسُنَّة نبيه التي كانت مرادفة لعبارة اللهم لك الحمد حتى ترضى ومعناها، وسلَّطت الضوء على فضل الحمد والشكر. فقد تم بحمد الله؛ وصلّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.