هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الإمام القدوة الحافظ الحجة، عالم وقته بالمدينة القرشي، التيمي المدني، الفقيه، أبو محمد.
ولد في المدينة المنورة في خلافة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وكان القاسم أشبه بني أبي بكر بجده أبي بكر (رضي الله عنه)، وأخذ علمه وفقهه من عمته أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)، وعن حبر الأمة عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أخذ العلم والورع، وعن أبي هريرة ﷻ الرواية عن رسول الله ﷺ.
نشأ التابعي الجليل القاسم بن محمد بن أبي بكر بعد موت أبيه في حجر عمته السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، وتفقه منها، وأكثر في الرواية عنها، وروى عن جماعة من الصحابة، منهم: أبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن الزبير (رضي الله عنهم) أجمعين.
وكان القاسم بن محمد بن أبي بكر من سادات التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة وأحد أئمة الحديث، كما كان رفيعًا عاليًا إمامًا مجتهدًا ورعًا عابدًا صالحًا ثقةً حجة، قال عنه يحيى بن سعيد الأنصاري: ما أدركنا أحدًا بالمدينة نفضله على القاسم بن محمد، وقال ابن عيينة: “أعلم الناس بحديث عائشة (رضي الله عنها) ثلاثة: القاسم، وعروة، وعمرة”.
ومن أخلاق القاسم أنه كان لا يكاد يعيب على أحد، فقد سمع رجلا يقول: ما أجرأ فلان على الله فقال القاسم: ابن آدم أهون وأضعف من أن يكون جريئًا على الله، ولكن قل: ما أقل معرفته بالله، ومن أقواله التي تدل على ورعه وعلمه وتقواه قوله: لأن يعيش الرجل جاهلاً بعد أن يعرف حق الله عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم، وقوله: إن من أعظم الذنب أن يستخف المرء بذنبه.
وقد أثنى عليه الكثيرون، فقال أيوب السختياني ما رأيت رجلا أفضل منه، وقال سفيان الثوري: كان أفضل أهل زمانه، وقال مالك بن أنس عنه: كان من فقهاء هذه الأمة، وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: القاسم من خيار التابعين.
وكانت وفاته سنة ثمان ومائة من الهجرة وكانت سنه عند وفاته ثلاثا وسبعين سنة.