الاستفاضة حول الفرق بين الحمد والشكر والثناء والمدح قادمة، ولعلّ من أكثر ما يميز لغتنا العربية الثراء الكبير في معانيها ومبانيها، والمرادفات المتعددة للمعنى الواحد، والذي يتنافى مع التكرار العبثي، بمعنى أن استخدام مفردة دون أخرى من مرادفاتها يكون لخصوصية في المعنى أو إضافة أودلالة يقتضيها.
وهذا مما يكثر في القرآن الكريم والسنة المطهرة حيث يذكر اللفظ ويعطف عليه لفظ مرادف له، ودائمًا يكون في ذلك دلالة على المغايرة بين اللفظين حتى وان جرى استعماله على ألسنة العامة مجرى المعنى الواحد، لأن القرآن الكريم والسنة النبوية ينتفي تمامًا معهما العبث أو التكرار المخل بالمعنى.
الفرق بين الحمد والشكر والثناء والمدح
ومن الكلمات المترادفة والتي يتطرق للذهن معنى مشترك أو متقارب جدًا حين تقال: الحمد والشكر والثناء والمدح، فقد نشعر لأول وهلة أن المعنى واحد، ولكن بالرجوع إلى مصادر اللغة وألسنة العرب وبقليل من البحث نكتشف أن هناك فوارق بين تلك الكلمات في معانيها ودلالاتها، وهذا ما سيدور حوله حديثنا في هذا المقال، ألا وهو الفرق بين الحمد والشكر والثناء والمدح.
الحمد
للحمد عدة تعريفات من أهمها ما يلي:
- الحمد هو ذكر المحمود بالفضيلة، ويقال هو ثناء على المحمود لكمال ذاته وصفاته.
- ويعرف القرطبي المدح بأنه الثناء على المحمود دون سابق إحسان، ومن ذلك يؤخذ أن المدح هو ثناء غير مرهون بمعروف المحمود أو فضله على الحامد.
- وقد يعرف بأنه الوصف الجميل الاختياري على المنعم بسب كونه منعم، على الحامد نفسه أو على غيره.
- ومنه: (الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه)، والحمد المطلق التام الكامل لا يكون إلا لله عز وجل.
الشكر: هو الثناء على صاحب المعروف بذكر فضله ومعروفه، وعرفه البعض بأنه معروف نظير النعمة التي أسداها المشكور للشاكر بفعل أو قول أو غيره، ومن التعريفان يظهر أن الشكر مرهون بتلقي معروف.
الفرق بين المدح والشكر
يرى بعض العلماء ومنهم الطبري وأبو العباس المبرد أن لفظ الحمد ولفظ الشكر لهما نفس المعنى ولا خلاف بينهما، بينما يرى فريق آخر أن هناك فارق بين معنى الكلمتين ومنهم القرطبي، ويمكن القول أن الفرق بين الكلمتين هو كالتالي:
- الحمد أخصّ من الشكر، فالحمد يكون باللسان مع إقرار القلب والشكر يكون باللسان والقلب والجوارح.
- الحمد ضده الذم، أم الشكر فضده الكفر (كفر النعمة ونكرانها).
- الحمد أعم من الشكر من حيث ما يقع عليه من الصفات، فالحمد يقع على الصفات اللازمة والمتعدية، أما الشكر فلا يكون إلا على الصفات المتعدية.
- الحمد يكون لمن أحسن إلى الحامد أو إلى غيره أما الشكر فلا يكون إلا لمن أحسن إلى الشاكر نفسه.
المدح: هو ذكر الممدوح بالخير، وبما يستحب من الصفات والثناء عليه.
الفرق بين الحمد والمدح
يقول ابن القيم رحمه الله في بيان الفرق بين المدح والحمد أن الحمد هو ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه، أما المدح فإنه ذكر المحاسن مجردًا عن الحب أو غيره، فالحمد يكون للمحبوب أما المدح فقد يكون بدافع الخوف أو الطمع في المال أو غيره.
ويقولون كذلك أن المدح واسع والحمد عام، فالمدح قد يكون لحاضر أو غائب أو ميت أو حي أو حتى جماد، فذكرك محاسن الشي مدحًا أيا كان الممدوح.
كذلك يفرق بين المدح والحمد أن الحمد يكون بعد الإحسان إلى الحامد، أما المدح فقد يكون بعده وقد يكون قبله.
والحمد مأمور به لله عز وجل في أكثر من موضع أما المدح فمنهي عنه في مواضع كثيرة.
معنى الثناء: الثناء هو ذكر الصفات الطيبة والمزايا وما يستحب الوصف به، وهو معنى ينطوي عليه كل من المدح والحمد والشكر، والله تعالى أعلى وأعلم.