تُصنف منظمة اليونسكو اللغة العربية على أنها واحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وتشير إلى أن مُتحدثيها يصلون إلى ٤٢٢ مليون نسمة حول العالم، لكن من الواضح أن هناك تراجعاً في الاهتمام بتعاليم اللغة العربية مؤخراً في المنطقة العربية، في ظل حرص العائلات على تصدير اللغات الأجنبية للتواصل مع أبنائهم، كما قد أدخلت مواقع التواصل الاجتماعي عدداً من الكلمات، والعبارات، والمصطلحات، التي دخلت إلى حياتنا اليومية، فكيف يؤثر التطور التكنولوجي والعولمة على اللغة العربية؟
هل تصمد اللغة العربية في عصر العولمة؟
تقول الاختصاصية في اللغة العربية “رابعة العكور” أن اللغة العربية كغيرها من اللغات تعرضت لقضايا طارئة؛ فاللغة العربية تمر بفترات انكماش، وجذب، وازدهار، تمر بها اللغة العربية كأي لغة أخرى، ولكنها ليست بالسوء للدرجة التي تبعث على اليأس.
واللغة العربية هي لغة أصيلة موجودة في حياتنا اليومية، عند الفنانين، والمبدعين، وعند رجال المسرح، والسينما.
وهناك عدة تحديات تواجه اللغة العربية، مثل:
• وجود محتوى ضئيل جداً للغة العربية على شبكة الإنترنت، والذي لا يتجاوز ١٪، مقابل ٨٠٪ للغات الأخرى؛ فالنسخة العربية من الويكيبيديا تحتل المركز الـ ٢٦ من حيث الحجم من ناحية اللغات، ويعد هذا الحجم منخفض جداً مقارنة باللغات الأخرى.
• الازدواجية في الكتابة؛ فنحن في الكتابة الالكترونية نستخدم اللغة الهجينة، حيث يتم الخلط بين الحرف العربي واللاتيني، مما يهدد مستقبل مهارة الكتابة العربية.
وإذا اعتبرنا أن قضية اللغة العربية هي قضية استراتيجية في المقام الأول، وتمس الأمن الثقافي والحضاري للأمة، فنحن هنا جميعنا نتحمل المسؤولية للقيام بعمل مؤسسي منظم للنهوض باللغة العربية؛ فأغلب العمل العربي يعتبر فردياً، وبالتالي لا يأتي بالنتائج الإيجابية المرجوة، لذلك فالمهم أن نعتمد ونتكامل كمؤسسات، بداية من مؤسسة التربية والتعليم، والجامعات، والمعاهد، ووزارة الإعلام، ومجمع اللغة العربية.
ومن خلال تكامل هذه المؤسسات، يتم فرض خطوط عريضة تحدد ملامح المشكلة، والصعوبات التي تعيق فعالية تعليم اللغة بطريقة وظيفية تجعلها سهلة الاستخدام اليومي، كما أنه لابد من التطبيق العملي لتدريس المهارات، ذلك بالإضافة إلى أهمية أن نقف جميعاً وقفة تضامنية للحفاظ على هوية اللغة العربية، بداية من الكتب الجامعية، وذلك من خلال الدعوة للتعريب، وللترجمة، ولزيادة تدريب المترجمين، والمعجمين.
كما يجب أن يتم تنظيم الندوات والمحاضرات واللقاءات الصحفية لتعريف الناس بأهمية اللغة العربية، حتى يعود لها بريقها ومنزلتها التي فقدتها لصالح اللغات الأجنبية.
ومن الجدير بالذكر أن الانتشار الهائل للمدارس الأجنبية في بلادنا العربية مؤخراً لن يؤثر على اللغة العربية، فهي لغة ثابتة، لها جذور، وأصول.
كما تعتبر اللغة الإنجليزية هي نتاج للعولمة، ونحن لا توجد لدينا مشاكل مع العولمة، بل ندعو للانفتاح على الثقافات الأخرى، لكن مع الحفاظ على اللغة العربية الأصيلة.