“هناك أمراض عديدة تُصيب الإنسان دون إنذار مسبق، وهناك أمراض خطيرة تنمو بغير أن يشعر الجسم بها، لذلك يوصي جميع أطباء الصحة أن يخضع كل الناس للفحوصات الشاملة كل فترة للكشف المبكر عن الأمراض فور حدوثها”.
لماذا نفتقر لثقافة دورية الفحص الطبي الشامل؟
أشار “د. وائل صفوت” استشاري الباطنة ومستشار منظمة الصحة العالمية للتوعية الصحية. إلى أنه بالفعل هذه الثقافة غائبة عن الكثير في العالم العربي كله، وقد يكون هذا راجع إلى أسباب نفسية أهمها الخوف من إكتشاف مرض خطير ومن ثَم الدخول في توابعه العلاجية وأعراضه، وبشكل عام يجب تغيير هذه الثقافة بالكلية، لأن الفحص الطبي الشامل بشكل دوري يساهم في الكشف المبكر على الأمراض الخطيرة وعلى رأسها السرطانات، ومن المعلوم أن إكتشاف الأورام السرطانية في بدايات تكونها يساهم بشكل كبير في تيسير وتسهيل علاجها، وليس السرطانات وحسب بل كل الأمراض الخطيرة، فهذه الأمراض إذا ما اكتُشفت في الوقت المناسب تعززت فرص الشفاء منها وقد تصل إلى نسبة 100%.
من أي عُمر يتوجب على الإنسان الإلتزام بالفحص الطبي الشامل بصفة دورية؟
الفحص الطبي الشامل يجب أن يبدأ منذ يوم الولادة الأول، فلكل فئة عمرية فحوصات خاصة ضرورية، فالرضع لابد وأن تُجرى لهم فحوصات دورية للإطمئنان على معدلات النمو وعمل الأجهزة الحيوية بالجسم ومعدلات إفراز هرمون الغدة الدرقية… وهكذا، وبمرور العمر تتغير طبيعة هذه الفحوصات وأهدافها بما يتناسب مع العمر، فنجد أن في مراحل الدراسة المبكرة تهتم الفحوصات بالكشف على النظر والأذن لتمكين الطفل من التحصيل الدراسي بشكل جيد، ومع مرحلة عمرية أكبر تركز الفحوصات على الأنيميا ونسب الهيموجلوبين بالدم وغيرها من المتغيرات التي تحدث لأعضاء الجسم بالتقدم في العمر.
وأضاف “د. وائل” فالفحوصات الشاملة الدورية أمر ضروري منذ نعومة الأظافر حتى الشيخوخة، ولكل فئة عمرية فحوصاتها الخاصة، بل ولكل جنس من الجنسين ما يناسبه من الفحوصات الدورية، وأيضاً تهتم الفحوصات الدورية وتتحدد بحسب التاريخ الطبي للمريض، فالسيدات – مثلاً – المالكات لأقارب من الدرجة الأولى أُصبن بسرطان الثدي يحتجن إلى فحوصات شاملة دورية لسرطان الثدي من أعمار مبكرة، ومن سن الأربعين تتجه الفحوصات ويزيد الاهتمام بها لأمراض التقدم في العمر مثل مشكلات القلب وإرتفاع الدهون والأمراض المزمنة كالسكري والضغط.
والخلاصة أن لكل فئة عمرية، ولكل جنس، ولكل مرض من الأمراض فحوصاته الدورية الشاملة الخاصة والمُركزة.
هل الفحص المبكر يساهم فعلاً في إكتشاف الأمراض؟
أي مرض له أنواع معينة من الفحوصات تُنفذ بشكل تدريجي أو مرحلي، وهو ما سيؤدي حتماً إلى إكتشاف المرض لا محالة، أما أن يتواجد المرض ولا يساهم الفحص المبكر في إكتشافه فهذا أمر صعب أو نادر الحدوث، فبالحديث مثلاً عن مرض السرطان الخبيث يتضح أن أولى فحوصاته هي التاريخ المرضي العائلي، حيث يتم رسم شجرة العائلة وتحديد الأقارب الذين أُصيبوا بهذا النوع من السرطان، ويتحدد أيضاً مرات تكرار الإصابة، وطبقاً للمتحصل عليه من معلومات في هذا الجانب يتم التعرف على الإستعداد الجيني للمرض وفق خرائط جينية مثبتة علمياً لكل مرض، وبفحص هذا الجين المسئول على المرض تظهر إحتمالات الإصابة ونسبها حتى لو لم تقع الإصابة فعلياً، وطبقاً لكل المعلومات الجينية المجمعة يتم تحديد صفة وطبيعة الفحوصات الدورية المستقبلية.
وأردف “د. وائل” وعليه من الصعب جداً أو لنقول من المحال أن تمر الإصابة دون أن يكشفها الفحص المبكر الدوري، ويعزز هذا الطرح تطور تقنيات وأجهزة الفحص والتحليل في الآونة الأخيرة، حيث أصبحنا نمتلك أجهزة دقيقة تقيس مثلاً ضغط الدم في الشرايين وعمر كل شريان وتحديد مدى الإستعداد الزمني للشريان للعمل وتوقعات بوقت توقفه أو عدم كفائته في العمل بالشكل الطبيعي أو تصلبه، وكذلك الحال مع القلب والرئة وباقي أعضاء الجسم، وبذلك يساهم ذلك في تتبع المرض حتى من قبل الإصابة الفعلية به.
هل الفحوصات الدورية الشاملة مُكلفة مادياً؟
حقيقةً توجد أنواع من الفحوصات الشاملة باهظة الثمن جداً خصوصاً مع الأمراض الخبيثة والمزمنة والمعقدة، وهنا تأتي أهمية أن يمتلك كل إنسان تأمين صحي تابع لمظلة صحية متكاملة في الدولة، فإن ذلك يسهل إتمام الفحوصات الطبية مقابل تكلفة بسيطة يتحملها المريض، ومن ثَم لا يتكاسل أو يتغافل الكثير عن إجراء المتابعات الدورية.
متى يتوجب فحص السكر للطفل الذي يعاني أحد أبويه من المرض؟
اختتم “د. وائل” حديثه بالتأكيد على أن فحص السكر بالدم يجب أن يبدأ مع عمر العشرين عند من يمتلكون تاريخ عائلي مع المرض، أما الأطفال المصابون بمرض السكري منذ الولادة فهذا لا علاقة له بالوارثة، فالإصابة بالسكر في الأعمار الصغيرة تتدخل فيه عوامل أخرى غير الوراثة.