عندما يكون الباب مشغولا بـ «سوف» و«قريبا»، والمقبض محتجز بدراسة مستقبلية بعيدة، وبمشروع معطل لأعوام وأعوام، حينما يكون المنفذ الوحيد سورا أو فجوة في السور، كما هو الحال في محاكمنا المليئة بضجيج المعاملات التائهة، والقضايا المعلقة بين الجدران.
حينها من يفكر في القفز فوق السور يا ترى؟!
أعتقد أن القطة هي الأجرأ على القفز من بين الكائنات الأليفة بمن فيهم البشر، هي تعلم مسبقا أن الأمور لا تؤخذ بحشر الرأس في جحر مظلم، ولا بالمخاطرة بالدخول من خلال فجوة ضيقة، لذا هي تنظر للأعلى كخيار أول و«تتشعبط» في أقرب جدار لتصل ثم تقفز وكلها يقين أنها بسبع أرواح ولن ينكسر لها ساق.
الأحكام القضائية عندنا مرهونة بتقدير القاضي، بينما الأصل هو «التقنين» ووضع أساس يعتمد عليه القضاة في أحكامهم ضمن سياج الشريعة الإسلامية، أيضا هي مربوطة بالمناطقية، فمثلا مرتكب الخطأ في جدة يحاكم بطريقة مختلفة عن آخر ارتكب الفعل ذاته في الرياض. الاختلاف ليس في هيئة الجرم وتفاصيل الجريمة بل في حراك القضية وسرعة بديهة القاضي وما يستند إليه من فقه، وهل هو في ذلك اليوم بذهن صاف أم مشوش؟
الواقع يقول إن الأحكام القضائية مغيبة اجتماعيا، لا أحد يعرف ما له وما عليه، الكل على جميع المستويات التعليمية لا يعرف حقوقه ولا يثمن العواقب التي تنتظره في حال تورطه بمشكلة.
كما أن الوقت في الممرات القضائية لا قيمة له ولا دية، والساعات قد تصبح أشهرا وأعواما يحيي الله فيها من يحييه ويقبض برحمته من يقبض.
إن تطوير القضاء حلم سيتحقق حتما، لكن متى يكون ذلك؟ ومتى نهدم الجدار ونكسر القفل ونفتح أبواب العقل والمنطق ونقصر عمر المشاوير التي أرهقت أصحاب الحق؟!.
بقلم: أميرة المالكي