ما الفرق بين المياه البيضاء والمياه الزرقاء والمياه السوداء؟
قال الدكتور وائل البلعاوي “استشاري طب وجراحة العيون والزّرق”: ثلاثة أمراض مشتركة في اسم (مياه)، وهذه (المياه) اسم اصطلاحي، يعني مصطلح عامي ليس له أي علاقة بالحقيقة.
المصطلح العلمي بالعربي وليس بالإنجليزية: المياه البيضاء والمياه الزرقاء نَفْس المفهوم في الأردن، ولكن في السعودية لا؛ في السعودية المياه الزرقاء هي السوداء.
المياه البيضاء والزرقاء واحد؛ وهي وجود عَتامة على عدسة العين البلورية، تُفقِد شفافيتها. الثلاثة مشتركين في أنها لا هذه مياه، ولا هذه مياه، ولا هذه مياه؛ هذه عتامة على العدسة تفقد شفافيتها.
والمياه السوداء ارتفاع في ضغط العين؛ العين عبارة عن كُرة داخلها سائل يحافظ على شكلها، يعطيها ضغط معين، تظل موجودة تحت هذا الضغط. في إمكان لإفراز هذا السائل (الجسم الهدبي)، وفي مكان لتصريف هذا السائل من خلال زاوية العين ما بين القرنية والقزحية لتصريف الماء الزائد. فإذًا إفراز السائل الداخلي للعين –وليس الدمع-.
السائل الداخلي للعين: هو إفراز مستمر، وتصريفه يجب أن يكون مستمرًا. إذا عندنا خلل في زيادة الإفراز، أو خلل في التصريف؛ هنا تحدث المشكلة.
زيادة الإفراز قليل جدًّا حدوثه؛ وفيه: سوء في التصريف، توجد كمية ماء تُفرَز بحجم معين يجب أن تُصَرَّف بنفس الحجم، إذا حدث خلل في التصريف فيزيد الضغط داخل العين.
إلام يؤدي زيادة الضغط داخل العين؟
وتابع الدكتور/ وائل البلعاوي قائلًا: العين بالنهاية مربوطة بعصب بصري، يُوصل هذه الصورة المتكونة على الشبكية إلى الدماغ.
وجود هذا العصب البصري تحت ضغط أكثر من 20 مليمتر زئبق يؤدي إلى تلف هذا العصب، وهذا العصب عندما يتلف تنقطع الصورة عن الدماغ في النهاية، وهذه هي المشكلة، وهذا هو الخطر.
يجب أن يكون ضغط العين أقل من 20 أو أقل من 19 مللي زئبق حتى يستطيع العصب أن يُقَدّم عمله الكهربائي –طبعًا- في هذه الظروف. الزيادة على ذلك يؤدي إلى تلف بالعصب، المشكلة أن التلف بالعصب لا يأتي في المركز، بل يأتي على الأطراف، ولهذا السبب المريض لا يشعر بها، فيكون التلف من الخارج إلى الداخل تدريجيًّا، والمريض يرى جيدًا، ويعيش سنة وسنتين وثلاثة ما عنده مشكلة، وفجأة يصبح يرى من خلال أنبوب، شخص يحكي بجانبه ولا يراه، فيضطر أن يلف بجسمه كله حتى يستطيع أن يراه، تكون كل المنطقة سواد حوله، وأصبح في نهاية المرض لا يرى.
بعد هذه الخطوة حتى المركز نفسه يفقده، فنسميه في هذه اللحظة absolute glaucoma الزَّرق المطلق، أو المنتهي، وفي هذه الحالة لا يوجد علاج لها.
ما هي أعراض المياه الزرقاء أو البيضاء أو السوداء؟
تابع الدكتور/ وائل البلعاوي قائلًا: المصطلح العامي عند الناس: (اصبر على الماء إلى أن تستوي) بمعنى تنضج وتزيد. هذا الكلام كان ينطبق على المياه البيضاء، يعني نصبر عليها حتى تنضج، سنة أو سنتين، وهذا كان في الماضي في المياه البيضاء أو الزرقاء. حاليًا لا نصبر لا على هذه ولا على هذه، لا بد أن نعالجهم، ولكن ليس في بدايته بالضبط؛ المياه البيضاء مختلفة بطريق الجراحة، كنا بالماضي قبل الثمانينات (في السبعينات) نضطر أن نفتح العين فتحة كاملة من أجل أن نُخرِج العدسة منها، والعدسة لها حجم كبير، وهي عملية دقيقة وكبيرة. هذه العملية التي قام بها ابن سينا قبل ألف سنة، وظلت مستمرة إلى عام 1970م، طريقة ابن سينا، قم بإزالة العدسة، افتح بالمشرط، اضغط على العين تخرج العدسة. بـ 1970 وما بعدها أصبح هناك تطورًا رهيبًا في طب العين؛ بحيث أننا وصلنا في النهاية إلى أن نفتح فتحة صغيرة (بمقدار عود الكبريت) نُدخل من خلالها جهاز الفاكو، يُكَسّر العدسة، تكون العدسة قاسية مع المرض، وتخرجها جزء جزء، ويزرع محلها عدسة مطوية.
لماذا كانوا في الماضي ينتظرون حتى تستوي المياه؟
تابع الدكتور/ وائل البلعاوي: لأن لا بد أن تُخرِج العدسة، وليس معنا جهاز، فلا بد أن تكون الفتحة كبيرة. حاليًا لأنه في جهاز، نُفضّل تكون المياه في وسطها، وليس في بدايتها، ولا في آخرها؛ لأن في آخرها لا تُضبَط على الجهاز، الجهاز لا يستطيع أن يكسرها، إذا وصلت إلى مرحلة صعبة، وأصبحت مياه بُنّية فنرجع للعملية التقليدية (عملية ابن سينا)، ونُخرِجها ونفتح العين، ونعرض العين لمشاكل. لهذا السبب حاليًا أرجو أن الفكرة تظل: أنه لم يعد موجودًا فكرة (ننتظر حتى تستوي المياه). بالنسبة للزرق (المياه السوداء): يجب أن يتم علاجه في نفس اليوم الذي اكتُشِف فيه، كل يوم تأخير، وكل أسبوع تأخير يتسبب إلى تلف العصب البصري، والتلف غير مُسترجَع.
التلف 50% يظل يعيش مع هذا التلف على 50% إذا تمت معالجته بشكل صحيح، وإذا لم يتم علاجه بشكل صحيح حتى الـ 50% يُفقَدوا. لهذا السبب الزَّرق هناك عِدّة خطوات لعلاجه، طبعًا في الأزمنة الماضية لم يكن هناك أدوية كثيرة، نحن لا نتكلم عن أزمنة قبل ألف سنة، ولكن قبل عشرين سنة، وقبل ثلاثين سنة لم يكن هناك أدوية كافية لعلاج الزَّرق.
حاليًا يوجد أدوية، ما هَبّ ودَبّ؛ فخَفَّت نسبة الجراحة بنسبة كبيرة في الزَّرق. في السبعينات والثمانينات كنا نعالج الزرق بالجراحة بشكل كبير، ولكن حاليًا لا؛ بسبب تواجد الأدوية البديلة.
ما هي الأعراض التي يشعر بها المريض الذي يعاني من المياه البيضاء، أو المياه الزرقاء، أو المياه السوداء؟
أجاب الدكتور/ وائل البلعاوي: السؤال مهم جدًّا؛ بالنسبة للمياه البيضاء: تكلمنا عنها من قبل، وباختصار شديد: ضَعْف في الرؤيا، عدم تركيز، في الليل تشتيت في الإضاءة، قصور في النظر، البعيد غير واضح. المشكلة في الزَّرَق أنه ليس له أعراض، قد يصاب المريض بالعمى من دون أن يدري.
وإذا لم يكن لها أعراض هل يجب على الإنسان أن يقوم بعمل فَحْص دوري؟
أجاب الدكتور/ وائل البلعاوي: سنتحدث أولًا عن تحديد الأعراض سنُقَسّم الزرق إلى ثلاثة أقسام:
قسم نسميه chronic أو مزمن، مفتوح الزاوية، ومُغلَق الزاوية، والقسم الثالث: الـ congenital وهو للأطفال، والقسم الرابع: الـ secondary ثانوي وهو زَرْق يأتي نتيجة لمرض آخر.
نريد أن نُرَكِّز على أول اثنين:
مفتوح الزاوية: مشكلته أنه يُشَكّل 90% من الزَّرق، وهذا أخطر أنواع الزّرق؛ لأن المريض لا يشعر به نهائيًّا، لا يشعر بأي أعراض نهائيًّا، بعض الأحيان يرى بعض الهالات حول الضوء عند المساء؛ لأنه الضغط يرتفع من 20 إلى 22 أو إلى 23 أو إلى 25 أو إلى 26 أو 27 ولا يشعر! يظل طبيعيًّا.
حتى نفهم مفتوح الزاوية ومغلق الزاوية نريد أن نعطي مثالًا بسيطًا: حنفية مياه، مغسلة، ومصرف، الحنفية تغذي المغسلة وتملأها بالمياه، والمصرف يقوم بتصريفها.
المفتوح الزاوية: المصرف دائمًا مفتوح، وغير مُغلَق، لكن مع الزمن يُغلَق المصرف شيئًا ما، يتكلس المكان الذي حوله، ويظل مفتوحًا، فالضغط لا يرتفع بشكل فجائي، وتصبح عملية التصريف أقل من عملية الإفراز فيرتفع الضغط داخل العين.
مُغلَق الزاوية: مغسلة، وعليها مصرف، وحنفية، وتم رَمْي ورقة بها، فتسبح الورقة حتى تغلق المصرف، فيستيقظ المريض من النوم من الممكن أن يضرب رأسه في الحائط من الألم الشديد.
هذا النوع المغلق الزاوية هو حميد، هذا أحسن الأنواع للـ glaucoma؛ لأن في هذا النوع المريض يضطر يذهب للمريض بسبب الآلام التي يشعر بها.
الأعراض: ألم بالرأس، دوخة بسبب الألم الشديد، وقيء بسبب الألم الشديد، قد يفقد توازنه، وقد يفقد وعيه من شِدة الألم، فيضطر يذهب للطبيب. والطبيب يمسك الورقة التي نزلت على المغسلة ويفتتها بالليزر فقط، وانتهت المشكلة من أصلها، إذا عمل فتحة في قناة التصريف بالليزر انتهت المشكلة ولا ترجع له أبدًا.
ولو أن هذا النوع سيء في الأعراض لكنه حميد، وسهل في العلاج، وطبعًا هذا أحسن.
القسم الثاني: مفتوح الزاوية: يأتي للسن المتأخرة، بعد الأربعين أو بعد الخمسة والأربعين، وليس له أعراض، التصريف يكون بسيطًا، بدون أن يشعر المريض، وهذه هي المشكلة، ممكن تكون سنة أو اثنين أو ثلاثة والنظر يضعف تدريجيًّا، ولا يضعف النظر المركزي، وهذه مشكلته، ولكن يضعف النظر الجانبي.
لو نظرت إلى الإمام، أنا أرى يدي (في الجانب)، ولكن لا أُرَكّز عليها، لكنها تتحرك، بها أصبعين أو ثلاثة.
أما الذي عنده زَرق لا يرى أبدًا الموجود على جانبي جسمه إذا كان ينظر إلى الأمام، لا بد أن يحركه إلى نقطة معينة حتى يستطيع الرؤية.
يمكن للشخص أن يفحص نفسه، بأن يقوم بوضع أصبع يده اليسرى أمام العينين ويجعل اليد الأخرى إلى أقصى جانبه أو إلى الوراء قليلًا إذا كان يرى يديه الموجودة في أقصى الجانب فليس عنده زراق، لو عنده زراق لا بد أن يحرك يده إلى أن يوصلها إلى أمام العين حتى يراها، وهذه نسميها الساحة البصرية. حوالي 80 درجة أو 90 درجة. يكون نَظَر المريض الأمامي المركزي ممتاز، لكن الساحة البصرية تَقِلّ.
لا بد أن يعمل الفحص بدون أن ينظر بطرف عينيه للجانب، لا بد أن تكون العين إلى الأمام حتى نختبر رؤية العين للمساحة الجانبية أثناء نظرها للإمام.
إذا عمل نظر بطرف عينيه فهذا غلط، يجب أن يرى يده بدون أن ينظر عليها، وإلا يصبح ضرر مركزي، أنا أنظر إلى الأمام وأنا أرى يدي التي في الجانب، غير واضحة لكن أراها تتحرك. وبهذا يكون ما يسمى telescopic vision النظر من خلال أنبوب. وهنا تبدأ المشاكل، وليس لها علاج، ولكن علينا أن نحافظ على الموجود؛ وذلك بأدوية لنزيد التصريف أو نُخَفّف الإفراز، هناك أدوية تُخَفّف إفراز السائل، وهناك أدوية توسع قنوات التصريف وتزيد التصريف. إذا فشلت الطريقتين في هذه الحالة نلجأ إلى الجراحة.
وهناك نصيحة للناس المصابين بالمياه البيضاء أو الزرقاء أو السوداء، عندنا شيء جميل في قسم العيون أنه على سن الأربعين الشخص بحاجة إلى نظارة، أتمنى أن يكون عندنا وعي سواء من قِبَل الأطباء أو المرضى أنه على سن الأربعين عندما يعمل نظارة للقراءة يفحص ضغط العين فقط.